التفاسير

< >
عرض

وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ
١٤

روح البيان في تفسير القرآن

{ واصحاب الايكة } هم من بعث اليهم شعيب عليه السلام غير اهل مدين وكانوا يسكنون أيكة اى غيضة تنبت السدر والأراك وقد مر فى سورة الحجر { وقوم تبع } الحميرى ملك اليمن وقد سبق شرح حالهم فى سورة الدخان { كل كذب الرسل } اى فيما أرسلوا به من الشرائع التى من جملتها البعث الذى أجمعوا عليه قاطبة اى كل قوم من الاقوام المذكورين كذبوا رسلهم وكذب جميعهم جميع الرسل بالمعنى المذكور وافراد الضمير باعتبار لفظ الكل او كل واحد منهم كذب جميع الرسل لانفاقهم على التوحيد والانذار بالبعث والحشر فتكذيب واحد منهم تكذيب للكل وهذا على تقدير رسالة تبع ظاهر واما على تقدير عدمها وهو الاظهر فمعنى تكذيب قومه الرسل تكذيبهم لمن قبلهم من الرسل المجمعين على التوحيد والبعث والى ذلك كان يدعوهم تبع { فحق وعيد } اى فوجب وحل عليهم وعيدى وهى كلمة العذاب والوعيد يستعمل فى الشر خاصة بخلاف الوعد فانه يكون فى الخير والشر وفى الآية تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى لا تحزن بتكذيب الكفار اياك لانك لست باول نبى كذب وكل امة كذبت رسولها واصبر على أذاهم كما صبروا تظفر بالمراد كما ظفروا وتهديد لاهل مكة يعنى احذروا يا أهل مكة من مثل عذاب الامم الخالية فلا تكذبوا رسول الله فان الاشتراك فى العمل يوجب الاشتراك فى الجزآء. واعلم ان عموم أهل كل زمان الغالب عليهم الهوى والطبيعة الحيوانية فهم أهل الحس لا أهل العقل ونفوسهم متمردة بعيدة عن الحق قريبة الى الباطل كلما جاء اليهم رسول كذبوه وعلى ما جاء به قاتلوه فحق عليهم عذاب ربهم بما كفروا بأنعم الله فما أعياه اهلاكهم وفيه تسلية للاولياء ايضا من طريق الاشارة وتهديد لاهل الانكار ولعمرى انهم فى أيديهم كالانبياء فى ايدى الكفار ولكن الصبر مفتاح الفرج فكما ان الكفار مسخوا وخسفوا وأخذوا بأنواع النكال فكذا أهل الانكار مسخ الله بواطنهم وخسف بهم الارض يعنى ارض البشرية الكثيفة الظلمانية وأخذوا بأصناف الخذلان وهم لا يدرون انهم كذلك بل يحسبون انهم ناجون من كل المهالك لزيادة عماهم وحيرتهم نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المصدقين ويثبتنا على طريق أهل اليقين ويفيض علينا من بركاتهم ويشرفنا بآثار حركاتهم