التفاسير

< >
عرض

ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ
١
-القمر

روح البيان في تفسير القرآن

{ اقتربت الساعة } الاقتراب نزديك آمدن. والساعة جزء من اجزآء الزمان عبر بها عن القيامة تشبيها لها بذلك لسرعة حسابها او لانها تقوم فىآخر ساعة من ساعات الدنيا او لانها ساعة خفيفة يحدث فيها امر عظيم او لغير ذلك كما بين فيما سبق والمعنى دنت القيامة وقرب قيامها ووقوعها لانه مابقى من الدنيا الا قليل كما قال عليه السلام "ان الله جعل الدنيا كلها قليلا فما بقى منها قليل من قليل ومثل مابقى مثل الثعب (اى الغدير) شرب صفوه وبقى كدره" فالاقتراب يدل على مضى الاكثر ويمضى الاقل عن قريب كما مضى الاكثر وبيانه انه مضى من يوم السنبلة وهو سبعة آلاف سنة وقد صح ان مدة هذه الامة تزيد عن الف بنحو اربعمائة سنة الى خمسمائة سنة ولايجوز الزيادة الى خمسمائة سنة بعد الالف لعدم ورود الاخبار فى ذلك ولاقتضاء البراهين والشواهد عند اهل الظواهر والبواطن من اهل السنة وقد قال عليه السلام الآيات بعد المائتين والمهدى بعد المائتين فتنتهى دورة السنبلة بظهور عيسى عليه السلام فيكون آدم فاتحها وعيسى خاتمها فعلى هذا فآدم ونبينا عليهما السلام اى وجودهما من اشراط الساعة فمعجزاته من انشقاق القمر ونحوه تكون كذلك.
يقول الفقير فان قلت فكم عمر الدنيا بأسرها وما قول العلماء فيه قلت اتفقوا على حدوث الدنيا وما قطعوا اي شىء فى مدتها والذى يلوح لى والله اعلم بحقيقة المدة انها ثلاثمائة وستون الف سنة وذلك لانه قد مثل دور السنبلة بجمعة من جمع الآخرة اى سبعة ايام وكل يوم من ايام الآخرة الف سنة كما قال تعالى
{ وان يوما عند ربك كألف سنة } ولاشك ان بالجمعة اى الاسبوع يتقدر الشهر وبالشهر تتقدر السنة وعليه يحمل مارود عن ابن عباس رضى الله عنهما الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة فقد مضى ستة آلاف سنة ومائة سنة وليأتين عليها زمن من سنين ليس عليها من يوحد وقد خاطبت الدنيا آدم عليه السلام فقالت يا آدم جئت وقد انقضى شبابى يعنى انقضى من عمرها ستون الف سنة تقريبا وهى اجمال ماذكرنا من المدة ولاشك ان مابين الستين والسبعين دقاقة الرقاب فآدم انما جاء الى الدنيا وقد انقضى عمرها وبقى شىء قليل منها وعلى هذا المعنى يحمل قول من قال ان عمر الدنيا سبعون الف سنة فاعرف جدا فالساعة مقتربة عند الله وعند الناس لان كل آت قريب وان طالت مدته فكيف اذا قصرت واما قوله تعالى { انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا } فبالنسبة الى الغافلين المنكرين ولاعبرة بهم والحكمة فى ذكر اقتراب الساعة تحذير المكلف وحثه على الطاعة تنبيها لعباده على ان الساعة من اعظم الامور الكونية على خلقه من اهل السموات والارض واما تعيين وقت الساعة فقد انفرد الحق تعالى بعلمه واخفاه عن عباده لانه اصلح لهم ولذا كان كل نبى قد انذر امته