التفاسير

< >
عرض

إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْبَرُّ ٱلرَّحِيمُ
٢٨
-الطور

روح البيان في تفسير القرآن

{ انا كنا من قبل } اى من قبل لقاء الله والمصير اليه يعنون فى الدنيا { ندعوه } اى نعبده او نسأله الوقاية { انه هو البر } اى المحسن { الرحيم } الكثير الرحمة الذى اذا عبد اثاب واذا سئل أجاب قال الراغب البر خلاف البحر وتصور منه التوسع فاشتق منه البر اى التوسع فى فعلى الخير وينسب ذلك تارة الى الله تعالى نحو انه البر الرحيم والى العبد تارة فيقال بر العبد ربه اى توسع فى طاعته فمن الله الثواب ومن العبد الطاعة وذلك ضربان ضرب فى الاعتقاد وضرب فى الاعمال الفرائض والنوافل وبر الوالدين التوسع فى الاحسان اليهما وضده العقوق قال فى شرح الاسماء من عرف انه هو البر الرحيم رجع اليه بالرغبة فى كل حقير وعظيم فكفاه ما أهمه ببره ورحمته وقد قال فى حكم ابن عطاء متى أعطاك أشهدك بره واحسانه وفضله ومتى منعك أشهدك قهره وجلاله وعظمته فهو فى كل ذلك متعرف اليك تارة بجماله واخرى بجلاله ومقبل بوجود لطفه عليك اذ وجه لك مايوجب توجهك اليه ولكن انما يؤلمك المنع لعدم فهمك عن الله فيه اذ لو فهمت عنه كنت تشكره على ما واجهك منه فقد قال ابو عثمان المغربى قدس سره الخلق كلهم مع الله فى مقام الشكر وهم يظنون انهم فى مقام الصبر وقال ابراهيم الخواص قدس سره لايصح الفقر للفقير حتى يكون فيه خصلتان احداهما الثقة بالله والثانية الشكر له فيما روى عنه من الدنيا مما ابتلى به غيره ولا يكمل الفقير حتى يكون نظر الله له فى المنع أفضل من نظره له فى العطاء وعلامة صدقه فى ذلك أن يجد للمنع من الحلاوة مالا يجد للعطاء والتقرب باسم البر تعلقا وجود محبته لاحسانه وترك التدبير معه لما توجه من اكرامه وكثرة الدعاء كما قال انا كنا من قبل ندعوه انه هو البر الرحيم وتخلقا بالنفع لعباد الله والشفقة عليهم فان البر هو الذى لايؤذى الذر.
وفى التأويلات النجمية واقبل بعضهم يعنى القلب والروح على بعض يعنى النفس يتساءلون قالوا انا كنا قبل اى قبل السير والسلوك فى اهلنا اى فى عالم الانسانية مشفقين اى خائفين من سموم الصفات البهيمية والسبعية والشيطانية والشهوات الدنيوية فانها مهب سموم قهر الحق فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم اى سموم قهره ولولا فضله ماتخلصنا منه بجهدنا وسعينا بل انا كنا من قبل ندعه ونتضرع اليه بتوفيقه فى طلب النجاة وتحصيل الدرجات انه هو البر بمن يدعوه الرحيم بمن ينيب اليه