التفاسير

< >
عرض

أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـٰذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ
٣٢
-الطور

روح البيان في تفسير القرآن

{ ام تأمرهم احلامهم } اى دع تفوههم بهذه الاقوال الزآئغة المتناقضة وفيهم ماهو اقبح من ذلك وهو انهم سفهاء ليسوا من اهل التمييز والاحلام العقول قال الراغب وليس الحلم فى الحقيقة هو العقل لكن فسروه بذلك لكونه من مسببات العقل والحلم ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب { وبهذا } اى بهذا التناقض فى المقال فان الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر فى الامور والمجنون مغطى عقله مختل فكره والشاعر ذو كلام موزون متسق مخيل فكيف يجتمع هؤلاء فى واحد وامر الاحلام بذلك مجاز عن ادآئها الى التناقض بعلاقة السببية كقوله { اصلاتك تأمرك أن نترك مايعبد آباؤنا } لا انه جعلت الاحلام آمرة على الاستعارة المكنية وفى الكواشى جعلت الحلوم آمرة مجازا ولضعفها جمعت جمع القلة قال فى القاموس الحلم بالضم وبضمتين الرؤيا والجمع احلام والحلم بالكسر الاناة والعقل والجمع احلام وحلوم ومنه ام تأمرهم احلامهم وهو حليم والجمع حلماء واحلام انتهى كان قريش يدعون اهل الاحلام والنهى فأزرى الله بعقولهم حين لم تثمرهم معرفة الحق من الباطل وقيل لعمرو بن العاص رضى الله عنه ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقول فقال تلك عقول كادها الله اى لم يصحبها التوفيق وفى الخبر "ان الله لما خلق العقل قال له ادبر فأدبر ثم قال له اقبل فأقبل" . يعنى كفت بوى بشت بركن بشت بركرد بس كفت روى بازكن روى بازكرد. فانى لم اخلق خلقا اكرم على منك بك اعبد وبك اعطى وبك آخذ قال ابو عبد الله المغربى لما قال له ذلك تداخله العجب فعوقب من ساعته فقيل له التفت فلما التفت نظر الى ماهو احسن منه فقال من انت قال أنا الذى لاتقوم الا بى قال ومن أنت قال التوفيق (وفى المثنوى)

جز عنايت كى كشايد جشم را جز محبت نشاند خشم را
جهد بى توفيق خود كس را مباد در جهان والله اعلم بالرشاد

روى ان صفوان بن امية فخر على رجل فقال أنا صفوان بن امية بن خلف ابن فلان فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه فأرسل اليه وغضب فلما جاء قال ثكلتك امك ماقلت فهاب عمر ان يتكلم فقال عمر ان كان لك تقوى فان لك كرما وان كان لك عقل فان لك اصلا وان كان لك خلق حسن فان لك مروءة والا فأنت شر من الكلب { ام هم قوم طاغون } مجاوزون الحدود فى المكابرة والعناد مع ظهور الحق لايحومون حول الرشد والسداد ولذلك يقولون مايقولون من الاكاذيب الخارجة عن دائرة العقول والظنون قال ابن الشيخ ثم قيل لابل ذلك من طغيانهم لانه ادخل فى الذم من نقصان العقل وابلغ فى التسلية لان من طغى على الله فقد باء بغضبه