التفاسير

< >
عرض

مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ
٢٠
-الطور

روح البيان في تفسير القرآن

{ متكئين } حال من الضمير فى كلوا واشربوا اى معتمدين ومستندين { على سرر } جمع سرير وهو الذى يجلس عليه وهو من السرور اذا كان ذلك لاولى النعمة وسرير الميت تشبيه به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذى يلحق الميت برجوعه الى الله وخلاصه من سجنه المشار اليه بقوله عليه السلام "الدنيا سجن المؤمن" { مصفوفة } مصطفة قد صف بعضها الى جنب بعض او مرمولة اى مزينة بالذهب والفضة والجواهر وبالفارسية برتختهاى يافته بزر. والظاهر ان جمع السرر مبنى على أن يكون لكل واحد منهم سرر متعددة مصطفة معدة لزآئريهم فكل من اشتاق الى صديقه يزوره فى منزله قال الكلبى صف بعضها الى بعض طولها مائة ذراع فى السماء يتقابلون عليها فى الزيارة واذا اراد أحدهم القعود عليها تطامنت واتضعف فاذا قعد عليها ارتفعت الى اصل حالها { وزوجناهم بحور عين } واحد الحور حورآء وواحد العين عيناء وانما سمين حور الان الطرف يحار فى حسنهن وعينا لأنهن الواسعات الا عين مع جمالها والباء للتعدية مع ان التزويج مما يتعدى الى مفعولين بلا واسطة قال تعالى زوجنا كنا لما فيه من معنى الوصل والالصاق او للسببية والمعنى صيرناهم ازواجا بسبهن فان الزوجية لاتتحقق بدون انضمامهن اليهم يعنى ان التزويج حينئذ ليس على اصل معناه وهو النكاح وعقد النكاح بل بمعنى تصييرهم ازواجا فلا يتعدى الى مفعولين وبالفارسية وجفت كردانيم ايشانرا برنان سفيد روى كشاده جشم. قال الراغب وقرناهم بهن ولم يجيىء فى القرءآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها على ان ذلك لم يكن على حسب التعارف فيما بيننا من المناكح انتهى قال فى فتح الرحمن وقرناهم وليس فى الجنة تزويج كالدنيا انتهى يعنى ان الجنة ليست بدار تكليف فشأن تزوج اهل الجنة بالحور بقبول بعضهم بعضا لا بأن يعقد بينهم عقد النكاح قال فى الواقعات المحمودية ان لاهل الجنة بيوت ضيافة يعملون فيها الضيافة للاحباب ويتنعمون ولكن اهليهم لايظهرن لغير المحارم انتهى.
يقول الفقير الظاهر ان عدم ظهورهن ليس من حيث الحرمة بل من حيث الغيرة يعنى ان اهل الرجل اشارة الى سره المكتوم فاقتضت الغيرة الالهية ان لاتظهر لغير المحارم كما ان السر لايفشى لغير الاهل والا فالحل والحرمة من توابع التكليف ولا تكليف هنالك وانما كان ذلك ونحوه من باب التلذذ