التفاسير

< >
عرض

فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ
٢٩
-الطور

روح البيان في تفسير القرآن

{ فذكر } قال ابن الشيخ لما بين الله ان فى الوجود قوما يخافون الله ويشفقون فى أهلهم والنبى عليه السلام مأمور بتذكير من يخاف الله فرع عليه قوله فذكر بالفاء (وقال الكاشفى) آورده اندكه جماعتى مقتسمان برعقبات مكه حضرت رسول را عليه السلام نزد قبائل عرب بكهانت وجنون وسحر وشعر منسوب ميساختند وآن حضرت اندوهناك ميشد آيت آمدكه فذكر اى فاثبت على ماأنت عليه من تذكير المشركين بما أنزل اليك من الآيات والذكر الحكيم ولا تكترث بما يقولون مما لاخير فيه من الاباطيل { فما انت بنعمت ربك } نعمت رسمت بالتاء ووقف عليها بالهاء ابن كثير وابو عمرو والكسائى ويعقوب اى بسبب انعامه بصدق النبوة وزيادة العقل (وقال الكاشفى) بانعام بروردكار خود يعنى بحمد الله ونعمته او ما أنت بكاهن حال كونك منعما عليك به فهو حال لازمة من المنوى فى كاهن لانه عليه السلام لم يفارق هذه الحال فتكون الباء للملابسة والعامل هو معنى النفى ويجوز أن يجعل الباء للقسم { بكاهن } كما يقولون قاتلهم الله وهو من يبتدع القول وخبر عما سيكون فى غد من غير وحى وفى المفردات الكاهن الذى يخبر بالاخبار الماضية الخفية بضرب من الظن كالعراف الذى يخبر بالاخبار المستقبلية على نحو ذلك ولكن هاتين الصناعتين مبنيتين على الظن الذى يخطىء ويصيب قال عليه السلام "من أتى عرافا او كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل الله على محمد" ويقال كهن فلان كهانة اذا تعاطى ذلك وكهن اذا تخصص بذلك وتكهن تكلف ذلك وفى القاموس كهن له كجعل ونصر وكرم كهانه بالفتح وتكهن تكهنا وتكهينا قضى له بالغيب فهو كاهن والجمع كهنة وكهان وحرفته الكهانة بالكسر انتهى قال ابن الملك فى قوله عليه السلام "من سأل عرافا لم تقبل صلاته اربعين ليلة" العراف من يخبر بما اخفى من المسروق أو الكاهن واما من سألهم لاستهزآئهم او لتكذيبهم فلا يلحقه ماذكر فى الحديث بقرينة حديث آخر من صدق كاهنا لم تقبل منه صلاة اربعين ليلة فان قلت هذا مخالف لقوله عليه السلام "من صدق كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد" قلت اللائح لى فى التوفيق أن يقال مصدق الكاهن يكون كافرا اذا اعتقد انه عالم بالغيب واما اذا اعتقد انه ملهم من الله او ان الجن يلقون مما يسمعون من الملائكة فصدقه من هذه فلا يكون كافرا انتهى كلام ابن الملك وفى هدية المهديين من قال اعلم المسروقات يكفر وقال انا اخبر عن اخبار الجن يكفر ايضا لان الجن كالانس لايعلم غيبا { ولا مجنون } وهو من به جنون وهو زوال العقل او فساده.
وفى المفردات الجنون الحائل بين النفس والعقل وفى التعريفات الجنون هو اختلال العقل بحيث يمنع جريان الافعال والاقوال على نهج العقل الا نادرا وهو عند ابى يوسف ان كان حاصلا فى اكثر السنة فمطبق وما دونه فغير مطبق.
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان طبيعة الانسان متنفرة من حقيقة الدين مجبولة على حب الدنيا وزينتها وشهواتها وزخارفها والجوهر الروحانى الذى جبل على فطرة الاسلام فى الانسان مودع بالقوة كالجوهر فى المعدن فلا يستخرج الى الفعل الا بجهد جهيد وسعى تام على قانون الشريعة ومتابعة النبى عليه السلام وارشاده وبعده بارشاد ورثة علمه وهم العلماء الربانيون الراسخون فى العلم من المشايخ المسلكين وفى زمان كل واحد منهم والخلق مع دعوى اسلامهم ينكرون على سيرهم فى الاغلب ويستبعدون ترك الدنيا والعزلة والانقطاع عن الخلق والتبتل الى الله وطلب الحق الا من كتب الله فى قلبهم الايمان وأيدهم بروح منه وهو الصدق فى الطلب وحسن الارادة المنتجة من بذر يحبهم ويحبونه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والا فمن خصوصية طبيعة الانسان أن يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية وان كانوا يصلون ويصومون ويزعمون انهم مسلمون ولكن بالتقليد لا بالتحقيق اللهم الا من شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه انتهى.
يقول الفقير فى الآية تشريف للنبى عليه السلام جدا حيث ان الله تعالى ناب عنه فى الجواب ورد الكافرين بنفسه وهو ايضا تصريح بما علم التزاما فان الامر بالتذكير الذى هو متعلق بالوحى وان كان مقتضاء كمال العقل والصدق فى القول يقتضى ان لايكون عليه السلام كاهنا ولا مجنونا فهذا النفى بالنسبة الى ظا هر الحال فانه لايخلو من دفع الوهم وتمكين التصديق ونظيره كلمة الشهادة فان قوله لا اله نفى للوجود المتوهم الذى يتوهمونه والا فلا شىء غير الاثبات فافهم والله المعين

سيدى كزو هم قد رش برترست خاك بايش جرخ را تاج سرست