التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ
١٦

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد خلقنا الانسان ونعلم ماتوسوس به نفسه } اى ما تحدث به نفسه وهو مايخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفى والخطرة الرديئة ومنه وساوس الحلى وبالفارسية وميدانيم آن جيزى راكه وسوسه ميكندمر اورابدان نفس اواز انديشهاى بد. والضمير لما أن جعلت موصولة والباء كما فى صوت بكذا وهمس به يعنى انها صلة او للانسان ان جعلت مصدرية والباء للتعدية اى ما تجعله موسوسا فان النفس تجعل الانسان قائما به الوسوسة قال فى الكشاف ما مصدرية لانهم يقولون حدث نفسه بكذا كما يقولون حدثته به نفسه وفيه اشارة الى ان الله تعالى كما يعلم حال الانسان قبل خلقه علما ثبوتيا كذلك يعلمه بعد خلقه علما فعليا ودخل فيه ماتوسوس به نفسه فانه مخلوق الله ايضا لايخفى عليه مخلوقه مطلقا ذلك من اوصاف النفس توسوس بذلك لتشوش عليه قلبه ووقته وفيه دخل آدم عليه السلام فان الله تعالى خلقه وعلم ماوسوست به نفسه فى اكل الشجرة وذلك بالقاء الشيطان قال بعض الكبار ليس للشيطان على باطن الانبياء من سبيل فخواطرهم لاحظ للشيطان فيها فهو يأتيهم فى ظاهر الحس فقط ولا يعملون بما يقول لهم ثم ان من الاولياء من يحفظ من الشيطان فى علم الله تعالى فيكون بهذه المثابة فى العصمة مما يلقى لافى العصمة من وصول ذلك الى قلبه لان الاولياء ليسوا بمشرعين بخلاف الانبياء عصمت بواطنهم لكونهم اصحاب الشرائع قال بعض الكبار مامن شخص من بنى آدمه الا ويخطر له كل يوم وليلة سبعون ألف خاطر لاتزيد ولا تنقص عدد الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور كل يوم فما شخص الا ويخلق من خواطره كل يوم سبعون ألف ملك ثم يرتفعون الى جهة البيت المعمور فاذا خرج السبعون ألفا من البيت المعمور كل يوم يجتمعون بالملائكة المخلوقين من الخواطر فيكون ذكرهم استغفارا لاصحابهم الى يوم القيامة ولكن من كان قلبه معمورا بذكر الله دآئما فالملائكة المخولقين من خواطره يمتازون عن الملائكة الذين خلقوا من خواطر قلب ليس له هذا المقام وسوآء كان الخاطر فيما ينبغى اوفيما لاينبغى فالقلوب كلها من هذا البيت المعمور خلقت فلا تزال معمورة دآئما وكل ملك يتكون من الخاطر يكون صورة صالحة فى علم الله لما نظر وان كان هو نفسه ملكا سبح وقد لايعلم ماخطر { ونحن أقرب اليه } اى الى الانسان { من حبل الوريد } ازرك جان وى بوى. اى اعلم بحاله ممن كان اقرب اليه من حبل الوريد وعبر عن قرب العلم بقرب الذات تجوز الا انه موجب له فاطلق الملزوم على اللازم وحبل الوريد مثل فى فرط القرب كقولهم هو منى بمعقد الازار والحبل العرق شبه بواحد من الحبال من حيث الهيئة واضافته بيانية وجوز الزمخشرى كونها بمعنى اللام ويجوز أن تكون كأضافة لجين الماء على ان يكون الحبل على حقيقته والوريدان عرقان مكتنفان لصفحتى العنق فى مقدمها متصلان بالوتين وهوعرق فى القلب اذا انقطع مات صاحبه يردان من الرأس اليه فالوريد بمعنى الوارد وقيل سمى وريد الان الروح الحيوانى يرده فالوريد حينئذ بمعنى المورود وفى المفردات الوريد عرق متصل بالكبد والقلب وفيه مجارى الروح وقوله ونحن أقرب ا ليه من حبل الوريد أى من روحه انتهى. ماوردى فرموده كه حبل الوريد ركيست متصل بدل وعلم خداى تعالى ببنده نزديكتر نيست از علم دل وى.
وفى التأويلات النجمية حبل الوريد أقرب اجزاء نفسه الى نفسه يشير به الى انه تعالى اقرب الى العبد من نفس العبد الى العبد فكما انه كل وقت يطلب نفسه يجدها لانها قريب منه فكذلك كل وقت يطلب ربه يجده لانه قريب منه كما قال تعالى
{ واذاسألك عبادى عنى فانى قريب } وفى الزبور ألا من طلبنى وجدنى

نحن أقرب كفت من حبل الوريد توبكندى بئر فكر را بعيد
اى كمان تيرها برسخاته در كنار من ومن مهجورم

و(قال الشيخ سعدى)

دوست نزديكثر ازمن بمنست وين عجيتركه من ازوى دورم
جكنم با كه توان كفت كه او درك كنار من ومن مهجرم

