{ وان ليس للانسان الا ماسعى } ان مخففة من الثقيلة كأختها معطوفة عليها وللانسان خبر ليس والا ماسعى اسمها مصدرية ويجوز أن تكون موصولة والسعى المشى الذريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الامر خيرا كان او شرا والمعنى وانه اى الشأن ليس للانسان فى الآخرة الا سعيه فى الدنيا من العمل والنية اى كما لايؤآخذ احد بذنب الغير لايثاب بفعله فهو بيان لعدم انتفاع الانسان بعمل غيره من حيث جلب النفع أثر بيان عدم انتفاعه من حيث دفع الضرر عنه وظاهر الآية يدل على انه لاينفع احدا عمل احد واختلفوا فى تأويلها فروى عن ابن عباس رضى الله عنهما عدم اثابة الانسان بسعى غيره وفعله وهذا منسوخ الحكم فى هذه الشريعة بقوله تعالى { الحقنا بهم ذريتهم } فيدخل الابناء الجنة بصلاح الآباء ويجعل الولد الطفل يوم القيامة فى ميزان ابيه ويشفع الله الآباء فى الابناء والابناء فى الآباء يدل على ذلك قوله تعالى { آباؤكم وابناؤكم لا تدرون أيهم اقرب لكم نفعا } قال عكرمة كان ذلك لقوم ابراهيم وموسى واما هذه الامة فلهم ماسعوا و ما سعى لهم غيرهم لما روى ان امرأة رفعت صبيا لها من محفة وقالت يارسول الله ألهذا حج قال "نعم ولك اجر" وقال رجل للنبى عليه السلام ان امى افتلتت نفسها اى ماتت فجأة فهل لها أجر ان تصدقت عنها قال نعم وقال الربيع بن انس وان ليس للانسان الا ماسعى يعنى الكافر واما المؤمن فعله ماسعى وماسعى له غيره وكثير من الاحاديث يدل على هذا القول ويشهد له ان المؤمن يصل اليه ثواب العمل الصالح من غيره (روى) ان عائشة رضى الله عنها اعتكفت عن اخيها عبدالرحمن رضى الله عنه بعد موته واعتقت عنه وقال سعد للنبى عليه السلام ان امى توفيت أفأ تصدق عنها قال نعم قال فأى الصدقة أفضل قال سقى الماء فحفر بئرا وجعلها فى سبيل الله وقال القرطبى فى تذكرته ويحتمل أن يكون قوله { وان ليس للانسان الا ماسعى } خالصا فى السيئة بدليل قوله عليه السلام "قال الله اذا هم عبدى بحسنة ولم يعملها كتبتها عشرا الى سبعمائة ضعف واذا هم بسيئة ولم يعملها لم اكتبها عليه فان عملها كتبتها سيئة واحدة" والقرءآن دال على هذا قال تعالى { من جاء بالحسنة فله عشر امثالها } وهذا ونحوه تفضل من الله وطريق العدل وان ليس للانسان الا ماسعى الا ان الله يتفضل عليه بما لم يجب له كما ان زيادة الاضعاف فضل منه كتب لهم بالحسنة الواحدة عشرا الى سبعمائة ضعف الى الف الف حسنة وقد تفضل الله على الاطفال بادخالهم الجنة بغير عمل والحاصل ما كان من السعى فمن طريق العدل والمجازاة وما كان من غير السعى فمن طريق الفضل والتضعيف فكرامة الله تعالى اوسع واعظم من ذلك فانه يضاعف الحسنات ويتجاوز عن السيئات فمرتبة النفس الطعبية وكذا الشريعة والطريقة من الطريق الاولى ومرتبة الروح والسر وكذا المعرفة والحقيقة من الطريقة الثانية قال فى الاسئلة المقحمة اشارت الآية الى اصل النجاة المعهودة فى حكم الشريعة فان النجاة الاصلية الموعودة فى الكتاب والسنة بالعمل الصالح وفى النجاة بشرط المجازاة والمكافاة فاما التى هى من غير طريق المجازاة والمكافاة فهى بطريق تفضل الله وبطوله وعميم رحمته وكريم لطفه وقد فسرها رسول الله عليه السلام حيث قال "ادخرت شفاعتى لاهل الكبائر من امتى أترونها للمؤمنين المتقين لا ولكنها للخطائين الملوثين" وبيان الكتاب الى الرسول