التفاسير

< >
عرض

فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ
٢٣
-الذاريات

روح البيان في تفسير القرآن

{ فورب السماء والارض } اقسم الله بنفسه وذكر الرب لانه فى بيان التربية بالرزق { انه } اى ما توعدون او ما ذكر من امر الآيات والرزق على انه مستعار لاسم الاشارة { لحق } هر آينه راستست. وفى الحديث "ابى ابن آدم ان يصدق ربه حتى اقسم له فقال فورب" الخ وقال الحسن فى هذه الآية بلغنى ان رسول الله عليه السلام قال "قاتل الله اقواما اقسم الله لهم بنفسه فلم يصدقوه" انتهى ولو وعد يهودى لانسان رزقه واقسم عليه لاعتمد بوعده وقسمه فقاتله الله كيف لايعتمد على الرزق قال هرم بن سنان لأويس القرنى رضى الله عنه اين تأمرنى ان اكون فأومأ الى الشأم فقال هرم كيف المعيشة بها قال اويس اف لهذه القلوب قد خالطها الشك فما تنفعها العظة { مثل ماانكم تنطقون } اى كما انه لاشك لكم فى انكم تنطقون ينبغى ان لاتشكوا فى حقيقته وبالفارسية همجنانكه شك نيست شمارادر سخن خودشك نيست در روزى دادن من وغيراو. ونصبه على الحالية من المستكن فى الحق او على انه وصف لمصدر محذوف اى انه لحق حقا مثل نطقكم فانه لتوغله فى الابهام لايتعرف باضافته الى المعرفة وما زآئدة او عبارة عن شىء على ان يكون مابعدها صفة لها بتقدير المبتدأ اى هو انكم تنقطون.
وفى التأويلات النجمية كما نطقكم الله فتنطقون بقدرته بلا شك كذلك حق على الله ان يرزقكم ماوعدكم وانما اختص التمثيل بالنطق لانه مخصوص بالانسان وهو اخص صفاته انتهى وفى الآية دليل للتوكل على الله و حث على طلب الحوائج منه واحالهم على رؤية الوسائط ولو كانوا على محل التحقيق لما احالهم على السماء ولا على الارض فانه لو كانه السماء من حديد والارض من نحاس فلم تمطر ولم تنبت وكان رزق جميع العباد على رقبة ولى من اولياء الله الكمل مايبالى لانه خرج من عالم الوسائط ووصل الى صاحب الوسائط والله تعالى انما يفعل عند الاسباب لا بالاسباب ولو رفع الاسباب لكان قادرا على ايصال الرزق فانه انما يفعل بأمر كن وبيده الملكوت وهذا مقام عظيم فلما سلمت النفوس فيه من الاضطراب والقلق لعل الفتاح ادخلنا فى دائرة الفتوح آمين وعن الاصمعى اقبلت فى البصرة من الجامع بعد الجمعة فطلع اعرابى على قعود وهو بالفتح من الابل مايقتعده الراعى فى كل حاجة فقال من الرجل قلت من بنى اصمع قال من اين اقبلت قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن اى من بيت الله الحرام قال اتل على فتلوت والذاريات فلما بلغت قوله
{ وفى السماء رزقكم } قال حسبك فقام الى ناقته فنحرها ووزعها على من اقبل وادبر وعمد الى سيفه وقوسه فكسرهما وولى فلما حججت مع الرشيد طفقت اطوف فاذا انا بمن يهتف بى بصوت دقيق فالتفت فاذا انا بالاعرابى قد نحل واصفر فسلم فاستقرأ السورة فلما بلغت الآية صاح فقال قد وجدنا ماوعد ربنا حقا ثم قال وهل غير هذا فقرأت فورب السماء والارض انه لحق فصاح وقال ياسبحان الله من ذا الذى اغضب الجليل حتى حلف لم يصدقوه بالقول حتى الجأوه اليمين قالها ثلاثا وخرجت معه نفسه نسأل الله التوكل والاعتماد