التفاسير

< >
عرض

فَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ وَٱعْبُدُواْ
٦٢
-النجم

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاسجدوا لله واعبدوا } الفاء لترتيب الامر او موجبه على ماتقرر من بطلان مقابلة القرءآن بالانكار واستهزآء ووجوب تلقيه بالايمان مع كمال الخضوع والخشوع اى واذا كان الامر كذلك فاسجدوا لله الذى انزله واعبدوه ولا تعبدوا غيره من ملك او بشر فضلا عن جماد لايضر ولا ينفع كالاصنام والكواكب قال فى عين المعانى فاسجدوا اى فى الصلاة والاصح انه على الانفراد وهى سجدة التلاوة انتهى وهذا محل سجود عند ابى حنيفة والشافعى واحمد وهو قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه لانه صح عن رسول الله عليه اللام انه سجد بالنجم يعنى بعد تلاوته هذه السورة على قريش سجد وسجد معه المؤمن والمشرك والانس والجن كما سبق وليس يراها مالك لما روى عن زيد بن ثابت رضى الله عنه انه قرأ على النبى عليه السلام والنجم فلم يسجد فيها (قال الكاشفى) اين سجده دوازدهم است ازسجدات قرءآنى در فتوحات اين را سجده عبادت كفتنند كه امر آلهى بذلت ومسكنت مقترنست بوى وجز سالكان طريقت عبادت وعبوديت بسر منزل سراين سخن نرسيده اند.
وفى التأويلات البقلى اى اذا قرب ايام الوصال فاشتاقوا وسارعوا فى بذل الوجود ووضع الخدود على التراب واعبدوا رب الارباب لوجود كشف النقاب قال شيخى وسندى روح الله روحه فى كتاب البرقيات له يعنى اسجدوا لله واعبدوا الله بالله لا بالنفس اذا سجدتم وعبدتم له بسجدة القالب بالانقياد وعبادته بالاذعان فى مرتبة الشريعة وبسجدة القلب بالفناء وعبادته بالاستهلاك فى مرتبة الحقيقة حتى تكون سجدتكم وعبادتكم محض قربة الى الله فى المرتبة الاولى وصرف وصلة الى الله فى المرتبة الثانية وتكونوا من المقربين اولا ومن الواصلين ثانيا هذا شأن عباد الله الموحدين المخلصين الفانين فى الله الباقين بالله اما طاعة من عداهم فبأنفسهم وهواهم لعدم تخلصهم من الشوآئب النفسانية فى مقام الشريعة من الشوائب الغيرية فى مقام الحقيقة، واعلم ان سجدة القالب وعبادته منقطعة لانقطاع سبها ومحلها وموطنها لانها حادثة فانية زآئلة واما سجدة القلب وعبادته وهى فناؤه فى الله ازلا وابدا بحسب نفسه وان كان باقيا بالله بحسب تحلية الوجود فغير منقطعة بل هى دآئمة لدوام سببها وباقية لبقاء محلها وموطنها ازلا وابدا والمقصود من وضع السجدة والعبادة القالبية هو الوصول الى شهود السجدة والعبادة القلبية ولذا حبب الى النبى عليه السلام ثلاث الطيب والنساء والصلاة اما الاول فلأنه يوجد فى نفسه ذوق الانس والمحاضرة واما الثانى فلأنه يوجد فيه ذوق القربة والوصلة واما الثالث فلأنه يوجد فيه ذوق المكاشفة والمشاهدة وهذه الاذواق انما يتحقق بها من الانس من هو الانسان الحقيقى المتحقق بسر الحضرة الاحدية والمتنور بنور الحضرة الواحدية وهو المنتفع بانسانيته انتفاعا تاما واما الانسان الحيوانى فلاحظ له من ذلك التحقق ولا نصيب له من هذا الانتفاع بل حظه ونصيبه انما هو الشهوات الطبيعية والانسان الاول فى اعلى عليين والثانى فى اسفل السافلين وبينهما بون بعيد كما بين الاوج والحضيض وبكمال علو الاول قد يستغنى عن الاكل والشرب كالملائكة بالاذواق الروحانية والتجليات الربانية وذلك مدة كثيرة كما وقع لبعضهم ولتمام تسفل الثانى يأكل كما تأكل الانعام فلا يقتنع فى اليوم والليلة بمرة من الاكل بل يحتاج الى مرات منها والا يقع فى الاضطراب والذبول والنحول وربما تؤدى قلة الاكل الى هلاكه كما حكى ان شخصين احدهما سمين والآخر هزيل حبسا فى تهمة ومنع عنهما الغذآء اسبوعا فبعد الاسبوع تبين ان ليس لهما جرم فاذا السمين قد مات والهزيل حى وذلك لان من اعتاد الاكل اذا لم يجده هلك
تمت سورة النجم بعون الله تعالى فى الحادى عشر من شهر رمضان المنتظم فى سلك شهور سنة اربع عشرة ومائة والف.