التفاسير

< >
عرض

قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ ٱللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنْكَ وَٱرْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
١١٤
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال عيسى ابن مريم } لما رأى عليه السلام ان لهم غرضا صحيحا فى ذلك وانهم لا يقلعون عنه ازمع على استدعائها واستنزالها واراد ان يلزمهم الحجة بكمالها { اللهم } اى يا الله والميم عوض عن حرف النداء وهى كلمة عظيمة من قالها فقد ذكر الله تعالى بجميع اسمائه وفى الميم سبعون اسما من اسمائه تعالى قد اندرجت فيها { ربنا } ناداه سبحانه مرتين اظهارا لغاية التضرع ومبالغة فى الاستدعاء { انزل علينا مائدة من السماء } متعلق بأنزل { تكون لنا عيدا } صفة لمائدة واسم تكون ضمير المائدة وخبرها عيدا ولنا حال منه اى يكون يوم نزولها عيدا فعظمه وانما اسند ذلك الى المائدة لان شرف اليوم مستفاد من شرفها وقيل العيد السرور العائد ولذلك سمى يوم العيد عيدا { لاولنا وآخرنا } بدل من لنا باعادة العامل اى عيدا لمتقدمينا ومتأخرينا ـ روى ـ انها نزلت يوم الاحد ولذلك اتخذه النصارى عيدا { وآية } كائنة { منك } دالة على كمال قدرتك وصحة نبوتى { وارزقنا } اى المائدة والشكر عليها { وانت خير الرازقين } تذييل جار مجرى التعليل اى خير من يرزق لانه خالق الارزاق ومعطيها بلا عوض.
قال فى التأويلات النجمية { ربنا أنزل علينا مائدة من السماء } اى مائدة الاسرار والحقائق التى تنزلها من سماء العناية عليها اطعمة الهداية { تكون لنا } يعنى لاهل الحق وارباب الصدق { عيدا } نفرح بها { لاولنا وآخرنا } اى لاول انفاسنا وآخرها فان ارباب الحقيقة يراقبون الانفاس اولها وآخرها لتصعد مع الله وتهوى مع الله ففى صعود النفس مع الله يكون عيدا لهم وفى هويه مع الله عيدا لهم: كما قال بالفارسية [صوفيان دردمى دوعيد كنند].