التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ
٦
-الذاريات

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان الدين لواقع } اى وان الجزآء على الاعمال لحاصل وكائن لامحالة فان من قدر على هذه الامور البديعة المخالفة لمقتضى الطبيعة فهو قادر على البعث الموعود قال بعضهم قد وعد الله المطيعين بالجنة والتائبين بالمحبة والاولياء بالقربة والعارفين بالوصلة والطالبين بالوجدان كما قال ألا من طلبنى وجدنى ووعد الله واقع البتة ومن اوفى بعهده من الله واوعد الفاسقين بالنار والمصرين بالبغضاء والاعدآء بالبعد والجاهلين الغافلين بالفراق والبطالين بالفقدان قال بعضهم ماالحكمة فى معنى القسم من الله تعالى فانه ان كان لاجل المؤمن فالمؤمن يصدق بمجرد الاخبار من غير قسم وان كان لاجل الكافر فلا يفيده والجواب ان القرءآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم اذا أرادت أن تؤكد أمرا والحكم يفصل باثنين اما بالشهادة واما بالقسم فذكر الله فى كتابه النوعين حتى لايبقى لهم حجة فقال شهد الله الآية ولا يكون القسم الا باسم معظم وقد أقسم الله بنفسه فى القرءآن فى سبعة مواضع والباقى من القسم القرءآنى قسم بمخلوقاته كما فى عنوان هذه السورة ونحوه والتين والزيتون والصفات والشمس والليل والضحى وغير ذلك فان قلت ماالحكمة فى ان الله تعالى قد أقسم بالخلق وقد ورد النهى عن القسم بغير الله تعالى قال فى ترجمة الفتوحات حذركن كه بغير دين اسلام بدينى ديكر سوكند يادكنى ياكويى اكر جنين باشد از دين اسلام بيزارم ودرين صورت ازنهر احيتاط تجديد ايمان كن ونهى آمده است ازانكه كسى بغير الله سوكند يادكند انتهى. قلت فيه وجوه الاول انه على حذف المضاف اى ورب الذاريات ورب التين ورب الشمس والثانى ان العرب كانت تعظم هذه الاشياء وتقسم بها فنزل القرءآن على مايعرفون والثالث ان الاقسام انما يكون بما يعظمه المقسم او يجله وهو فوقه والله تعالى ليس شىء فوقه فاقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لانها تدل على بارىء وصانع حكيم وقال بعضهم القسم بالمصنوعات يستلزم بالصانع لان ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل اذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل وقال بعضهم ان الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه وليس لاحد أن يقسم الا بالله وقال بعضهم القسم اما لفضيلة او منفعة ولا تخلو المصنوعات عنهما