التفاسير

< >
عرض

سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ
٣١
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٢
-الرحمن

روح البيان في تفسير القرآن

{ سنفرغ لكم } اى سنتجرد لحسابكم وجزآئكم وذلك يوم القيامة عن انتهاء شؤون الخلق المشار اليه بقوله تعالى { كل يوم هو فى شأن } فلا يبقى حينئذ الا شأن واحد هو الجزآء فعبر عنه بالفراغ لهم على المجاز المرسل فان الفراغ يلزمه التجرد والا فليس المراد الفراغ من الشغل لانه تعالى لايشغله شأن عن شأن وقيل هو مستعار من قول المهدد لصاحبه سأفرغ لك اى سأتجرد للايقاع بك من كل مايشغلنى عنه والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه فالخطاب للمجرمين منهما بخلافه على الاول { ايه الثقلان } قال الراغب الثقل والخفة متقابلان وكل مايترجح على مايوزن به او يقدر به يقال هو ثقيل واصله فى الاجسام ثم يقال فى المعانى اثقله الغرم والوزر انتهى والمراد هنا الانس والجن سميا بذلك لانهما ثقلا الارض يعنى انهما شبها بثقلى الدابة وفى حواشى ابن الشيخ شبه الارض بالحمولة التى تحمل الاثقال والانس والجن جعلا اثقالا محمولة عليها وجعل ماسواهما كالعلاوة او لرزانة آرآئهما او لانهما مثقلان بالتكليف او لعظم قدرهما فى الارض كما فى الحديث "انى خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى" وقال الصادق رضى الله عنه سميا ثقلين لانهما يثقلان بالذنوب او لما فيهما من الثقل وهو عين تأخرهما بالوجود لان من عادة الثقيل الابطاء كما ان من عادة الخفيف الاسراع والانس اثقل من الجن للركن الاغلب عليهم { فبأى آلاء ربكما } التى من جملتها التنبيه على ماسيلقونه يوم القيامة للتحذير عما يؤدى الى سواء الحساب { تكذبان } بأقوالكما واعمالكما قال فى كشف الاسرار اعلم ان بعض هذه السورة ذكر فيه الشدآئد والعذاب والنار والنعمة فيها من وجهين احدهما فى صرفها عن المؤمنين الى الكفار وتلك النعمة عظيمة تقتضى شكرا عظيما والثانى ان التخويف منها والتنبيه عليها نعمة عظيمة لان اجتهاد الانسان رهبة مما يؤلمه اكثر من اجتهاده رغبة فيما ينعمه