الدجال وفى الحديث "ان بين يدى الساعة كذابين فاحذروهم" والمراد بالكذابين الدجاجلة وهم الائمة المظلون، يقول الفقير لاشك ان انذار الانبياء عليهم السلام حقيقة من امثال هؤلاء الدجاجلة من اممهم اذ لم يخل قرن منهم والافهم يعرفون ان الساعة انما تقوم بعد ظهور ختم النبيين وختم الامم وان الدجال الاعور الكذاب متأخر عن زمانه وانما يخرج من الالف الثانى بعد المائتين والله اعلم فكل كذاب بين يدى الساعة سوآء كان قبل مبعث النبى عليه السلام او بعده فانما هو من مقدمات الدجال المعروف كما ان كل اهل صدق من مقدمات المهدى رضى الله عنه { وانشق القمر } الانشقاق شكافته شدن، دلت صيغة الماضى على تحقق الانشقاق فى زمن النبى عليه السلام ويدل قرءآة حذيفة رضى الله عنه وقت انشق القمر اى اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها ان القمر قد انشق وقد خطب حذيفة بالمدائن ثم قال الا ان الساعة قد اقتربت وان القمر قد انشق على عهد نبيكم وحذيفة ابن اليمان رضى الله عنه صاحب سر رسول الله عليه اللام كابن مسعود رضى الله عنه وعلى هذا القول عامة الصحابة ومن بعدهم وبه اخذ اكثر المفسرين فلا عبرة بقول من قال انه سينشق يوم القيامة كما قال تعالى { اذا السماء انشقت } والتعبير بالماضى للدلالة على تحققه على انا نقول يجوز أن يكون انشقاقه مرتين مرة فى زمانه عليه السلام اشارة الى قرب الساعة ومرة يوم القيامة حين انشقاق السماء وفى فتح البارى لابن حجر حنين الجذع وانشقاق القمر نقل كل منهما نقلا مستفيضا يفيد القطع عند من يطلع على طرق الحديث انتهى وقال الطيبى اسند ابو اسحق الزجاج عشرين حديثا الا واحدا فى تفسيره الى رسول الله عليه السلام فى انشقاق القمر وفى شرح الشريف للمواقف هذا متواتر رواه جمع كثير من الصحابة كابن مسعود وغيره قال سعدى المفتى فيه انهم لم يجعلوا حديث من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وقد رواه ستون او اكثر من الصحابة وفيه العشرة من المتواتر فكيف يجعل هذا منه انتهى، يقول الفقير قد جعل ابن الصلاح ومن تبعه ذلك الحديث اى حديث من كذب الخ من المتواتر كما فى اصول الحديث على انه يجوز أن لايكون بعض مارواه جمع كثير من المتواتر لعدم استجماع شرآئطه (امام زاهدرحمه الله ) آورده كه شبى ابو جهل وجهودى بحضرت بيغمبر عليه السلام رسيدند ابو جهل كفت اى محمد آيتى بمن نماى والاسر توبشمشير برميدارم آن حضرت فمودكه جه ميخواهى ابو جهل بجب وراست نكريست كه جه خواهد كه وقوع آن متعذر باشد يهودى كفت او ساحرست اورا بكرى كه ماه را بشكافد كه سحر درزمين متحقق ميشود وساحر را در آسمان تصرف نيست ابو جهل كفت اى محمد ماه را براى مابشكاف آن حضرت انكشت شهادت برآورد واشارت فرمود ماه رابشكافت فى الحال دونيم شد يك نيم برجاى خود قرار كرفت ويكى ديكر جايى ديكر رفت وباز كفت بكوى تاملتئم شود اشارت كرد هردونيمة بهم بيوستند

