التفاسير

< >
عرض

إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ
١٦
-النجم

روح البيان في تفسير القرآن

{ اذ يغشى السدرة مايغشى } زيادة فى تعظيم السدرة واذ ظرف زمان لرأه لما بعده من الجملة المنفية فان ما النافية لايعمل مابعدها فيما قبلها والغشيان بمعنى التغطية والستر ومنه الغواشى وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورتها البديعة او للايذان باستمرار الغشيان بطريق التجدد والمعنى ولقد رأى محمد جبرآئيل عند السدرة وقت ماغشيها وغطاها مالا يكتنهه الوصف ولايفى به البيان كيفا ولا كما وفى الحديث "وغشيها الوان لا ادرى ماهى فليس احد من خلق الله يستطيع ان ينعتها" وعنه عليه السلام "رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكا قائما يسبح الله" وعنه عليه السلام يغشاها رفرف اى جماعة من طيور خضر وقيل يغشاها فراش او جراد من ذهب (كما قال الكاشفى) وكويند بر حوالىء آن فرشتكان طيران ميكردند جون يروانهاى زرين. وقيل يغشاها سبحات انوار الله حين تجلى لها كما تجلى للجبل لكنها كانت اقوى من الجبل حيث لم يصبها مااصابه من الدك وذلك لان الجبل كان فى عالم الملك الضعيف والسدرة فى عالم الملكوت القوى ولذا لم يخر عليه السلام هناك مغشيا عليه حين رأى جبرآئيل كما غشى عليه حين رأه فى الافق الاعلى لقوة التمكين وغاية لطافة الجسد الشريف وقيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة امثال الغربان حين يقعن على الشجر يعبدون الله تعالى عندها او يزورونها متبركين بها كما يزور الناس الكعبة وقيل يغشاها الملاكئة النازلون للقاء النبى عليه السلام فانه استأذنوا للقائه فاذن لهم وقيل لاتأتوه بغير نثار فجاء كل واحد منهم بطبق من اطباق الجنة عليه من اللطائف مالايحصى فنثروه بين يديه تقربا اليه وفى الحديث "انه اعطى رسول الله عندها يعنى السدرة ثلاثا" يعنى سه جيز. الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة وغفر لمن مات من امته لايشرك بالله شيئا.
وفى التأويلات النجمية يشير الى تعظيم المظاهر الاسمائية والصفاتية الجمالية اللطيفة والجلالية القهرية الغاشية الساترة شجرة الواحدية المسماة بسدرة المنتهى بحيث لاتعد ولاتحصى لعدم نهاية مصاردها لان الاسماء بحسب الجزئيات غير متناهية وان كانت من حيث كلياتها متناهية وكان حقيقة السدرة وعمودها مغشية مستورة بكثرة اغصانها واوراقها وازهارها وهذا الوصف يدل على عظمة شأن الشجرة عينها وجلالة قدرها وكيف لا والواحدية من حيث الحقيقة عين الاحدية ومن حيث الاعتبار العقلى غيرها فافهم جدا لايفوتك الحقيقة بل الطريقة والشريعة انتهى وقال البقلىرحمه الله ابهم ماغشيها لان العقول لاتدرك حقائق مايغشاها وكيف يغشاها والقدم منزه عن الحلول فى الاماكن وكانت الشجرة مرءآة لظهوره سبحانه ماالطف ظهوره لايعلم تأويله الا الله والراسخون فى العلم يقولون بعد عرفانهم به آمنا به