التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ
٤٣
-النجم

روح البيان في تفسير القرآن

{ وانه } تعالى { هو } وحده { اضحك وابكى } الضحك انبساط الوجه وتكشر الاسنان من سرور النفس ولظهور الاسنان عنده سميت مقدمات الاسنان الضواحك والبكاء بالمدسيلان الدمع عن حزن وعويل يقال اذا كان الصوت اغلب كالرغاء وسائر هذه الابنية الموضوعة للصوت وبالقصر يقال اذا كان الحزن اغلب وقوله { فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا } اشارة الى الفرح والترح وان لم يكن مع الضحك قهقهة ولامع البكاء اسالة دمع كما فى المفردات والمعنى هو خلق قوتى الضحك والبكاء فى الانسان منهما ينبعث الضحك والبكاء والانسان لايعلم ماتلك القوة اوهما كنايتان عن السرور والحزن كأنه قيل افرح واحزن لان الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء او عمايسر ويحزن وهو الاعمال الصالحة والاعمال الصالحة او اضحك فى الدنيا اهل النعمة وابكى اهل الشدة والمصيبة او اضحك فى الجنة اهلها وابكى فى النار اهلها او اضحك الارض بالنبات وابكى السماء بالمطرا والاشجار بالانوار والسحاب بالامطار او القراطيس بالارقام والاقلام بالمداد او اضحك القرد وابكى البعير او اضحك بالوعد وابكى بالوعيد او اضحك المطيع بالرضى وابكى العاصى بالسخط او اضحك قلوب العارفين بالحكمة وابكى عيونهم بالحزن والحرقة او اضحك قلوب اوليائه بأنوار معرفته وابكى قلوب اعدآئه بظلمات سخطه او اضحك المستأنسين بنرجس مودته وياسمين قربته وطيب شمال جماله وابكى المشتاقين بظهور عظمته وجلاله او اضحك بالاقبال على الحق وابكى بالادبار عنه او اضحك الاسنان وابكى الجنان وبالعكس قال الشاعر

السن تضحك والاحشاء تحترق وانما ضحكها زور ومختلق
يارب باك بعين لادموع لها ورب ضاحك سن مابه رمق

او اضحك بتجليه اللطفى الجمالى القلب المنور بنور اللطف والجمال وابكى بتجلية القهرى الجلالى النفس المظلمة بظلمة القهر والجلال او اضحك بتجلية الجلالى النفس على القلب عند استيلاء ظلمة النفس على القلب وابكى بتجلية الجمالى القلب على النفس عند غلبة انوار القلب على النفس وفى الآية دلالة على أن كل مايعمله الانسان فبقضائه وخلقه حتى الضحك والبكاء قالت عائشة رضى الله عنها مر النبى عليه السلام على قوم يضحكون فقال "لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا " فنزل عليه جبريل عليه السلام فقال ان الله تعالى يقول { وانه هو اضحك وابكى } فرجع اليهم فقال "ماخطوت اربعين خطوة حتى أتانى جبريل فقال ائت هؤلاء فقل لهم ان الله يقول هو اضحك وابكى" وسئل طاهر المقدسى أتضحك الملائكة فقالت ماضحك من دون العرش منذ خلقت جهنم وقال النبى عليه السلام لجبرآئيل "مالى لم أر ميكائيل ضاحكا قط" قال ماضحك ميكائيل منذ خلقت النار وقيل لعمر رضى الله عنه هل كان اصحاب رسول الله عليه السلام يضحكون قال نعم والله والايمان اثبت فى قلوبهم من الجبال الرواسى وعن سماك بن حرب قال قلت لجابر بن سمرة رضى الله عنه أكنت تجالس النبى عليه السلام قال نعم وكان اصحابه يجلسون فيتناشدون الشعر ويذكرون اشياء من امر الجاهلية فيضحكون ويتبسم معهم اذا ضحكوا يعنى النبى عليه السلام ولقى يحيى عيسى عليهما السلام فتبسم عيسى فى وجه يحيى فقال مالى اراك لاهيا كأنك آمن فقال مال اراك عابسا كأنك آيس فقالا لانبرح حتى ينزل علينا الوحى فأوحى الله تعالى احبكما الى احسنكما ظنا بى (وروى) احبكما الى الطلق البسام وقال الحسن يا ابن آدم تضحك ولعل كفنك خرج من عند القصار وبكى نوح عليه السلام ثلاثمائة سنة بقوله ان ابنى من اهلى وقال كعب لأن ابكى من خشية الله حتى تسيل دموعى على وجنتى احب الى من ان اتصدق بجبل ذهب والنافع بكاء القلب لا العين فقط

بران ازدوسر جشمة ديده جوى ور الايشى دارى ازخود بشوى