التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣٤
-المائدة

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم } استثناء مخصوص بما هو من حقوق الله عز وجل كما ينبىء عنه قوله تعالى { فاعلموا ان الله غفور رحيم } أما ما هو من حقوق الآدميين فانه لا يسقط بهذه التوبة فان قطاع الطريق ان قتلوا انسانا ثم تابوا قبل القدرة عليهم يسقط بهذه التوبة وجوب قتلهم حدا وكان ولى الدم على حقه فى القصاص والعفو وان اخذوا مالا ثم تابوا قبل القدرة عليهم يسقط بهذه التوبة وجوب قطع ايديهم وارجلهم من خلاف وكان حق صاحب المال باقيا فى ماله وجب عليهم رده واما اذا تاب بعد القدرة عليه فظاهر الآية ان التوبة لا تنفعه ويقام الحد عليه فى الدنيا كما يضمن حقوق العباد وان سقط عنه العذاب العظيم فى العقبى.
والآية فى قطاع المسلمين لان توبة المشرك تدرأ عنه العقوبة قبل القدرة وبعدها يعنى ان المشرك المحارب لو آمن بعد القدرة عليه فلا سبيل عليه بشىء من الحدود ولا يطالب بشىء مما اصاب فى حال الكفر من دم او مال كما لو آمن قبل القدرة عليه. واما المسلمون المحاربون فمن تاب منهم قبل القدرة عليه اى قبل ان يظفر به الامام سقطت عنه العقوبة التى وجبت حقا لله ولا يسقط ما كان من حقوق العباد فان كان قد قتل فى قطع الطريق سقط عنه بالتوبة قبل القدرة عليه تحتم القتل ويبقى عليه القصاص لولى القتل ان شاء عفا عنه وان شاء استوفاه وان كان قد اخذ المال يسقط عنه القطع وان كان جمع بينهما يسقط عنه تحتم القتل والصلب ويجب ضمان المال.
وقال بعضهم اذا جاء تائبا قبل القدرة عليه لا يكون لأحد تبعة فى دم ولا مال الا ان يوجد معه مال بعينه فيرده على صاحبه.
روى عن على رضى الله عنه ان الحارث بن بدر جاءه تائبا بعد ما كان يقطع الطريق ويسفك الدماء ويأخذ الاموال فقبل توبته ولم يجعل عليه تبعة اصلا واما من تاب بعد القدرة عليه فلا يسقط عنه شىء من الحقوق.
اعلم ان قطع الطريق واخافة المسافرين من اقبح السيآت كما ان دفع الاذى عن الطريق من احسن الصالحات وفى الحديث
"عرضت على اعمال امتى حسنها وسيئها فوجدت فى محاسن اعمالها الاذى يماط عن الطريق ووجدت فى مساوى اعمالها النخاعة تكون فى المسجد لا تدفن" .
وفى الحديث "من اشار الى اخيه"
.اى اخيه المسلم والذمى فى حكمه "بحديدة" اى بما هو آلة القتل لانه جاء فى رواية "بسلاح"
.مكان بحديدة "فان الملائكة تلعنه"
.يعنى تدعو عليه بالبعد عن الجنة اول الامر لانه خوف مسلما باشارته وهو حرام لقوله عليه الصلاة والسلام "لا يحل لمسلم ان يروع المسلم" .او لانه قد يسبقه السلاح فيقتله كما صرح به فى رواية مسلم "لا يشر احدكم الى اخيه فانه لا يدرى لعل الشيطان ينزغ فى يده وان كان اخاه"
.اى المشير اخا المشار اليه "لابيه وامه"
.يعنى فان كان هازلا ولم يقصد ضربه كنى به عنه لان الاخ الشقيق لا يقصد قتل اخيه غالبا.
والاشارة فى الآية ان محاربة الله ورسوله معاداة اولياء الله فان فى الخبر الصحيح حكاية عن الله تعالى
"من عادى لى وليا فقد بارزنى بالحرب وانى لأغضب لاوليائى كما يغضب الليث لجروه" ألا يرى ان بلعم بن باعوراء فى زمن موسى عليه السلام كان بحيث اذا نظر رأى العرش فلما مال الى الدنيا واهلها ميلة واحدة ولم يترك لولى من اوليائه حرمة واحدة سلب الله معرفته وجعله بمنزلة الكلب المطرود فجزاء مثل هذا المحارب ان يقتل بسكين الخذلان او يصلب بحبل الهجران على جذع الحرمان او تقطع ايديه عن اذيال الوصال وارجله من خلاف عن الاختلاف او ينفى من ارض القربة والائتلاف فله فى الدنيا بعد وهوان وفى الآخرة عذاب القطيعة والهجران الا الذين تابوا الى الله واستغفروا واعتذروا عن اولياء الله من قبل ان تقدروا عليهم برد الولاية ايها الاولياء فان ردكم رد الحق وقبولكم قبول الحق وان مردود الولاية مفقود العناية: قال الحافظ

كليد كنج سعادت قبول اهل دلست مبادكس كه درين نكته شك وريب كند

وفى المثنوى

لا جرم آنراه بر تو بسته شد جون دل اهل دل ازتوخسته شد
زود شان درياب واستغفار كن همجو ابرى كريها وزار كن
تاكلستان شان سوى توبشكفد ميو هاى بخته بر خود واكفد
هم بران دركردكم ازسك مباش باسك كهف ارشدستى خواجه تاش