التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ
٢١
-الطور

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين آمنوا } مبتدأ خبره الحقنا بهم { واتبعتهم ذريتهم } عطف على آمنوا اى نسلهم { بايمان } متعلق بالاتباع والتنكير للتقليل اى بشىء من الايمان وتقليل الايمان ليس مبنيا على دخول الاعمال فيه بل المراد قلة ثمراته ودناءة قدره بذلك فالتقليل فيه بمعنى التحقير والمعنى واتبعتهم ذريتهم بايمان فى الجملة قاصرين عن رتبة ايمان الآباء واعتبار هذا القيد للايذان بثبوت الحكم فى الايمان الكامل اصالة لا الحاقا { الحقنا بهم ذريتهم } اى اولادهم الصغار والكبار فى الدرجة كما روى انه عليه السلام قال "انه تعالى يرفع ذرية المؤمن فى درجته وان كانوا دونه لتقربهم عينه" اى يكمل سروره ثم تلا هذه الآية وفيها دلالة بينة على ان الولد الصغير يحكم بايمانه تبعا لاحد ابويه وتحقيقا للحوقة به فانه تعالى اذا جعلهم تابعين لآبائهم ولاحقين بهم فى احكام الآخرة فينبغى أن يكونوا تابعين لهم ولاحقين بهم فى احكام الدنيا ايضا قال فى فتح الرحمن ان المؤمنين اتبعتهم اولادهم الكبار والصغار بسبب ايمانهم فكبارهم بايمانهم بأنفسهم وصغارهم بأن اتبعوا فى الاسلام بآبائهم بسبب ايمانهم لان الولد يحكم باسلامه تبعا لاحد ابويه اذا أسلم وهو مذهب ابى حنيفة والشافعى واحمد وقال مالك يحكم باسلامه تبعا لاسلام ابيه دون امه واما اذا مات احد ابويه فى دار الاسلام فقال احمد يحكم باسلامه وهو من مفردات مذهبه خلافا للثلاثة واختلفوا فى اسلام الصبى المميز وردته فقال الثلاثة يصحان منه وقال الشافعى لايصحان وفى هدية المهديين اسلام الصبى العاقل وهو من كان فى البيع سالبا وفى الشرآء جالبا صحيح استحسانا حتى لايرث من اقاربه الكفار ويصلى عليه اذا مات وارتداده ارتداد استحسانا فى قول ابى حنيفة ومحمد الا انه يجبر على احسن الوجوه ولا يقتل لانه ليس من اهل العقوبة وفى الاشباه ان قيل اى مرتد لايقتل فقل من كان اسلامه تبعا او فيه شبهة واى رضيع يحكم باسلامه بلا تبعية فقل لقيط فى دار الاسلام وفى الهدية ايضا صبى وقع من الغنمية فى سهم رجل فى دار الحرب او بيع به فمات يصلى عليه لانه يصير مسلما حكما تبعا لمولاه بخلاف ماقبل القسمة فانه حنيئذ يكون على دين ابويه وفى الفتوحات المكية الطفل المسبى فى دار الحرب اذا مات ولم يحصل منه تمييز ولا عقل يصلى عليه فانه الى فطرة الاسلام وهذا اولى ممن قال لايصلى عليه لان الطفل مأخوذ من الطفل وهو ماينزل من السماء غدوة وعشية وهو اضعف من الرش والوبل فلما كان بهذا الضعف كان مرحوما والصلاة رحمة فالطفل يصلى عليه اذا مات بكل وجه انتهى وان دخل الصبى فى دار الاسلام فان كان معه ابواه او احدهما فهو على دينهما وان مات الابوان بعد ذلك فهو على ماكان كما فى الهدية وان لم يكن معه واحد منهما حين دخل الاسلام يصير مسلما تبعا للدار وللمولى ولو اسلم احد الابوين فى دار الحرب يصير الصبى مسلما باسلامه وكذا لو اسلم احد الابوين فى دار الاسلام ثم سبى الصبى بعده من دار الحرب فصار فى دار الاسلام كان مسلما باسلامه { وما التناهم } وما نقصنا الآباء بهذا الالحاق وال الأبغضوهم فى الدنيا شحا كما فى عين المعانى من ألت يألت كضرب يضرب قال فى القاموس ألته حقا يألته نقصه كآلته ايلاتا { من عملهم } من ثواب عملهم { من شىء } من الاولى متعلقة بألتناهم والثانية زآئدة والمعنى ما نقصناهم من عملهم شيأ بأن اعطينا بعض مثوباتهم ابناءهم فتنتقص مثوبتهم وتنحط درجتهم وانما رفعناهم الى درجتهم ومنزلتهم بمحض التفضل والاحسان. يعنى بلكه بفضل وكرم خود اولاد را رفعت درجة ارزانى فرمودم شيخ الاسلام حسين مروزى ازاستاد خود احمد بن ابى على سرخسى رحمهما الله نقل ميكند كه ايمان وعمل جز بفضل لم يزلى نيست

