التفاسير

< >
عرض

مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
-القمر

روح البيان في تفسير القرآن

{ مهطعين الى الداع } حال ايضا اى مسرعين الى جهة الداعى مادى اعناقهم اليه او ناظرين اليه لايقلعون بأبصارهم يقال هطع الرجل اذا أقبل ببصره على الشىء لايقلع عنه وأهطع اذا مد عنقه وصوب رأسه وأهطع فى عدوه اذا اسرع كما فى الجوهرى وفيه اشارة الى ذلة أبصار النفوس وعلتها فانها رمدت من حب الدنيا وانطفاء ابصار القلوب عن شواهد الحق وانطماس ابصار الارواح عن شهود الحق والى ان هذه النفوس الرديئة تخرج من قبور صفاتها الرذيلة كالجراد الحريص على اكل زروع مزارع القلب من الاخلاق الروحانية منتشرين فى مزارع الروح ومغارس القلب بالفساد والافساد وترى هذه النفوس الخبيثة مسرعة الى اجابة داعى الشهوات النفسانية واللذات الجسمانية راغبة الى دعوته مقبلة على طلبه { يقول الكافرون } استئناف وقع جوابا عما نشأ من وصف اليوم بالاهوال واهله بسوء الحال كأنه قيل فماذا يكون حينئذ فقيل يقول الكافرين { هذا يوم عسر } اى صعب شديد علينا فيمكثون بعد الخروج من القبور واقفين اربعين سنة يقولون ارحنا من هذا ولو الى النار ثم يؤمرون بالحساب وفى اسناد القول المذكور الى الكفار تلويح بأن المؤمنين ليسوا فى تلك المرتبة من الشدة بل ذلك اليوم يوم يسير لهم ببركة ايمانهم وأعمالهم بل المطهرون المحفوظون الذين ماتدنست بواطنهم بالشبه المضلة ولا ظواهر هم ايضا بالمخالفات الشرعية آمنون يغبطهم النبيون فى الذىهم عليه من الامن لما هم والنبيون عليه من الخوف على اممهم يعنى ان الانبياء والرسل عليهم السلام يخافون على اممهم للشفقة التى جبلهم الله عليها للخلق فيقولون فى ذلك اليوم سلم سلم وان كان لايحزنهم الفزع الاكبر لانهم آمنون من خوف العاقبة وفيه اشارة الى كفار النفوس اللئيمة يقولون بلسان الحال ولا ينفعهم المقال يوم قيامة اضطرابهم لما رأوا الفضيحة والقطيعة هذا يوم عسر صعب خلاصنا ومناصنا منه لانجاة لنا ولا منجاة الا الاستمساك بعروة وثقى الروح والقلب وما يقدرون على مايقولون لافساد استعدادهم بيد الامانى الكاذبة واختيار تلك الامانى الفاسدة الدنيوية على المطالب الصالحة الاخروية فعلى العاقل أن يختار الباقى على الفانى ولايغتر بالامانى بل يجتهد قبل الموت بأسباب الخلاص والنجاة لكى يحصل له فى الآخرة النعيم والدرجات والا فاذا خرج الوقت من اليد وبقيت اليد صفرا فى الغد فلا ينفع الاسف والويل نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من الذين أجابوا داعى الله ورسوله وتشرفوا بالعمل بالقرءآن وقبوله وييسر لنا الفناء المعنوى قبل الفناء الصورى ويهيىء لنا من امرنا رشدا فانا آمنا به ولم نشرك بربنا احدا وهو المعين فى الآخرة والاولى بيده الامور ردا وقبولا