التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
-القمر

روح البيان في تفسير القرآن

{ كذبت قبلهم قوم نوح } اى فعل التكذيب قبل قومك يامحمد قوم نوح او كذبوا نوحا فالمفعول محذوف وهو شروع فى تعداد بعض الانباء الموجبة للازدجار وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم { فكذبوا عبدنا } نوحا تفسير لذلك التكذيب المبهم كما فى قوله تعالى { ونادى نوح ربه فقال رب } الخ فالمكذب فى المقامين واحد والفاء تفسيرية تفصيلية تعقيبية فى الذكر فان التفصيل يعقب الاجمال وفى ذكره بعنوان العبودية مع الاضافة الى نون العظمة تفخيم له عليه السلام ورفع لمحله وزيادة تشنيع لمكذبيه فان تكذيب عبد السلطان اشنع من تكذيب عبد غيره وفيه اشارة الى انه لاشىء اشرف من العبودية فان الذلة الحقيقية التى يقابلها مقام الربوبية مختصة بالله تعالى فكذا العبودية مختصة بالعبد وهى المرادة بالتواضع وهى غير التملق فان التملق لاغبرة به وفى الحديث "انا سيد ولد آدم ولا فخر" اى ليس الفخر لى بالرسالة وانما الفخر لى بالعبودية وخصوصا بالفقر الذى هو الخروج عن الوجود المجازى بالكلية { وقالوا } فى حقه هو او قالوا له انك { مجنون } اى لم يقتصروا على مجرد التكذيب بل نسبوه الجنون واختلال العقل وهو اجادة فى التكذيب لان من الكاذبين من يخبر بما يوافق العقل ويقبله والمجنون لايقول الا مالا يقبله العقل وياباه { وازدجر } عطف على قالوا فهو من كلام الله اى وزجر عن التبليغ بأنواع الاذية مثل الشتم والضرب والخنق والوعيد بالرجم قال الراغب وازدجر اى طرد واستعمال الزجر فيه لصياحهم بالمطرود نحو ان يقال أعزب عنى وتنح و ورآءك وقيل هو من جملة ماقالوه اى هو مجنون وقد ازدجرته الجن وتخبطته اى افسدته وتصرفت فيه وذهبت بلبه وطارت بقلبه وفيه اشارة الى ان كل داع حق لابد وان يكذب لكثرة اهل البطلان وغلبة اهل البدع والاهوآء والطغيان وذلك فى كل عصر وزمان وايضا قوم نوح الروح وهم النفس الامارة وصفاتها لايقبلون دعوته الى الله لانهماكهم فى الشهوات واللذات وصعوبة الفطام عن المألوفات والله المعين فى جميع الحالات والمقامات

اين جهان شهوتى بتخانه ايست انبيا وكافران را لانه ايست
ليك شهوت بنده با كان بود زرنسوزد زانكه نقد كان بود
ذلة الارواح من اشباحها عزة الاشباح من ارواحها
كم نشين براسب توسن بى لكام عقل ودين را بيشوا كن والسلام