التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٧
-الطور

روح البيان في تفسير القرآن

{ وان الذين ظلموا } اى وان لهؤلاء الظلمة ابى جهل واصحابه { عذابا } آخر { دون ذلك } غير مالا قوه من القتل اى قبله وهو القحط الذى اصابهم سبع سنين كما مر فى سورة الدخان او ورآءه وهو عذاب القبر ومابعده من فنون عذاب الآخرة { ولكن اكثرهم لايعلمون } ان الامر كما ذكر لفرط جهلهم وغفلتهم او لايعملون شيأ اصلا وفيه شارة الى ان منهم من يعلم ذلك وانما يصر على الكفر عنادا فالعالم الغير العامل والجاهل سوآء فعلى العاقل أن يحصل علوم الآخرة ويعمل بها قال بعض الكبار العلم علمان علم تحتاج منه مثل ماتحتاج من القوت فينبغى الاقتصاد والاقتصار على قدر الحاجة منه وهو علم الاحكام الشرعية فلا ينبغى النظر فيه الا بقدر ما تمس الحاجة اليه وفى الوقت فان تعلق تلك العلوم انما هو بالاحوال الواقعية فى الدنيا لاغير وعلم ليس له حد يوقف عنده وهو العلم المتعلق بالله ومواطن القيامة اذ العلم بمواطنها يؤدى العالم بها الى الاستعداد لكلم موطن بما يلق به لان الحق تعالى بنفسه هو المطالب فى ذلك اليوم بارتفاع الوسائط وهو يوم الفصل فينبغى للانسان العاقل أن يكون على بصيرة من امره معدا للجواب عن نفسه وعن غيره فى المواطن التى يعلم انه يطلب منه الجواب فيها فلهذا ألحقنا علم مواطن القيامة بالعلم بالله انتهى وفى الآية اثبات عذاب القبر فان الله تعالى يحيى العبد المكلف فى قبره ويرد الحياة اليه ويجعله من العقل فى مثل الوصف الذى عاش عليه ليعقل مايسأل عنه وما يجيب به ويفهم ماأتاه من ربه وما أعد له من كرامة وهوان ولقد قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما اخبر عليه السلام بفتنة الميت فى قبره وسؤال منكر ونكير وهما الملكان يارسول الله أيرجع الى عقلى قال "نعم اذا اكفيكهما" والله لئن سألانى لاسألهما واقول لهما انا ربىالله فمن ربكما انتما وانكرت الملحدة ومن تمذهب من الاسلاميين بمذهب الفلاسفة عذاب القبر وانه ليس له حقيقة وقد رؤى ابو جهل فى جانب مصرعه فى بدر انه خرج من الارض وفى عنقه سلسة من نار يمسك اطرافها اسود وهو يطلب الماء حتى ادخله الاسود فى الارض بجذب شديد اختلاف احوال العصاة فى عذاب القبر بحسب اختلاف معاصيهم واكثر عذاب القبر فى البول فلا بد من التنزه عنه وسمع البهائم عذاب القبر وانما لم يسمع من يعقل من الجن والانس كان عليه السلام يدعو ويقول "اللهم انى اعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال" وينجى المؤمن من اهوال القبر وفتنته وعذابه خمسة اشاء الاول الرباط فى سبيل الله ولو يوما وليلة. والثانى الشهادة بان يقتل فى سبيل الله. والثالث سورة الملك فان من قرأها كل ليلة لم يضره الفتان. والرابع الموت مبطونا فانه لايعذب فى قبره والمراد بالمبطون صاحب الاسهال والاستطلاق. والخامس الوقت ففى الحديث "من مات يوم الجمعة او ليلة الجمعة وقى فتنة القبر" نسأل الله سبحانه أن يعصمنا من الزلل ويحفظنا من الخلل ويجعلنا فى القبر والقيامة من الآمنين ويبشرنا عند الموت برحمة منه وفضل مبين بجاه النبى الامين والانبياء المرسلين والملائكة المقربين