التفاسير

< >
عرض

مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ
٧٦
-الرحمن

روح البيان في تفسير القرآن

{ متكئين } حال صاحبه محذوف يدل على الضمير فى قبلهم { على رفرف } اما اسم جنس او اسم جمع واحده رفرفه قيل هو ماتدلى من الاسرة من عالى الثياب او ضرب من البسط او الوسائد قال فى المفردات الرفرف ضرب من الثياب مشبه بالرياض انتهى ومن معانى الرفرف الرياض وكان بساط انوشروان ستين ذراعا فى ستين ذراعا يبسط له فى ايوانه منظوما باللؤلؤ والجواهر الملونة على ألوان زهر الربيع وينشر اذا عدمت الزهور وفى القاموس الرفرف ثياب خضر تتخذ منها المحابس وتبسط وفضول المحابس والفرش وكل مافضل فثنى والفراش والرقيق من الديباج { خضر } نعت لرفرف جمع أخضر والخضرة احد الالوان بين البياض والسواد وهو الى السواد أقرب فلهذا اسمى الاسود أخضر والاخضر أسود { وعبقرى } عطف على رفرف والمراد الجنس ولذا وصف بالجمع وهو قوله { حسان } حملا على المعنى وهو جمع حسن والعبقرى منسوب الى عبقر تزعم العرب انه اسم بلد كثير الجن فينسبون اليه كل شىء عجيب وقال قطرب ليس هو من المنسوب بل هو بمنزلة كرسى وبختى قال فى القاموس عبقر موضع كثير الجن وقرية ثيابها فى غاية الحسن والعبقرى ضرب من البسط كالعباقرى انتهى وفى المفردات قيل هو موضع للجن ينسب اليه كل نادر من انسان وحيوان وثوب قال الله تعالى { وعبقرى حسان } وهو ضرب من الفرش جعله الله مثلا لفرش الجنة وفى التكملة عبقر اسم موضع يصنع فيه الوشى كانت العرب اذا رأت شيأ نسبته اليه فخاطبهم الله على عادتهم وفى فتح الرحمن العبقرى بسط حسان فيها صور وغير ذلك والعرب اذا استحسنت شيأ واستجادته قالت عبقرى قال ابن عطية ومنه قول النبى عليه السلام "رأيت عمر بن الخطاب فى المنام يستقى من بئر فلم أر عبقر يايفرى فريه" اى سيدا يعمل عمله وقيل عبقر اسم رجل كان بمكة يتخذ الزرابى ويجيدها فنسب اليه كل شىء جيد حسن وبالفارسية وبساطى قيمتى درغايت نيكويى قوله تعالى فى الاولين { متكئين على فرش بطائنها من استبرق } وترك ذكر الظهارة لرفعة شأنها وخروجها عن كونها مدركة بالعقول والافهام وفى الاخريين متكئين على رفرف خضر وعبقرى وبه يعلم تفاوت مابينها وقيل الاستبراق ديباج والعبقرى موشى والديباج اعلى من الموشى قال ابن الشيخ الرفرف فراش اذا استقر عليه الولى طار به من فرحه وشوقه اليه يمينا وشمالا وحيثما يريده الولى (ورى) فى حديث المعراج ان رسول الله عليه السلام لما بلغ سدرة المنتهى جاءه الرفرف فتناوله من جبريل وطار به الى سيد العرش فذكر عليه السلام "انه طار بى يخفضنى ويرفعنى حتى وقف بى على ربى ولما حان الانصراف تناوله فطار به خفضا ورفعا يهوى به حتى اداه الى جبريل" فالرفرف خادم بين يدى الله من جملة الخدم مختص بخواص الامور فى محل الدنو والقربة كما أن البراق دابة يركبها الانبياء مخصوصة بذلك فهذا الرفرف الذى سخره لاهل الجنتين هو متكأهم وفرشهم يرفرف بالولى ويطير به على حافات تلك الانهار وحيث يشاء من خيامه وازواجه وقصوره انتهى وهذا التقرير على تقدير أن يكون دون من الدنو ومعنى من دونهما ارفع منهما كما لايخفى ويدل عليه ان الرفرف اعظم خضرة من الفرش المذكورة فى قوله { متكئين على فرش
}