شق كشت ماه جارده برلوح سيز جرخ جون خامه دبير ز تيغ بنان او

(قال العطار قدس سره)

ماه را انكشت او بشكافته مهر ازفرمانش از بس تافته

(وفى المثنوى)

بس قمر كه امربشنيد وشتافت بس دونيمه كشت برجوخ وشكافت

(وقال الجامى)

جومه را برسرتير اشارت زد از سبابه معجز بشارت
دونون شدميم دور حلقه ماه جهل راساخت او شصت از دو بنجاه
بلى جون داشت ستش بر قلم بشت رقم زد خط شق برمه برانكشت

يهودى ايمان آورد وابو جهل لعين كفت جشم مابسحر رفته است وقمر را منشق بما نموده، وقال بعض المفسرين اجتمع بعض صناديد قريش فقالوا ان كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين ووعدوا الايمان وكانت ليلة البدر فرفع عليه السلام اصبعه وامر القمر بأن ينشق نصفين فانفلق فلقتين اى شقين فلقة ذهبت عن موضع القمر وفلقة بقيت فى موضعه وقال ابن مسعود رضى الله عنه رأيت حرآء بين فلقى القمر فعلى هذا فالنصفان ذهبا جميعا عن موضع القمر فقال بعضهم نصف ذهب الى المشرق ونصف الى المغرب واظلمت الدينا ساعة ثم طلعا والتقيا فى وسط السماء كما كان اول مرة فقال عليه السلام اشهدوا اشهدوا وعند ذلك قال كفار قريش سحركم ابن ابى كبشة فقال رجل منهم ان محمدا ان كان سحر القمر بالنسبة اليكم فانه لايبلغ من سحره أن يسحر جميع اهل الارض فاسألوا من يأتيكم من البلاد هل رأوا هذا، يعنى ازجماعت مسافران كه ازاطراف آفاق برسند سؤال كنيد تاايشان ديده اند يانه، فسألوا اهل الآفاق فأخبروا كلهم بذلك، يعنى جون از آينده ورونده برسيدند همه جواب دادنكه درفلان شب ماه را دونيمه ديديم، وهذا الكلام كما لايخفى يدل على انه لم يختص برؤية القمر منشقا اهل مكة بل راه كذلك جميع اهل الآفاق وبه يرد قول بعض الملاحدة لو وقع انشقاق القمر لاشترك اهل الارض كلهم فى رؤيته ومعرفته ولم يختص بها اهل مكة ولايحسن الجواب عند بأنه طلبه جماعة فاختصت رؤيته بمن ا قترح وقوعه ولا بانه قد يكون القمر حينئذ فى بعض المنازل التى تظهر لبعض اهل الآفاق دون بعض ولا بقول بعضهم ان انشاق القمر آية ليلية جرى مع طائفة فى جنح ليلة ومعظم الناس نيام كما فى انسان العيون وقال فى الاسئلة المقحمة لايستبعد اختفاؤه عن قوم دون قوم بسبب غيم او غيره يمنع من رؤيته اى فكان انشقاق القمر صحيحا لكنه لم ينقل بطريق التواتر ولم يشترك فيه العرب والعجم فى جميع الاقطار القاصية والدانية ولذا وقع فيه الاختلاف كما وقع فى المعراج والرؤية والى انشقاق القمر اشار الامام السبكى فى تائيته بقوله

وبدر الدياجى انشق نصفين عندما أرادت قريش منك اظهار آية

وصاحب القصيدة البردية بقوله

أقسمت بالقمر المنشق ان لهمن قلبه نسبة مبرورة القسم

يعنى لو أقسم احد ان للقمر المنشق نسبة وشبها بقلبه المنشق يكون بارا وصادقا وصاحب الهمزية بقوله

شق عن صدره وشق له البدر ومن شرط كل شرط جزآء

اى شق عن صدره عليه السلام وشق لاجله القمر ليلة اربع عشرة وانما شق له لان من شرط كل شرط جزآء لانه لما شق صدره جوزى على ذلك بأعظم مشابه له فى الصورة وهو شق القمر الذى هو من أظهر المعجزات بل اعظمها بعد القرءآن (كما قال الصائب)

