التفاسير

< >
عرض

وَتَرَكْنَا فِيهَآ آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ
٣٧
-الذاريات

روح البيان في تفسير القرآن

{ وتركنا فيها } اى فى تلك القرى { آية } علامة دالة على ماأصابهم من العذاب هى تلك الحجارة او ماء أسود منتن خرج من ارضهم { للذين يخافون العذاب الاليم } اى من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوى القلوب القاسية فانهم لايعتدون به ولا يعدونها آية كما شاهدنا أكثر الحجاج حين المرور بمدآئن صالح عليه السلام وكان عليه السلام يبكى حين المرور بمثل هذه المواضع وينكس رأسه ويأمر بالبكاء والتباكى ودلت الآية على كمال قدرته تعالى على انجاء من يؤيد دينه والانتقام من اعدآئه ولو بعد حيث وعلى ان المعتبر فى باب النجاة والحشر مع اهل الفلاح والرشاد هو حبهم وحسن اتباعهم وهو الاتصال المعنوى لا الاختلاط الصورى والا لنجت امرأة نوح ولوط وقد قال تعالى فى حقهما { ادخلا النار مع الداخلين } فعلى العاقل باتباع الكامل والاحتراز عن اهل الفساد والقصور سيما الناقصات فى العقل والدين والشهادة والميراث والنفسانية والشيطانية غالبة فيهن فاذا اقترن بمضل آخر فسدن وفى الآية اشارة الى ان القوم المجرمين المسرفين هم النفس وصفاتها الذميمة والاذكار والاوراد والمجاهدات والرياضيات مهلكة للنفس واوصافها وليس فى مدينة الشخص الانسانى من المسلمين الا القلب السليم واوصافه الحميدة فهى سالمة من الهلاك واذا اهلكت النفس واوصافها بما ذكر يكون تزكيتها وتهذيب اخلاقها آية وعبرة للذين يخافون العذاب الاليم بوعيد { قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها } ثم هذه التزكية وان كان حصولها فى الخارج بالاسباب والوسائط لكنها فى الحقيقة فضل من الله سبحانه والا لنالها كل من تشبث بالاسباب نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من اهل النفوس المطمئنة الراضية الصافية