عليه السلام وسمعت الامام أبا بكر الفارسى بسمرقند يقول سمعت الاستاذ ابا اسحق الاسفرائينى يقول ان عبدالله بن طاهر امير خراسان قال للحسن بن الفضل البجلى اشكلت على ثلاث آيات أريد أن تكشف عنى وتشفى العليل اولاها قوله تعالى فى قصة ابن آدم { فأصبح من النادمين } وصح الخبر بأن "الندم توبة" ولم يكن هذا الندم توبة فى حق قابيل وثانيتها قوله تعالى { { كل يوم هو فى شأن } وصح الخبر بأن القلم جف بما هو كائن الى يوم القيامة وثالثتها قوله تعالى { اضعافا مضاعفة } فأجابه وقال اما الآية الاولى فالندم لم يكن توبة فى شريعة من الشرآئع وانما صار توبة فى شريعة محمد عليه السلام تخصيصا له على ان ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل وانما كان على حمله حين حمله على عاتقه اياما فلم يعلم ماذا يعمل به لانه كان او قتل حتى بعث الله غرابا يبحث فى الاض ليريه كيف يوارى سوأة اخيه واما الآية الثانية فان الشان المذكور فيها ماهو التقدير بطريق الابتدآء وانما هو سوق المقادير الى المواقيت واما الآية الثالثة فهو انه ليس للانسان الا ماسعى من طريق العدل والمجازاة وله أن يجزيه بواحدة عشرا واضعافا مضاعفة بطريق الفضل والطول لاعلى سبيل العدل والجزآء فقام عبدالله بن طاهر وقبل رأسه وسوغ خراجه وكان خمسين الف درهم وقد ذكر الخرآئطى فى كتاب الثبور قال سنة فى الانصار اذا حملوا الميت ان يقرأوا معه سورة البقرة. يقول الفقير فيه دليل على سنية الذكر عند حمل الجنازة لان الذكر من القرءآن ولذا كان على الذاكر أن ينوى التلاوة والذكر معا حتى يثاب بثواب التلاوة فحيث سن القرءآن سن الذكر المأخوذ مه ولقد احسن من قال فى ابيات
زر والديك وقف على قبريهما فكأننى بك قد حملت اليهما
الى قال فى آخرها
وقرأت من آى الكتاب بقدرما تسطيعه وبعثت ذاك اليهما
قال الشيخ تقى الدين ابو العباس من اعتقد ان الانسان لاينتفع الا بعمله فقد خرق الاجماع وذلك باطل من وجوه كثيرة احداها ان الانسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير والثانى ان النبى عليه السلام يشفع لاهل الموقف فى الحساب ثم لاهل الجنة فى دخولها ولاهل الكبائر فى الاخراج من النار وهذا الانتفاع بسعى الغير والثالث ان كل نبى وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير الرابع ان الملائكة يدعون ويستغفرون لمن فى الارض وذلك منفعة بعمل الغير والخامس ان الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم والسادس ان اولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير وكذا الميت بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والاجماع وهومن عمل غيره وان الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه عنه بنص السنة وكذا تبرأ ذمة الانسان من ديون الخلق اذا قضاها عنه قاض كما قال الشافعى اذا أنا مت فليغسلنى فلان اى من الدين وذلك انتفاع بعمل الغير وكذا من عليه تبعات ومظالم اذا حلل منها سقطت عنه وان الجار الصالح ينتفع بجواره فى الحياة والممات كما جاء فى الأثر "وان جليس اهل الذكر يرحم بهم وهو لم يكن منهم ولم يجلس معهم" لذلك بل لحاجة اخرى والاعمال بالنيات وكذا الصلاة على الميت والدعاء له فيها ينتفع بها الميت مع ان جميع ذلك انتفاع بعمل الغير ونظائر ذلك كثيرة لاتحصى والآيات الدالة على مضاعفة