التفاسير

< >
عرض

لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ
٣٥

روح البيان في تفسير القرآن

{ لهم مايشاؤن } من فنون المطالب كائناما كان سوى ماتقتضى الحكمة حجره وهو ما كان خبيثا فى الدنيا ابدا كاللواطة ونحوها فانهم لايشاؤونها كما سبق من ان الله يعصم أهل الجنة من شهوة محال او منهى عنه { فيها } متعلق بيشاؤون او حال من الموصول قال القشيرى يقال لهم قد قلتم فى الدنيا ماشاء الله كان فاليوم ماشئتم كان وهل جزآء الاحسان الا الاحسان { ولدينا } وعندنا { مزيد } اى زيادة فى النعيم على مايشاؤون وهو مالا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من انواع الكرامات التى لاعين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فانهم يسألون الله حتى تنتهى مسألتهم فيعطيهم ماشاؤا ثم يزيدهم من عنده مالم يسألوه ولم تبلغه أمانيهم وقيل ان السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذى قال تعالى { ولدينا مزيد } وقال الراغب الزيادة أن ينضم الى ماعليه الشىء من نفسه شىء آخر وروى من طرق مختلفة ان هذه الزيادة النظر الى وجه الله اشارة الى انعام وأحوال لايمكن تصورها فى الدنيا انتهى وكذا قال غيره المختار أن المزيد هو النظر الى وجه الله الكريم فيجتمعون فى كل يوم جمعة فلا يسألون شيأ الا أعطاهم وتجلى لهم ويقال ليوم الجمعة فى الجنة يوم المزيد وفى الحديث "ان فى الجنة مالاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" قال بعض الكبار هى المشاهدة الذاتية وما ينتج من دخول الجنة فى الدار الآخرة نتيجة الطاعات فى هذه الدار لمن اختصه لله فنتيجتنا فى هذه الدار طاعات ومجاهدات توصل الى تجليات ومشاهدات وفى التأويلات النجمية يشير الى أن من يريدنا ويعبر عن نعيم الجنة للوصول الينا فيصل الينا ولدينا يجد بالمزيد مايشاء أهل الجنة منها وهذا كما قال من كان لى كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لى وقال تعالى { من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه } فان قيل الزيادة فى الدنيا تكون أقل من رأس المال قلت المراد بالزيادة الكريمة على موعود الجنة لا من درجات الجنة لان الزيادة هنا ليست من جنس المزيد عليه حتى يلزم ذلك بخلافه فى قوله عليه السلام "ان الله زادكم صلاة ألا وهى الوتر" فان الزيادة هنا من جنس المزيد عليه وقضيته الفرضية الا انه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعا به فقيل بالوجوب فالزيادة من الله العزيز الا كبر اكبر واعز كما ان الرضوان من الكريم الا جود أكبر واجل والنظر الى وجهه الكريم كمال الرضى ومزيد فضل وعناية وقال الحسن البصرى ان الله ليتجلى لاهل الجنة فاذا رأوه نسوا نعيم الجنة ثم يقول الله لملائكته ردوهم الى قصورهم اذ لايهتدون بانفسهم لامرين لما طرأ عليهم من سكر الرؤية ولما زاد من الخير فى طريقهم فلم يعرفوها فلولا ان الملائكة تدل بهم ماعرفوا منازلهم فاذا وصلوا الى منازلهم تلقاهم أهلهم من الحور والولدان فيرون جميع ملكهم قد اكتسب بهاء وجمالا و نورا من وجوههم أفاضوه افاضة ذاتية على ملكهم فيقولون لهم لقد زدتم نورا وبهاء وجمالا على ماتركناكم عليه فيقول لهم أهلهم وكذلك أنتم قد زدتم من البهاء والجمال مالم يكن فيكم فافهم اسرار تسمية الرؤية بالزيادة لانها تورث زيادة الجمال والعلوم والكمال ويتفاوت الناس بالرؤية تفاوتا عظيما على قدر عملهم قال بعض الكبار اذا أخذ الناس منازلهم فى الجنة استدعاهم الحق تعالى الى رؤيته على مقام الكثيب وهو مسك ابيض فى جنة عدن وجعل فى هذا الكثيب منابر واسرة وكراسى ومراتب فيسارعون الى قدر هممهم ومراكبهم ومشيهم هنا فى طاعة ربهم فمنهم السريع والبطيء والمتوسط فيجتمعون فى الكثيب فكل شخص يعرف مرتبته علما ضروريا يهوى اليها ولا ينزل لما فيها كما يهوى الطفل الى الثدى والحديد الى المغناطيس لو رام أن ينزل فىغير مرتبته لما قدر ولو رام أن يتعشق بغير منزلته مااستطاع بل يرى فى منزلته انه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما فيه من النعيم تعشقا طبيعيا ذاتيا لا يقوم بنفسه بما هو عنده أحسن من حاله ولولا ذلك لكانت دار ألم وتنغيص ولم تكن جنة ولا نعيما فكل شخص مقصور عليه نعيمه

بعلم نظر كوش جامى كه نيست زتحصيل علم دكر حاصلى

(وقال المغربى)

نخست ديده طلب كن بس آنكهى ديدار ازانكه يار كند جلوه بر اولوا الابصار

(وقال الخجندى)

باروى توجيست جنت وحور هرجيز نكو نمايد ازدور