التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
١١
-الذاريات

روح البيان في تفسير القرآن

{ الذين هم } لفظ هم مبتدأ وخبره قوله { فى غمرة } من الجهل والضلال تغمرهم وتغشاهم عن امر الآخرة قال الراغب أصل الغمر ازالة اثر الشىء ومنه قيل للماء الكثير الذى يزيل اثر مسيله غمر وغامر وبه شبه الرجل السخى والفرس الشديد العد وفقيل لهما غمر كما شبها بالبحر والغمرة معظم الماء الساترة لمقرها وجعلت مثلا للجهالة التى تغمر صاحبها والى نحوه أشار بقوله { فأغشيناهم } وقيل للشدآئد غمرات قال تعالى { فى غمرات الموت } وقال الشاعر

قال العواذل اننى فى غمرة صدقوا ولكن غمرتى لا تنجلى

{ ساهون } خبر بعد خبر اى غافلون عما امروا به قال بعضهم الغمرة فوق الغفلة والسهو دون الغفلة قال الراغب السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان احدهما ان لايكون من الانسان جوالبه وموالداته كمجنون سب انسانا والثانى أن يكون مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لاعن قصد الى فعله فالاول معفو عنه والثانى مأخوذ به وعلى الثانى ذم الله تعالى فقال { الذين هم فى غمرة ساهون } وفى كشف الاسرار الخراصون هم القتسمون الذين اقتسموا عقاب مكة واقتسموا القول فى النبى عليه السلام ليصرفوا الناس عن دين الاسلام يعنى ان أهل مكة أقاموا رجالا على عقاب مكة يصرفون الناس يعنى بوقت ورود قوافل برعقاب مكة نشتتندى وهريك در حق مصطفى عليه السلام بآينده ورونده دروغ كفتندى ومرد مانرا از صبحت شريف وى باز داشتندى حق تعالى ايشانرا لعنت كرده. قال ابو الليث فمنهم من يأخذ بقولهم ويرجع ومنهم من لايرجع وفى الآية اشارة الى أهل الدعوى الذين هم فى غمرة الحسبان والغرور وهم ملعونون اى مطرودون عن مقامات أهل الطلب فانه ليس لهم طلب ولو طلبوا الوجدوا ما وجد أهل الطلب قال سهل رضى الله عنه توضأت فى يوم جمعة فمضيت الى الجامع فى ايام البداية فوجدته قد امتلأ بالناس وهم الخطيب أن يرقى المنبر فأسأت الأدب ولم ازل اتخطى رقاب الناس حتى وصلت الى الصف الاول فجلست فاذا هو عن يمينى شاب حسن المنظر طيب الرآئحة عليه اطمار صوف فلما نظر الى قال كيف نجدك ياسهل قلت بخير أصلحك الله وبقيت متفكرا فى معرفته لى وانا لم أعرفه فبينما أنا كذلك اذ أخذنى حرقان بول فأكرى فبقيت على وجل خوفا ان أتخطى رقاب الناس وان جلست لم تكن لى صلاة فالتفت الى وقال ياسهل أخذك حرقان بول قلت اجل فنزع احرامه عن منكبه فغشانى به ثم قال اقض حاجتك واسرع فالحق الصلاة قال فغمى على وفتحت عينى واذا بباب مفتوح وسمعت قائلا يقول لج الباب يرحمك الله فولجت واذا بقصر مشيد عالى البناء شامخ الاركان واذا بنخلة قائمة والى جنبها مطهرة مملوءة ماء أحلى من الشهد ومنزل اراقة الماء ومنشفة معلقة وسواك فحللت لباسى وارقت الماء ثم اغتسلت وتنشفت بالمنشفة فسمعته ينادينى فيقول ان كنت قضيت اربك فقل نعم فقلت نعم فنزع الاحرام عنى فاذا انا جالس فى مكانى ولم يشعر بى احد فبقيت متفكرا فى نفسى وانا مكذب نفسى فيماجرى فقامت الصلاة وصلى الناس فصيلت معهم ولم يكن لى شغل الا الفتى لأعرفه فلما فرغ تبعت أثره فاذا به قد دخل على درب فالتفت الى وقال ياسهل كأنك ماأيقنت بما رأيت قلت كلا لج الباب يرحمك الله فنظرت الباب بعينه فولجت القصر فنظرت النخلة والمطهرة والحال بعينه والمنشفة مبلولة فقلت آمنت بالله فقال ياسهل من أطاع الله أطاعه كل شىء ياسهل اطلبه تجده فتغرغرت عيناى بالدموع فمسحتها وفتحتها فلم أر الفتى ولا القصر فبقيت متحسرا على ما فاتنى منه ثم اخذت فى العبادة