الثواب كثيرة ايضا فلا بد من توجيه قوله تعالى { وان ليس للانسان الا ماسعى } فانه لاشتماله على النفى والاستثناء يدل على ان الانسان لاينتفع الا بعمل نفسه ولايجزى على عمله الا بقدر سعيه ولايزداد وهو يخالف الاقوال الواردة فى انتفاعه بعلم غيره وفى مضاعفة ثواب اعماله ولا يصح أن يؤول بما يخالف صريح الكتاب والسنة واجماع الامة فأجابوا عنه بوجوه منها انه منسوخ ومنها انه فى حق الكافر ومنها انه بالنسبة الى العدل لا الفضل وقد ذكرت ومنها ان الانسان انما ينتفع بعمل غيره اذا نوى الغير أن يعمل له حيث صار بمنزلة الوكيل عنه القائم مقامه شرعا فكان سعى الغير بذلك كأنه سعيه وايضا ان سعى الغير انما لم ينفعه اذا لم يوجد له سعى قط فاذا وجد له سعى بان يكون مؤمنا صالحا كان سعى الغير تابعا لسعيه فكأنه سعى بنفسه فان علقة الايمان وصلة وقرابة كما قال عليه السلام "مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" وقال عليه السلام "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم شبك بين اصابعه" فاذا سعى احد فى الايمان والعمل الصالح فكأنه سعى بتأييد عضو اخيه وسد ثلمته فكان سعيه سعيه والحاصل انه لما كان مناط منفعة كل ماذكر من الفوائد عمله الذى هو الايمان والصالح ولم يكن لشىء منه نفع مابدونهما جعل النافع نفس عمله وان كان بانضمام غيره اليه وفى اول باب الحج عن الغير من الهداية الانسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة او صوما او صدقة اوغيرها عند اهل السنة والجماعة وفى فتح الرحمن واختلف الائمة فيما يفعل من القرب كالصلاة والصيام وقرءآة القرءآن والصدقة ويهدى ثوابه للميت المسلم فقال ابو حنيفة واحمد يصل ذلك اليه ويحصل له نفعه بكرم الله ورحمته وقال مالك والشافعى يجوز ذلك فى الصدقة العبادة المالية وفى الحج واما غير ذلك من الطاعات كالصلاة والصوم وقرآءة القرآن وغيره لايجوز ويكون ثوابه لفاعله وعند المعتزلة ليس للانسان جعل ثواب عمله مطلقا لغيره ولايصل اليه ولاينفعه لقوله تعالى { وان ليس للانسان الا ماسعى } ولان الثواب الجنة وليس فى قدرة العبد أن يجعلها لنفسه فضلا عن غيره واختلفوا فيمن مات قبل أن يحج فقال ابو حنيفة ومالك يسقط عنه الحج بالموت ولا يلزم الحج عنه الا أن يوصى بذلك وقال الشافعى واحمد لايسقط عنه ويلزم الحج عنه من رأس ماله واختلفوا فيمن لم يحج عن نفسه هل يصح أن يحج عن غيره فقال ابو حنيفة ومالك يصح ويجزى عن الغير مع الكراهة وقال الشافعى واحمد لايصح ولو فعل وقع عن نفسه واما الصلاة فهى عبادة بدنية لاتصح فيها النيابة بمال ولابدن بالاتفاق وعند ابى حنيفة اذا مات وعليه صلوات يعطى لكل صلاة نصف صاع من بر او صاع من تمر او شعير او قيمة ذلك فدية تصرف للمساكين وليس للمدفوع اليه عدد مخصوص فيجوز ان يدفع لمسكين واحد الفدية عن عدة صلوات ولايجوز أن تدفع فدية صلاة لا كثر من مسكين ثم لابد من الايصاء بذلك فلو تبرع الورثة بذلك جاز من غير لزوم وذللك عند ابى حنيفة خلافا للثلاثة (وروى) ان رجلا سأل النبى عليه السلام فقال كان لى ابوان ابرهما حال حياتهما فكيف ابرهما بعد موتهما فقال "ان من البر بعد الموت أن تصلى لهما مع صلاتك وتصوم لهما مع صومك" رواه الدار قطنى عن على رضى الله عنه وهذا الحديث حجة لابى حنيفة فى تجويزه جعل العبادة البدنية ايضا