التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
-القمر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولقد تركناها } اى السفينة { آية } يعتبر بها من يقف على خبرها وقال قتادة ابقاها الله بياقردى من بلاد الجزيرة وقيل على الجودى دهرا طويلا حتى نظر اليها او آئل هذه الامة وكم من سفينة كانت بعد قد صارت رمادا وفى تفسير ابى الليث قال بعضهم يعنى ان تلك السفينة كانت باقية على الجبل قريبا من خروج النبى عليه السلام وقيل بقيت خشبة من سفينة نوح هى فى الكعبة الآن وهى ساجة غرست حتى ترعرت اربعين سنة ثم قطعت فتركت حتى يبست اربعين سنة وقيل بقى بعضها خشبها على الجودى الى هذه الاوقات، يقول الفقير لعل بقاء بعض خشبها لكونها آية وعبرة والا فهو ليس بافضل من اخشاب منبر نبينا صلى الله عليه وسلم فى المدينة وقد احترقت او اكلتها الارضة فاتخذت مشطا ونحوه مما يتبرك به ألا ترى ان مقام ابراهيم عليه السلام مع كونه حجرا صلدا لم يبق اثره بكثرة مسح الايدى ثم لم يبقى نفسه ايضا على ماهو الاصح والمعروف بالمقام الآن هو مقام ذلك المقام فاعرف وفى عين المعانى ولقد تركناها اى الغرق العام وهو اضمار الآية قبل الذكر كقوله انها تذكرة وقال بعضهم يعنى جنس السفينة صارت عبرة لان الناس لم يعرفوا قبل ذلك سفينة واتخذوا السفن بعد ذلك فى البحر فلذلك كانت آية للناس، يقول الفقير كيف يعرفونها ولم يكن فى الدنيا قبل الطوفان الا البحر المحيط وذلك ان الله تعالى امر الارض بعد الطوفان فابتلعت ماءها وبقى ماء السماء لم تبتلعه الارض فهذه البحور على وجه الارض منها واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جرز عن الارض حين خلق الله الارض من زبده واليه الاشارة بقوله { وكان عرشه على الماء } اى العذب والبحور سبعة منها البحر المحيط وبعضهم لم يعد المحيط منها بل هو غير السبعة وكان نوح عليه السلام نجارا فجاء جبريل وعلمه صنعة السفينة { فهل من مدكر } اى معتبر بتلك الآية الحقيقة بالاعتبار فيخاف من الله ويترك المعصية واصله مذتكر على وزن مفتعل من الذكر فأدغمت الذال فى التاء ثم قلبت دالا مشددة