التفاسير

< >
عرض

نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ
٧٣
-الواقعة

روح البيان في تفسير القرآن

{ نحن جعلناها تذكرة } استئناف مبين لمنافعها اى جعلنا نار الزناد تذكير النار جهنم من حيث عقلنا بها اسباب المعاش لينظروا اليها ويذكروا ما اوعدوا به من نار جهنم او تذكرة وموعظة وانموذجا من جهنم لما روى عن النبى عليه السلام "ناركم هذه التى يوقدها بنوا آدم جزء من سبعين جزأ من حر جهنم" وقيل تبصره فى امر البعث فانه ليس ابدع من اخراج النار من الشىء الرطب وفى عين المعانى وهو حجة على منكرى عذاب القبر حيث تضمن النار مالا يحرق ظاهره { ومتاعا } ومنفعة وبلغة لان حمل النار يشق { للمقوين } للذين ينزلون القوآء بالفتح وهو القفر الخالى عن الماء والكلاء والعمارة وهم المسافرون وتخصيصهم بذلك لانهم احوج اليها ليهرب منها السباع ويسطلوا من البرد ويجففوا ثيابهم ويصلحوا طعامهم فان المقيمين او النازلين بقرب منهم ليسوا بمضطرين الى الاقتداح بالزناد وتأخير هذه المنفعة للتنبيه على ان الاهم هو النفع الاخروى يقال اقوى الرجل اذا نزل فى الارض القوآء كأصحر اذا دخل فى الصحراء وفى الحديث قال النبى عليه السلام لجبريل "مالى لم أر ميكائيل ضاحكا قط قال ماضحك ميكائيل منذ خلقت النار" وعن انس رضى الله عنه يرفعه ان أدنى اهل النار عذابا الذى يجعل له نعلان يغلي منهما دماغه فى رأسه وفيه بيان شدة نار جهنم وانها ليست كنار الدنيا وقانا الله واياكم منها وفى الآية اشارة الى نار المحبة المشتعلة الموقودة بمقدح الطلب فى حراقة قلب المحب الصادق فى سلوك طريق الحق وشجرتها هى العناية الالهية السرمدية يدل هذا التأويل قول العارف أبى الحسين المنصور قدس سره حين سئل عن حقيقة المحبة هى العناية الالهية السرمدية لولاها ما كنت تدرى ماالكتاب ولا الايمان نحن جعلناها تذكرة لأرباب النفوس البشرية ليهتدوا بنورها الى سلوك طريق الحق { ومتاعا للمقوين } اى غذآء لأرواح المحبين الطاوين اياما وليالى عن الطعام والشراب كما حكى عن سهل التسترىرحمه الله انه كان يطوى ثلاثين يوما وعن أبى عقيل المغربى قدس سره انه ما اكل سنتين وهو مجاور بمكة وعن كثير من المرتاضين السالكين وانما رفع ادريس عليه السلام الى السماء الرابعة لمبالغته فى التجريد والترويح حتى ان الروحانية غلبت عليه فخلع بدنه وخالط الملائكة واتصل بروحانية الافلاك وترقى الى عالم القدس وقد اقامه ستة عشر عاما لم ينم ولم يطعم شيأ ولم يتزوج قط لزوال الشهوة بالكلية حتى صار عقلا مجردا من كثرة الرياضة ورفع الى اعلا الامكنة وهو المكان الذى يدور عليه رحى عالم الافلاك وهو فلك الشمس ثم نار المحبة اشد النيران قال الجنيد قدس سره قالت النار يارب لو لم اطعك هل كنت تعذبنى بشىء هو اشد منى قال نعم كنت اسلط عليك نارى الكبرى قالت هل نار اعظم منى قال نعم نار محبتى اسكنها قلوب اوليائى المؤمنين كما فى فتح القريب

مهر جانان آتش است عشاق را مى بسوزد هستىء مشتاق را