التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ
٣٨
فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ
٣٩

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما } من اصناف المخلوقات { فى ستة ايام } درشش روز آن يكشنبه تاشنبه الارض. فى يومين ومنافعها فى يومين والسموات فى يومين ولو شاء لكن ذلك فى اقل من لمح البصر ولكنه سن لنا التأنى بذلك فان العجلة من الشيطان الا فى ستة مواضع ادآء الصلاة اذا دخل الوقت ودفن الميت اذا حضر وتزويج البكر اذا ادركت وقضاء الدين اذا وجب وحل واطعام الضيف اذا نزل وتعجيل التوبة اذا اذنب قال بعض العارفين اذا فتح الله عليك بالتصريف فائت البيوت من ابوابها واياك والفعل بالهمة من غير الة وانظر الى الحق سبحانه كيف خمر طينة آدم بيديه وسواه وعدله ثم نفخ فيه الروح وعلمه الاسماء فأوجد الاشياء على ترتيب ونظام وكان قادرا أن يكون آدم ابتدآء من غير تخمير ولا شىء مما ذكر.
وفى التأويلات النجمية ولقد خلقنا سموات الارواح وارض الاشباح وما بينهما من النفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار فى ستة ايام اى فى ستة انواع من المخلوقات وهى محصورة فيما ذكرناه من الارواح والاشباح والنفوس والقلوب والاسرار وسر الاسرار فلا مخلوق الا وهو داخل فى جملتها فافهم جدا { وما مسنا } بذلك مع كونه مما لاتفى به القوى والقدر وبالفارسية ونرسيد مارا از آفرينش آنها { من لغوب } قال الراغب اللغوب التعب والنفس يقال اتانا ساعيا لاغبا خائفا تعبا وفى القاموس لغب لغبا ولغوبا كمنع وسمع وكرم اعيى اشد الاعياء وفى تاج المصادر اللغوب مانده شدن. وفعل يفعل فعولا وفعلا ايضا لغة ضعيفة والمعنى من اعياء ولا تعب فى الجملة وبالفارسية هيج رنجى وماندكى. فانه لو كان لاقتضى ضعفا فاقتضى فسادا فكان من ذلك شىء على غير ماأردناه فكان تصرفنا فيه غير تصرفنا فى الباقى وأنتم تشاهدون الكل على حد سوآء من نفوذ الامر وتمام التصرف.
وفى التأويلات النجمية { وما مسنا من لغوب } لانها خلقت بأشارة أمر كن كما قال تعالى
{ وما امرنا الا واحدة كلمح البصر } فأنى يمسه اللغوب وانه صمد لايحدث فى ذاته حادث انتهى وهذا رد على جهله اليهود فى زعمهم ان الله بدأ خلق العالم يوم الاحد وفرغ منه يوم الجمعة واستراح يوم الست واستلقى على العرش سبحانه عما يقولون علوا كبيرا قال العلماء ان الذى وقع من التشبيه لهذه الامة انما وقع من اليهود ومنهم أخذ. يقول الفقير هذه الآية نظير قوله تعالى { أولم يروا ان الله الذى خلق السموات والارض ولم يعى بخلقهن بقادر على أن يحيى الموتى } يدل عليه مابعد الآية وهو قوله { فاصبر على مايقولون } اى مايقوله المشركون فى شأن البعث من الاباطيل المبنية على الانكار واستبعاد فان من فعل هذه الافاعيل بلا فتور قادر على بعثهم والانتقام منهم او ما يقوله اليهود من مقالات الكفر والتشبيه وغيرهم وفى تفسير المناسبات لما دل سبحانه على شمول العلم واحاطة القدرة وكشف فيهما الامر أتم كشف وكان علم الحبيب القادر بما يفعل العدو أعظم نذارة للعدو وبشارة للولى سبب عن ذلك قوله { فاصبر على مايقولون } اى على جميع الذى يقوله الكفرة وغيرهم انتهى وفيه اشارة الى تربية النفوس بالصبر على مايقول الجاهلون من كل نوع من المكروهات وتزكيتها من الصفات المذمومات ملازمة للذكر والتسبيحات والتحميدات كما قال { وسبح بحمد ربك } اى نزهه تعالى عن العجز عما يمكن وعن وقوع الخلف فى اخباره التى من جملتها الاخبار بوقوع البعث وعن وصفه بما يوجب التشبيه حال كونك ملتبسا بحمده على ماانعم عليك من اصابة الحق وغيرها قال سهل فى الامالى سر اقتران الحمد بالتسبيح ابدا كمافى الآية وفى قوله { وان من شىء الا يسبح بحمده } ان معرفة الله تنقسم قسمين معرفة ذاته ومعرفة اسمائه وصفاته ولا سبيل الى اثبات احد القسمين دون الآخر واثبات وجود الذات من مقتضى العقل واثبات الاسماء والصفات من مقتضى الشرع فبالعقل عرفت المسمى وبالشرع عرفت المسمى ولا يتصور فى العقل اثبات الذات الا مع نفى سمات الحدوث عنها وذلك هو التسبيح ومقتضى العقل مقدم على مقتضى الشرع وانما جاء الشرع المنقول بعد حصول النظر والعقول فنبه العقول على النظر فعرفت ثم علمها مالم تكن تعلم من الاسماء فانضاف لها الى التسبيح الحمد والثناء فما أمرنا الا بتسبيحه بحمده { قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } هما وقتا الفجر والعصر وفضيلتهما مشهورة فالتسبيح فيهما بمكان وفى طه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها راعى القياس لان الغروب للشمس كما ان الطلوع لها