هرمحنتى مقدمه راحتى بود شد همزبان حق جو زبان كليم سوخت

موسى كليم را انفلاق بحر بود ومصطفى حبيب را انشقاق قمر بود جه عجب كر بحر بر موسى بضرب عصا شكافته شد كه بحر مركوب وملموس است دست آدمى بدو رسد وقصد آدمى بوى أثر دارد اعجوبه مملكت انشقاق قمر است كه عالميان ازدر يافت آن عاجز ودست جن وانش از رسيدن بوى قاصر وبيان شق الصدر انه قالت حليمة امه عليه السلام من الرضاعة وهى من بنات بنى سعد بن بكر اسلمت مع اولادها وزوجها بعد البعثة لما كان يوم من الايام خرج محمد مع اخوته من الرضاعة وكان يومئذ ابن خمس سنين على ماقال ابن عباس رضى الله عنهما فلما انتصف النهار اذا أنا بابنى حمزة يعدو وقد علاه العرق باكيا ينادى يااماه ياأبتاه ادركا ادركا اخى القرشى فما أراكما تلحقانه الا ميتا قلت وما قصته قال بينا نحن نترامى بالجلة اذا أتاه رجل فاختطفه من بيننا وعلا به ذروة الجبل وشق صدره الى عانته فما أراه الا مقتولا قالت فأقبلت انا وزوجى نسعى سعيا فاذا أنا به قاعد على ذروة الجبل شاخص بعينه نحو السماء يتبسم فانكببت عليه وقبلت بين عينيه فقلت له فداك نفسى مالذى دهاك قال خير يا امه بينا انا الساعة قائم مع اخوتى نتقاذف بالجلة اذ اتانى رجلان عليهما ثياب بيض وفى رواية فأقبل الى طيران ابيضان كأنهما نسران وفى رواية كركيان والمراد ملكان وهما جبرآئيل وميكائيل وفى رواية أتانى ثلاثة رهط اى وهم جبرآئيل وميكائيل واسرافيل لان جبريل ملك الوحى الذى به حياة القلوب وميكائيل ملك الرزق الذى به حياة الاجساد واسرافيل مظهر الحياة مطلقا فى يد احدهم ابريق من فضة وفى يد الثانى طست من زمرد اخضر مملوء ثلجا وهو ثلج اليقين فأخذونى من بين اصحابى وانطلقوا بى الى ذروة الجبل وفى رواية الى شفير الوادى فأضجعنى بعضهم على الجبل اضجاعا لطيفا ثم شق صدرى وانا انظر اليه فلم اجد لذلك حسا ولا الما ثم ادخل يده فى جوفى فأخرج احشاء بطنى فغسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها اى بالغ فى غسلها ثم اعادها مكانها وقام الثانى وقال للاول تنح فقد انجزت ما أمرك الله فدنا منى فأدخل يده فى جوفى فانتزع قلبى وشقه باثنين فأخرج منه علقة سودآء فرمى بها وقال هذا حظ الشيطان اى محل غمزه ومحل مايلقيه من الامور التى لاتنبغى لان تلك العلقة خلقها الله فى قلوب البشر قابلة لما يلقيه الشيطان فيها فأزيلت من قلبه وبعض ورثته الكمل يقيىء دما اسود محترقا من نور التوحيد فيحصل به شرح الصدر وشق القلب ايضا ولايلزم من وجود القابل لما يلقيه الشيطان حصول الالقاء بالفعل قبل هذا الشق فانه عليه السلام معصوم على كل حال فان قلت فلم خلق الله هذا القابل فى هذه الذات الشريفة وكان من الممكن أن لايخلق فيها قلت لانه من جملة الاجزاء الانسانية فخلقت تكملة للخلق الانسانى ثم نزعت تكرمة له اى لانه لو خلق خاليا عنها لم تظهر تلك الكرامة وفيه انه يرد على ذلك ولادته عليه السلام من غير قلفة وهى جلدة الذكر التى يقطعها الخاتن و اجيب بالفرق بينهما لان القلفة لما كانت تزال ولا بد من كل واحد مع مايلزم على ازالتها من كشف العورة كان نقص الخلقة الانسانية عنها عين الكمال قال عليه السلام ثم حشا قلبى بشىء كان معه وهو الحكمة والايمان ورده مكانه ثم ختمه بخاتم من نوريحا الناظرون دونه وفى رواية واقبل الملك وفى يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه ولا مانع من تعدد الختم فختم القلب لحفظ مافيه وبين الكتفين مبالغة فى حفظ ذلك لان الصدر وعاؤه القريب وجسده وعاؤه البعيد وخص بين الكتفين لانه اقرب اليه من القلب من بقية الجسد وهو موضع نفوذ خرطوم ابليس لان العدو يجيىء من ورآء ولذا سن الحجامة فيه ثم قال عليه السلام انا الساعة اجد برد الخاتم فى عروقى ومفاصلى وقام الثالث فقال تنحيا فقد انجز تماما امر الله فيه فدنا منى وامر يده على مفرق صدرى الى منتهى الشق فالتأم وانا انظر اليه وكانوا يرونه اثرا كأثر المخيط فى صدره وهو اثر مرور يد جبريل ثم انهضنى من الارض انهاضا لطيفا ثم قال الاول الذى شق صدرى زنه بعشرة من امته فوزننى فرجحتهم ثم قال زنه بعشرين فرجحتهم ثم قال زنه بمائة فرجحتهم ثم قال زنه بالف فرجحتهم ثم قال دعه فلو وزنتموه بامته كلهم لرجحهم.
يقول الفقير هذا يدل على انه عليه السلام كما انه افضل من كل فرد فرد من افراد الموجودات فكذا افضل من المجموع ولا عبرة بقول من قال فى كونه افضل من المجموع توقف لانه جهل بشأنه العالى وانه احدية مجموع الاسماء الالهية وبرزخيتها فاعرف قال عليه السلام ثم انكبوا على وقبلوا رأسى ومابين عينى وقالوا ياحبيباه انك لو تدرى مايراد بك من الخير لقرت عيناك وتركونى قاعدا فى مكانى هذا وجعلوا يطيرون حتى دخلوا خلال السماء وانا انظر اليهم ولو شئت لارينك موضع دخولهم، واعلم ان صدره الشريف شق مرارا مرة لاخراج حظ الشيطان كما مر لانه لايليق به وعند مجيىء الوحى لتحمل ثقله وعند المعراج لتحمل اسراره ففى شرح الصدر مرارا مزيد تقوية لباطنه وهذا الشرح معنوى لأكامل امته ولا بد منه فى حصول الفيض الالهى يسره الله لى ولكم ثم انه بقى هنا معنى آخر كما قاله البعض وهو ان انشقاق القمر مجاز عن وضوح الامر ولايبعد ان يحمل بيت المثنوى على ذلك وهو