در فضل خدا بند دل خويش مدام تافضل نباشد نبود كار تمام

وسألت خديجة رضى الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولدين لها ماتا فى الجاهلية فقال عليه السلام "هما فى النار" فكرهت فقال عليه السلام "لو رأيت مكانهما لابغضتهما" قالت فالذى منك قال "فى الجنة ان المؤمنين واولادهم فى الجنة وان المشركين واولادهم فى النار" كما فى عين المعانى وقال الامام محمد ان الامام الاعظم توقف فى اطفال المشركين والمسلمين والمختار ان اطفال المسلمين فى الجنة واما ماروى انه توفى صبى من الانصار فدعى النبى عليه السلام الى جنازته فقالت عائشة رضى الله عنها طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال عليه السلام "او غير ذلك اتعتقدين ماقلت" والحق غير الجزم به ان الله خلق الجنة وخلق النار فخلق لهذه اهلا فانما نهاها عن الحكم على معين بدخول الجنة كما فى شرح المشارق لابن الملك وقال موسى رمضان فى شرح العقائد ولا يشهد بالجنة والنار لاحد بعينه بل يهشد بأن المؤمنين من اهل الجنة والكافرين من اهل النار وكذا اطفالهم تبعا لهم وقيل هم فى الجنة اذلا اثم لهم وقيل هم فى الاعراف و وجهه ان عدم التيقن لعدم العلم بخاتمته واذا مات ولد المؤمن طفلا فخاتمته الايمان لامحالة تبعا لأبيه الا أن يكون تابعا الخاتمة أبيه وهى غير معلومة انتهى واختار البعض فى اطفال المشركين كونهم خدام اهل الجنة كما فى هدية المهديين والاكثرون على انهم فى النار تبعا لآبائهم وقال آخرون انهم فى الجنة لكونهم غير مكلفين وتوقف فيه طائفة وهو الظاهر كما فى شرح المشارق لابن الملك وبقى قول آخر وهو ان الصبيان المجانين واهل الفترة يرسل اليهم يوم القيامة رسول من جنسهم ويدعون الى الايمان ويمتحن المؤمن بايقاع نفسه فى نار هناك فمن قبل الدعوة ولم يمتنع عن الايقاع المذكور خلص لانها ليست بنار حقيقة والادخل النار اى جهنم وقال الشيخ روز بهان البقلى فىعرآئس البيان عند الآية هذا اذا وقعت فطرة الذرية من العدم سليمة طيبة طاهرة صالحة لقبول معرفة الله ولم تتغير من تأثير صحبة الاضداد لقوله عليه السلام "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه" فاذا بقيت على النعت الاول ووصل اليها فيض مباشرة نور الحق ولم تتم عليها الاعمال يوصلها الله الى درجة آبائهم وامهاتهم الكبار من المؤمنين اذ هناك تتم ارواحهم وعقولهم وقلوبهم ومعرفتهم بالله عند كشف مشاهدته وبروز انوار جلاله ووصاله وكذلك حال المريدين عند العارفين يبلغون الى درجات كبرآئهم وشيوخهم ما آمنوا بأحوالهم وقبلوا كلامهم كما قال رويم قدس سره من آمن بكلامنا هذا من ورآء سبعين حجابا فهو من اهلنا وقال عليه السلام "من احب قوما فهو منهم" وقال تعالى { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } ولا تعجب من ذلك فانه تعالى مبلغهم الى اعلى الدرجات فاذا كانوا فى منازل الوحشة يصلون الى الدرجات العلية فكيف لايصلون اليها فى مقام الوصلة انتهى.
يقول الفقير يظهر من هذا ان لحوق الابناء الصورية والمعنوية بالآباء فى درجاتهم مشروط بالايمان الشرعى والتوحيد العقلى وليس لاطفال المشركين شىء من ذلك فكيف يلتحقون بأهل الجنة مطلقا فانما يلتحق المؤمن بالمؤمن لمجانستهما واما الايمان الفطرى فلا يعتبر فى دار التكليف وكذا فى دار الجزآء والله اعلم بالاسرار ومنه نرجو الالتحاق بالاخبار { كل امرىء } هرمردى بالغ عاقل مكلف { بما كسب } بانجه كرده باشد ازخير وشر { رهين } دركروست روز قيامت يعنى وابست است بياداش كردار خود وزان رهايى ندارد ويعمل ديكرى مؤاخذه نيست وزن مكلفه نيز همين حكم دارد. كما فى تفسير الكاشفى والرهن مايوضع وثيقه للدين ولما كان الرهن يتصور منه حبسه استعير ذلك للمحتبس اى شىء كان وقال ابن الشيخ ما مصدرية والفعيل بمعنى المفعول العمل الصالح بمنزلة الدين الثابت على المرء من حيث انه مطالب به ونفس العبد مرهونة به فكما ان المرتهن مالم يصل اليه الدين لاينفك منه الرهن كذلك العمل الصالح مالم يصل الى الله لاتتخلص نفس العبد المرهونة فالمعنى كل امرىء مرهون عند الله بالعمل الصالح الذى هو دين عليه فان عمله واداه كما هو المطلوب منه فك رقبته من الرهن والا اهلكها وفى هذا المعنى قال عليه السلام لكعب ابن عجرة رضى الله عنه
"لايدخل الجنة لحم نبت من السحت النار اولى به ياكعب بن عجرة الناس صنفان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها" وقال مقاتل كل امرىء كافر بما عمل من الشرك مرهون فى النار والمؤمن لايكون مرتهنا لقوله تعالى { كل نفس بما كسبت رهينة الا اصحاب اليمين } وفى الآية وجه آخر وهو أن يكون الرهين فعيلا بمعنى الفاعل فيكون المعنى كل امرىء بما كسب راهين اى دآئم ثابت مقيم ان احسن ففى الجنة مؤيد او ان اساء ففى النار مخلدا لائن فى الدنيا دوام الاعمال بدوام الاعيان فان العرض لايبقى الا فى جوهر ولا يوجد الا فيه وفى الآخرة دوام الاعيان بدوام الاعمال فان الله يبقى اعمالهم لكونها عند الله من الباقيات الصالحات وما عند الله باق والباقى من الاعيان يبقى ببقاء عمله قال فى الارشاد وهذا المعنى انسب بالمقام فان الدوام يقتضى عدم المفارقة بين المرء وعمله ومن ضرورته أن لاينقص من ثواب الآباء شىء فالجملة تعليل لما قبلها انتهى