التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ
١٢

روح البيان في تفسير القرآن

{ كذبت قبلهم } اى قبل اهل مكة { قوم نوح } قوم نوح كه بنى شيت وبنى قابيل بودند تكذيب كردند مر نوح را { واصحاب الرس } قبل كانت الرس بئرا بعدن لامة من بقايا ثمود وكان لهم ملك عدل حسن السيرة يقال له العليس كزبير وكانت البئر تسقى المدينة كلها وباديتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك لانها كانت بكرات كثيرة منصوبة عليها جمع بكرة بالفتح وهى خشبة مستديرة فى وسطها محزيستقى عليها ورجال كثيرون موكلون بها وأبازن بالزاى والنون من رخام وهى تشبه الحياص كثيرة تملأ للناس قال فى القاموس الابزن مثلثة الاول حوض يغتسل فيه وقد يتخذ من نحاس معرب آب زن انتهى وآخر للدواب وآخر للبقر والغنم والهوام يستقون عليها بالليل والنهار يتداولون ولم يكن لهم ماء غيره فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلى بدهن لتبقى صورته ولا تتغير وكذلك كانوا يفعلون اذا مات منهم الميت وكان ممن يكرم عليهم فلما مات شق ذلك عليهم ورأوا ان أمرهم قد فسد وضبحوا جميعا بالبكاء واغتنمها الشيطان منهم فدخل فى جثة الملك بعد موته بايام كثيرة فكلمهم وقال انى لم امت ولكنى قد تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم بعدى ففرحوا أشد الفرح وأمر لخاصته أن يضربوا حجابا بينه وبينهم ويكلمهم من ورآئه كيلا يعرف الموت فى صورته فنصبوه صنما من ورآء حجاب لا يأكل ولا يشرب وأخبرهم انه لا يموت ابدا وانه اله لهم وذلك كله ويتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وارتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم اقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر فاتفقوا على عبادته فبعث الله لهم نبيا كان الوحى ينزل عليه فى النوم دون اليقظة وكان اسمه حنظلة ابن صفوان فأعلمهم ان الصورة صنم لا روح له وان الشيطان فيه وقد أضلهم الله وان الله تعالى لا يتمثل بالخلق وان الملك لا يجوز أن يكون شريكا لله واوعدهم ونصحهم وحذرهم سطوة ربهم ونقمته فآذوه وعادوه وهو يتعدهم بالموعظة والنصيحة حتى قتلوه وطرحوه فى بئر وعند ذلك حلت عليهم النقمة فباتوا شباعى روآء من الماء وأصبحوا والبئر قد غار ماؤها وتعطل رشاؤها وهو بالكسر الحبل فصاحوا بأجمعهم وضبح النساء والولدان وضبحت البهائم عطشا حتى عمهم الموت وشملهم الاهلاك وخلفهم فى أرضهم السباع وفى منازلهم الثعالب والضباع وتبدلت لهم جناتهم وأموالهم بالسدر والشوك شوك العضاة والقتاد الاول بالكسرام غيلان او نحوه والثانى كسحاب شجر صلب شوكه كالابر فلا تسمع فيها الا عزيف الجن اى صوتهم وهو جرس يسمع فى المفاوز بالليل والازئير الاسد اى صوته من الصدر نعوذ بالله من سطواته ومن الاصرار على ما يوجب نقماته كذا فى التكملة نقلا عن تفسير المقرى وقيل الرس بئر قرب اليمامة او بئر بأذربيجان او واد كما قال الشاعر فهن لوادى الرس كاليد للفم. وقد سبق بعض الكلام عليه فى سورة الفرقان فارجع { وثمود } وقوم ثمود صالح راوهو ثمود بن عاد وهو عاد الآخرة وعاد هو عاد ارم وهو عاد الاولى