التفاسير

< >
عرض

وَكَذَّبُواْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ
٣
-القمر

روح البيان في تفسير القرآن

{ وكذبوا } اى النبى عليه السلام وما عاينوه من معجزات التى اظهرها الله على يده { واتبعوا اهواءهم } التى زينها الشيطان لهم من رد الحق بعد ظهوره او كذبوا الآية التى هى انشاق القمر واتبعوا اهوآءهم وقالوا سحر القمر او سحر اعيننا والقمر بحاله ولم يصبه شىء او انه خسوف فى القمر وظهور شىء من جانب آخر من الجو يشبه نصف القمر فهذه اهوآؤهم الباطلة

بد كمانى لازم بد باطنان افتاده است كوشه از خلق جاكردم كمين بنداشتند

وذكرهما بلفظ الماضى اى بعد يعرضوا ويقولوا بلفظ المستقبل للاشعار بأنهما من عادتهم القديمة وفيه اشارة الى المحجوبين المستغرقين فى بحر الدنيا وشهواتها فانهم اذا ظهر لهم خاطر رحمانى بالاقبال على الله ومتابعة الرسول وترك حب الدنيا ورفع شهواتها يعرضوا عن هذا الخاطر الرحمانى وينفوه ولا يلتفتوا اليه ولا يعتبروه بل يزدادوا فيما هم عليه من حب الدنيا ومتابعة النفس وموافقة الهوى ويرموه بالكذب وربما يرى بعضهم فى منامه انه لبس خرقة الفقرآء من خارج ولكن تحتها قميص حرير فهذا يدل على ان تجرده ليس من باطنه فتجرده الظاهرى وملاحظة الفناء القشرى ليس بنافع له جدا { وكل امر مستقر } اى وكل امر من الامور مستقر اى منته الى غاية يستقر عليها لا محالة ومن جملتها امر النبى عليه السلام فسيصير الى غاية يتبين عندها حقيقته وعلو شأنه وابهام المستقر عليه للتنبيه على كمال ظهور الحال وعدم الحاجة الى التصريح به او كل امر من امرهم امره عليه السلام مستقر اى سيثبت ويستقر على حالة خذلان او نصرة فى الدنيا وشقاوة او سعادة فى الآخرة فان الشىء اذا انتهى الى غايته ثبت واستقر يعنى ان الاستقرار كناية عن ملزومه وهو الانتهاء الى الغاية فان عنده يتبين حقيقة كل شىء من الخير والشر والحق والباطل والهوى والحجة وينكشف جلية الحال ويضمحل الشبه والالتباس فان الحقائق اما تظهر عند العواقب فهذا وعيد للمشركين ووعد وبشارة للرسول والمؤمنين ونظيره لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون اى كل نبأ وان طالت مدته فلا بد ان ينتهى الى غايته وتنكشف حقيقته من حق وباطل وفى عين المعانى وكل امر وعدهم الله كائن فى وقته اى لايتغير شىء عن مراد الله ولايغيره احد دون الله فهو يمضيه على الخلق فى وقته لانه مستقر لايزول وفيه اشارة الى ان امر محمد الروح وامر ابى جهل النفس له نهاية وغاية يستقر فيها اما الى السعادة الابدية بواسطة التخلق بالاخلاق الالهية واما الى الشقاوة السرمدية بسبب الاتصاف بالصفات البشرية الحيوانية