التفاسير

< >
عرض

وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ
١٤
-الواقعة

روح البيان في تفسير القرآن

{ وقليل من الآخرين } اى من هذه الامة ولايخالفه قوله عليه السلام "ان امتى يكثرون سائر الامم" اي يغلبونهم بالكثرة فان اكثرية سابقى الامم السالفة من سابقى هذه الامة لاتمنع اكثرية تابعى أولئك مثل ان يكون سابقوهم ألفين وتابعوهم ألفا فالمجموع ثلاثة آلاف ويكون سابقواهذه الامة الفا وتابعوهم ثلاثة آلاف فالمجموع اربعة آلاف فرضا وهذا المجموع اكثر من المجموع الاول وفى الحديث "انا اكثر الناس تبعا يوم القيامة" ولا يرده قوله تعالى فى اصحاب اليمين { ثلة من الاولين وثلة من الآخرين } لان كثرة كل من الفريقين فى انفسهما لا تنافى اكثرية احدهما من الآخر وسيأتى ان الثلتين من هذه الامة وقد روى مرفوعا ان الاولين والآخرين ههنا ايضا متقدموا هذه الامة ومتأخروهم وهو المختار كمافى بحر العلوم فالمتقدمون مثل الصحابة والتابعين رضى الله عنهم ولما نزلت بكى عمر رضى الله عنه فنزل قوله { ثلة من الاولين و ثلة من الآخرين } يعنى كريان شد وكفت بانبى الله مابانو كرويديم وتصديق كرديم وازما اهل نجاب نيامد مكر اندك ا ين آيت آمد كه { وثلة من الاخرين } حضرت صلى الله عليه وسلم آياتبروى خواند وعمر فرمودكه رضينا من ربنا وفى الحديث "أترضون أن تكونوا ربع اهل الجنة قلنا نعم قال أترضون ان تكونوا ثلث اهل الجنة قلنا نعم قال والذى نفسى محمد بيده انى لارجو أن تكونوا نصف اهل الجنة وذلك ان الجنة يعنى كونكم نصف اهلها بسبب انها لايدخلها الا نفس مسلمة وما أنتم فى اهل الشرك الا كالشعرة البيضاء فى جلد الثور الاسود وكالشعرة السوداء فى جلد الثور الاحمر" اى فلا يستبعد دخول كلهم الجنة وقد ترقى عليه السلام فى حديث آخر من النصف الى الثلثين وقال ان اهل الجنة مائة وعشرون صفا وهذه الامة منها ثمانون قال السهيلىرحمه الله فى كتاب التعريف والاعلام قال عليه السلام "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة" فهم اذا محمد صلى الله عليه وسلم وامته واول سابق الى باب الجنة محمد عليه السلام وفى الحديث "انا اول من يقرع باب الجنة فأدخل ومعى فقراء المهاجرين" واما آخر من يدخل الجنة وآخر اهل النار خروجاً منها رجل اسمه جهينة فيقول اهل الجنة تعالوا نسأل جهينة فعنده الخبر اليقين فيسألونه هل بقى أحد فى النار ممن يقول لا اله الا لله

نماند بزندان دوزخ اسير كسى راكه باشد جنين دستكير

يقول الفقير هذه خلاصة مااورده اهل التفسير فى هذا المقام والذى يلوح لى ان المقربين وان كانوا داخلين فى اصحاب اليمين الا ان المراد بقوله تعالى { وثلة من الآخرين } هى الثلة التى من اصحاب اليمين وهم هنا غير المقربين بقرينة تقسم الازواج وتبيين كل فريق منهم على حدة وكلا منافى المقربين خصوصا اعنى السابقين منه هذه الامة هل هم من سابقى الامم كما يدل عليه ظاهر قوله تعالى { وقليل من الآخرين } او هم اكثر كما يدل عليه بعض الشواهد والظاهر أنهم اكثر من اصحاب اليمين والآية محمولة على مقدمى هذه الامة ومتأخريها كما أشير اليه سابقا وذلك لان النبى عليه السلام شبه علماء هذه الامة بانبياء بنى اسرائيل ولاشك ان الانبياء كلهم من المقربين وعلماء هذه الامة لا نهاية لهم دل عليه ان اولياء فى كل عصر من اعصار هذه الامة عدد الانبياء وهم مائة ألف واربعة وعشرون ألفا وقد يزيد عددهم على عدد الانبياء بحسب نوارنية الزمان وقد ثبت ان كل اربعين مؤمنا فى قوة ولى عرفى فاذا كان صفوف هذه الامة يوم القيامة ثمانين فظاهر أن عددهم يزيد على عدد الاولين بزيادة العدد يزيد الاولياء اصحاب اليمين وبزيادتهم يزيد الاولياء المقربين السابقون فان العدد المذكور منهم الغوث والاقطاب والكمل فاعرف.
وفى التأويلات النجمية يشير بقوله
{ ثلة من الاولين } الى كثرة ارباب القلوب صواحب التجليات الجزيئة الصفاتية والاسمائية وكثرة اصحاب اللذات النفسانية الظلمانية وبقوله { وقليل من الآخرين } المحمديين يشير الى ارباب الارواح الظاهرة صواحب التجليات الذاتية المقدسة عن كثرات الاسماء والصفات الاعتبارية