التفاسير

< >
عرض

وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ
٢١
-الذاريات

روح البيان في تفسير القرآن

{ وفى انفسكم } اى فى انفسكم آيات اذ ليس فى العالم شىء إلا وفى الانفس له نظير يدل دلالته على ماسبق تطبيق العالم الصغير بالكبير فى اواخر السجدة عند قوله { سنريهم آياتنا } الخ مع ما انفرد به من الهيئات النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة والتمكن من الافعال البديعة واستنباط الصنائع المختلفة واستجماع الكمالات المتنوعة وفى بحر العلوم وفى الارض دلائل من انواع الحيوان والاشجار والجبال والانهار وفى أنفسكم آيات لهم من عجائب الصنع الدالة على كمال الحكمة والقدرة والتدبير والارادة فيكن تخصيصا بعد تعميم لان أنفس الناس مما فى الارض كأنه قيل فى الارض آيات للموحدين العاقلين وفى أنفسكم خصوصا آيات لهم لان أقرب المنظور فيه من كل عاقل نفسه ومن ولد منها ومافى بواطنها وظواهرها من الدلائل الواضحة على الصانع وفى نقلها من هيئة وحال الى حال من وقت الميلاد الى وقت الوفاة قال بعضهم

ففى كل شىء له آية تدل على انه واحد

وذلك لان كل شىء بجسمه واحد وكذا بروحه ولا عبرة بكثرة الاجزاء والاعضاء وما من عدد الا ويصح وصفه بالوحدة فيقال عشرة واحدة ومائة واحدة على ان كل جسم فهو منتهى الى الجزء الذى لايتجزى وهو النقطة وكل الف فهو اما مركب من نقاط ثلاث او خمس او سبع وقس عليه سائر التركيبات الحروفية والفعلية وفى التأويلات النجمية يشير الى ان نفس الانسان مرءآة جميع صفات الحق ولهذا قال عليه السلام "من عرف نفسه فقد عرف ربه" فلا يعرف احد نفسه الاّ بعد كمالها وكمالها فى أن تصير مرآءة تامة مصقولة قابلة لتجلى صفات الحق لها فيعرف نفسه بالمرءآتية ويعرف ربه بالمتجلى فيها كما قال تعالى { سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهمحتى يتبين لهم انه الحق } }

جهان مرآت حسن شاهد ماست فشاهد وجهه فى كل ذرات

{ أفلا تبصرون } اى ألا تنظرون فلا تبصرون بعين البصيرة حتى تعتبروا وتستدلوا الصنعة على الصانع وبالنقش على النقاش وكذا على صفاته (قال الكاشفى) استفهام بمعنى امرست يعنى بنظر عبرت درنكريد وعلامات كمال صنع درذات خود مشاهده كنيددر حقايق سلمى مذكور است كه هركه اين آيتها در نفس خودبيند ودر صفحه وجود آثار قدرت مطالعه نتمايد حظ خودرا ضايع كرده باشد واز زندكانى هيج بهره نيابد

نظرى بسوى خوده كن كه توجان دلربايى مفكن بخاك خودراكه تواز بلند جايى
تو زجشم خود نهانى توكما ل خود جه دانى جودراز صدف برون آكه توبس كران بهايى

قال الواسطى تعرف الى قوم بصفاته وافعاله وهو قوله{ وفى أنفسكم أفلا تبصرون } وتعرف الى الخواص بذاته فقال الم ترا الى ربك (روى) ان عليا رضى الله عنه صعد المنبر يوما فقال سلونى عما دون العرش فان مابين الجوانح علم جم هذا لعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى فمى هذا مارزقنى الله من رسول الله رزقا فوالذى نفسى بيده لو اذن للتوراة والانجيل ان يتكلما فأخبرت بما فيهما لصدقانى على ذلك وكان فى المجلس رجل يمانى فقال ادعى هذا الرجل دعوى عريضة لافضحنه فقام وقال يا على اسأل قال سل تفقها ولا تسأل تعنتا فقال أنت حملتنى على ذلك هل رأيت ربك ياعلى قال ما كنت اعبد ربا لم اره فقال كيف رأيت قال لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأت القلوب بحقيقة الايمان ربى واحد لاشريك له احد لاثانى له فرد لامثل له لايحويه مكان ولايداوله زمان لايدرك بالحواس ولايقاس بالقياس فسقط اليمانى مغشيا عليه فلما افاق قال عاهدت الله ان لاأسأل تعنتا (وحكى) عن بعض الصالحين انه رأى فى المنام معروفا الكرخى شاخصا بصره نحو العرش قد اشتغل عن حور الجنة وقصورها فسألت رضوان من هذا قال معروف الكرخى مات مشتاقا الى الله فأباح له أن ينظر اليه وهذا النظر هناك من نتائج النظر بالقلب فى الدنيا لقوله تعالى { ومن كان فى هذه اعمى فهو فى الآخرة اعمى } واما النظر بالبصر فى الدنيا فلما لم يحصل لموسى عليه السلام لم يحصل لغيره اذ ليس غيره اكمل قابلية منه الا ماحصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان فى خارج حد الدنيا اذ كان فوق العرش والعرش من العالم الطبيعى وملاق لعالم الارواح. واعلم ان رؤية العوام فى مرتبة العلم ورؤية الخواص فى مرتبة العين ولهم مراتب فى التوحيد كالافعال والصفات والذات فليجتهد العاقل فى الترقى من مرتبة العلم الى مرتبة العين ومن الاستدلال الى الشهود والحضور