قال بعض الكبار شدة القرب حجاب كما ان غاية البعد حجاب و اذا كان الحق أقرب الينا من حبل الوريد فأين السبعون ألف حجاب التى بيننا وبينه فتأمل وقال البقلى ولو يرى الانسان نفسه لرأى هو ان نفسه ألا ترى كيف أخبر عن كمال قربه بنعت الاتحاد بقوله ونحن أقرب اليه من حبل الوريد ولذلك قال عليه السلام "من عرف نفسه فقد عرف ربه" اذ لانفس الاهوان فهمت ماقلت والا فاعلم ان الفعل قائم بالصفة والصفة قائمة بالذات فمن حيث عين الجمع ماهو الا هو ولا تظن الحلول فانه بذاته وصفاته منزه عن أن يكن له محل فى الحوادث هذا رمز العاشقين ألا ترى الى قول المجنون

انا من أهوى ومن أهوى انا نحن روحان حللنا بدنا
فاذا أبصر تنى أبصرته واذا أبصرته أبصرتنا

وقال الواسطى اى نحن اولى به وأحق أنا جمعناه بعد الافتراق وانشأناه بعد العدم ونفخنا فيه الروح فالاقرب اليه من هو أعلم به منه بنفسه وقال ايضا بى عرفت روحك بى عرفت نفسك كل ذلك لاظهار النعوت على قدر طاقة الخلق فاما الحقيقة فلا يتحملها العبد سماعا (وقال الكاشفى) وببايد دانست كه قرب حق تعالى بى جون وجكونه باشد اى عزيز كيفيت قرب حانرا كه بيوشته است بتن درمنى توان يافت قرب حق را كه بيوسته از كيفيت مقدس ومنزه است جكونه ادراك توان كرد وهمين مثنوى معنوى مذكوراست

قرب بجونست جانترابتو قرب حق راجون بدانى اى عمو
قرب نى بالاويستى رفتن است قرب حق از حبس هستى رستن است

در كشفت الاسار آورده كه قرب حق بحق آنست كه فرمود واسجد واقترب ودراحاديث قدسية واردست كه لايزال العبد يتقرب الى بالنواقل واين قرب اول بايمانست وتصديق وآخر باحسانست وتحقيق يعنى مقام مشاهدة كه أن تعبد الله كأنك تراه وقرب حق تعالىمربنده را دوقسمست بكى كافه خلق رابعلم وقدرت كقوله وهو معكم اينما كنتم ديكر خواص دوكاه را بخصائص برو شواهد لطف كه ونحن أقرب اليه اول اورا قربتى دهد غيبى تا ازجهانش برهانديش قرب بحد حقيقى تا ازآب وكلش باز بر داز هستىء موهوم بنده مى كاهد وازنيستىء اصلى زياده ظهور ميكند ناجناندجه در اول خود بود در آخر خود باشد انجا علايق مرتفع كردد واسباب منقطع ورسوم باطل وحدود متلاشى واشارت متناهى وعبارات منتفى وخبر منمحق وحق يكتا بخود باقى والله خير وأبقى

رأيت حبى بعين قلبى فقال من أنت قلت أنتا
انا الذى جزت كل حد بمحو أينى فأين أنتا
موجح بحر لمن الملك برايد ناكاه غرقة كردنددران بحرجه درويش وجه شاه
خرمن هستىء موهوم جنان سوازند آتش عشق كه نه دانه بماند نه كاه

قال ابو يزيد البسطامى قدس سره انسلخت من نفسى كما تنسلخ الحية من جلدها فنظرت فاذا انا هو اى ان من انسلخ من شهوات نفسه وهواها وهمها فلا يبقى فيه متسع لغير الله ولا يكون له هم سوى الله تعالى واذا لم يحل فى القلب الا جلال الله وجماله حتى صار مستغرقا يصير كأنه هو لا انه تحقيقا وفرق بين قولنا كأنه هو وبين قولنا هو هولكن قد يعبر بهو هو عن قولنا كأنه هو كما يقال زيد أسد فى مقام التشبيه مبالغة فى الشجاعة فان قلت مامعنى السلوك ومامعنى الوصول قلت معنى السلوك هو تهذيب الاخلاق والاعمال والمعارف وذلك اشتغال بعمارة الظاهر والباطن والعبد فى جميع ذلك مشغول بنفسه عن ربه الا انه مشتغل بتصفية باطنه ليستعد للوصول وانما الوصول هو ان ينكشف له جلية الحق ويصير مستغرقا به فان نظر الى معرفته فلا يعرف الا الله وان نظر الى همه فلاهم له سواه فيكون كله مشغولا بكله مشاهدة وهما لا يلتفت فى ذلك الى نفسه ليعمر ظاهره بالعبادة وباطنه بتهذيب الاخلاق و كل ذلك طهارة وهى البدآئة وانما النهاية أن ينسلخ عن نفسه بالكلية ويتجرد له فيكون كأنه هو وذلك هو الوصول كما فى شرح الاسماء الحسنى للامام الغزالىرحمه الله