سايه خواب آرد ترا همجون سمر بر آيد شمس انشق القمر

اى وضح الامر واستبان وذلك لانه عند اقتراب الساعة ينكشف كل خفى ويظهر كل مستور ويستبين الحق من الباطل من كل وجه ويدل على هذا المعنى قوله عليه السلام اذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب فان المراد وضوح الامر فى آخر الزمان وظهور حقيقته ولذا يصير الناس بحيث ينكشف لأدنى سالك منهم فى مدة قليلة مالم ينكشف للامم الماضية فى مدة طويلة وذلك لان الله تعالى قال فى حق يوم القيامة { يوم تبلى السرآئر } فاذا قرب الزمان من ذلك اليوم يأخذ حكمه فيكون كشف الامور اكثر والخفايا اظهر وقال البقلىرحمه الله علم الله انتظار ارواح الانبياء والمرسلين والملائكة المقربين والاولياء العارفين وجميع الصالحين كشف جماله وقرب وصاله والدخول فى جواره فبشرهم الله تعالى بأنه مقرون بقدوم محمد عليه السلام فلما خرج بالنبوة شك فيه المشركون فأراهم الله صدق وعده بانشقاق القمر حتى يعرفوا ان الله تعالى يريد بالعالمين اتيان الساعة التى فيها كشوف العجائب وظهور الغرآئب من آيات الله وصفاته وذاته.
وفى التأويلات النجمية اعلم ان الساعة اى القيامة ساعتان الكبرى وهى عامة بالنسبة الى جميع الخلائق وهى التى اقتربت والصغرى وهى خاصة بالنسبة الى السالكين الى الله برفع الاوصاف البشرية وقطع العلائق الطبيعية السائرين فى الله بالتجلى بالاوصاف الالهية والاخلاق الربانية الراجعين من الحق الى الحق بالبقاء الحقانى بعد الفناء الخلقانى وبالجمع بعد الفرق وهى أعنى الساعة الصغرى واقعة اليوم فى كل آن ولله تجلى جلالى يفنى وجمالى يبقى واليه اشارة قوله عليه السلام من مات فقد قامت قيامته فقد انشق قمر قلب السالك عن ظلمة النفس المظلمة باستيلاء نور شمس فلك الروح عليها فلا جرم وقعت الساعة بالنسبة الى القلب الحى المنور بالنور الالهى ووقعت القيامة الخاصة الشاملة على الموت والحشر والنشور فافهم ولاتعجب لئلا تكن ممن قال تعالى فيهم أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون والله الموفق والمعين