لغيره خلافا للشافعى كما مر (وروى) ايضا "من مر على المقابر قرأ قل هو الله احد عشر مرة ثم وهب اجرها للاموات أعطى من الاجر بعدد الاموات" رواه الدار قطنى عن انس بن مالك رضى الله عنه مرفوعا فهذا ايضا حجة له فى تجويزه جعل ثواب التلاوة للغير خلافا للشافعى (وروي) عن النبى عليه السلام انه ضحى بكبشين املحين احدهما عن نفسه والآخرة عن امته المؤمنين متفق عليه اى جعل ثوابه لها وهذا تعليم منه عليه السلام بأن الانسان ينفعه عمل غيره والاقتدآء به عليه السلام هو الاستمساك بالعروة الوثقى وكذا قال الحسن البصرىرحمه الله رأيت عليا رضى الله عنه يضحى بكبشين وقال ان رسول الله اوصانى أن أضحى عنه وكان الشيخ الفقيه القاضى الامام مفتى الانام عزالدين بن عبدالسلام يفتى بانه لايصل الى الميت ثواب ما يقرأ ويحتج بقوله { وان ليس للانسان الا ماسعى } فلما توفى رأه بعض اصحابه ممن يجالسه وسأله عن ذلك وقال له انك كنت تقول لا يصل الى الميت ثواب مايقرأ ويهدى اليه فكيف الامر فقال له كنت اقول ذلك فى دار الدنيا القرآءة للقارىء وللميت ثواب الاستماع ولذلك تلحقه الرحمة قال الله تعالى { واذا قرىء القرءآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون } قال القرطبى ولا يبعد من كرم الله أن يلحقه ثواب القرآءة والاستماع جميعا ويلحقه ثواب مايهدى من قرآءة القرءآن وان لم يسمعه كالصدقة والاستغفار ولان القرءآن دعاء واستغفار وتضرع وابتهال وما تقرب المتقربون الى الله بمثل القرءآن انتهى.
يقول الفقير فيه حجة على من انكر من اهل عصرنا جهر آية الكرسى اعقاب الصلوات واوجب اخفاءها وتلاوتها لكل واحد من الجماعة وذلك لان استماع القرءآن اثوب من تلاوته فاذا قرأ الموذن واستمع الحاضرون كانوا كأنهم قرأوا جمعيا واذا جاز وصول ثواب القرآءة والاستماع جميعا الى الميت فما ظنك بالحى اصلحنا الله واياكم (وروى) ان بعض النساء توفيت فرأتها فى المنام امرأة كانت تعرفها واذا عندها تحت السرير آنية من نور مغطاة فسألتها مافى هذه الاوعية فقالت فيها هدية اهداها الى ابو اولادى البارحة فلما استيقظت المرأة ذكرت ذلك لزوج الميتة فقال قرأت البارحة شيأ من القرءآن واهديته اليها وفى الحديث "اذا مات الانسان انقطع عنه عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له" قال القرطبى القرآءة فى معنى الدعا وذلك صدقة من الولد ومن الصاحب والصديق والمؤمنين قال ابن مالك فى شرح الحديث "اذا مات الانسان انقطع عنه عمله" اى تجدد الثواب له "الا من ثلاث صدقة جارية" كلاوقاف "او علم ينتفع به" قيل هو الاحكام المستنبطة من النصوص والظاهر انه عام متناول ماخلفه من تصنيف او تعليم فى العلوم الشرعية وما يحتاج اليه فى تعليمها قيد العلم بالمنتفع به لان مالا ينتفع به لايثمر اجرا "او ولد صالح يدعو له" قيد بالصالح لان الاجر لايحصل من غيره واما الوزر فلا يلتحق بالأب من سيئة ولده اذا كانت نيته فى تحصيل الخير وانما ذكر الدعاء له تحريضا للولد لان الاجر يحصل للوالد من ولده الصالح كلما عمل عملا صالحا سوآء دعا لابيه او لا كمن غرس شجرة يحصل له من اكل ثمرتها ثواب سوآء دعا له من اكلها او لم يدع وكذلك الام قال بعض الكبار النكاح سنة نبيك فلا ترغب عنه واطلب من الله من يقوم مقامك بعد موتك حتى لاينقطع عملك بموتك فان ابن آدم اذا مات انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم بثه فى الناس او ولد صالح يدعو له وفى لفظ الصدقة الجارية اشارة الى افضلية الماء ولذا حفر سعد بئرا لامه فان قلت ماالتوفيق بين هذا الحديث وبين قوله عليه السلام "من سن فى الاسلام سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة" وقوله عليه السلام "من مات يختم على عمله الا المرابط فى سبيل الله فانه ينمو له عمله الى يوم القيامة" قلنا السنة المسنونة من جملة العلم المنتفع به ومعنى حديث المرابط ان ثواب عمله الذى قدمه فى حياته ينمو الى يوم القيامة واما الثلاثة المذكورة فى الحديث فانها اعمال تحدث بعد وفاته لاتنقطع عنه لانه سبب لها فيلحقه منها ثواب والحاصل ان المراد بهذا الحديث عمله المضاف الى نفسه فهو منقطع واما العمل المضاف الى غيره فلا ينقطع فللغير أن يجعل ما له من أجر عمله الى من أراد وقال بعضهم فى الآية ليس كل عمل للانسان انما بعضه لله مثل الصوم كما قال "الصوم لى وأنا أجزى به" فثوابه فضل الله وهو رؤيته وتمسك بعض العلماء بهذا الحديث وظن ان الصيام مختص بعامله موفر له اجره لا يؤخذ منه شىء لمظلمة ظلمها وهذا القول مردود فان الحقوق تؤخذ من جميع الاعمال صياما كان او غيره وقيل ان الصوم اذا لم يكن معلوما لاحد ولا مكتوبا فى الصحف هو الذى يستره الله ويخبأه لعامله حتى يكون له جنة من العذاب فتطرح اولئك عليه سيئاته فتنصرف عنهم ويقية الصوم فلا تضر باصحابها لزوالها عنهم ولا به لان الصوم جنته وهذا تأويل حسن دافع للتعرض قال البقلىرحمه الله فى تأويل الآية ليس للصورة الانسانية الا ماسعت من الاعمال الزكية عن الرياء والسمعة يؤول ثوابها اليها من درجات الجنان اما مايتعلق بفضل الله وجوده من مشاهدته وقربته فهو للروح والروحانى الذى فى تلك الصورة فانه اذا استوفى درجات الجنان التى هى جزآء اعماله الصالحة تمتع ايضا بما يجد روحه من فضل الله المتعلق بكشف حجاب جماله وايضا ليس للانسان الا مايليق بالانسان من الاعمال واما الفضل كالمشاهدة والقربة فهو لله يؤتيه من يشاء فاذا وصل الى مشاهدة الله وتمتع بها فليس ذلك له انما ذلك الله وان كان هو متمتعا به وقال ابن عطاء ليس للانسان من سعيه الا ما نواه ان كان سعيه لرضى الرحمن فان الله يرزقه الرضوان وان كان سعيه للثواب والعطاء والاعواض فله ذلك وقال النصر ابادى سعى الانسان فى طريق السلوك لا فى طريق التحقيق فاذا تحقق يسعى به ولايسعى هو بنفسه واما قول العارف الجامى
سالكان بى كشش دوست بجايى نرسند سالها كرجه درين راه تك وبوى كنند
فقد لاينافيه فانه لا فائدة فى السعى بدون الجذبة الالهية فالسعى منسوب الى السالك والجذبة مضافة الى الله تعالى واما المنتهى فالسعى والجذبة بالنسبة اليه كلاهما من الله تعالى اذا ليس بمتحقق من لم يكن حركاته وسكنانه بالله ثم ان الطريق قد يثنى كطريق الحج من البر والبحر واما طريق الحق فمفرد اى من حيث الجمعية الوحدانية والا فالطريق الى الله بعدد انفاس الخلائق فعند النهاية يحصل الالتقاء ولذا قال تعالى { وان الى ربك المنتهى } مع انه فرق بين وصول ووصل كالناظرين كل بنظر بحسب قوة نور بصره وضعفه وان كان المرئى واحدا ثم ان الله يوصل السالك بعد موته الى محل همته لانه كان حاصل بسعيه وقد مر تحقيقه فى محله نسأل الله الوصول الى غاية المطالب بحرمة اسمه الواهب