التفاسير

< >
عرض

وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ
٨٢
-الواقعة

روح البيان في تفسير القرآن

{ وتجعلون رزقكم } اى شكر رزقكم بتقدير المضاف ليصح المعنى والرزق فى الاصل مصدر سمى به مايرزق والمراد نعمة القرءآن { انكم تكذبون } اى تضعون التكذيب لرازقه موضع الشكر او تجعلون شكر رزقكم الصورى انكم تكذبون بكونه من الله حيث تنسبونه الى الانواء وكان عليه السلام يقول "لوحبس الله القطر عن امتى عشر سنين ثم انزل لاصبحت طائفة منهم يقولون سقينا بنوء كذا" وقال عليه السلام "اخوف ماأخاف على امتى حيف الائمة والتكذيب بالقدر والايمان بالنجوم" (روى) انه عليه السلام صلى صلاة الصبح بالحديبية فى اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال "هل تدرون ماذا قال ربكم" قالوا الله ورسوله اعلم قال "اصبح من عبادى مؤمن بى وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكواكب واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بى مؤمن بالكواكب" وفى الحديث "ثلاث من امر الجاهلية الطعن فى الانساب والنياحة والانواء" فالطعن معروف والنياحة البكاء على الميت مع تعديد محاسنه والانوآء جمع نوء المنازل الثمانى والعشرون للقمر والعرب كانت تعتقد ان الامطار والخير كله يجيىء منه وفى حواشى ابن الشيخ فى سورة الفرقان الانواء النجوم التى يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه فى جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الامطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها وقيل الى الطالع منها انتهى.
وفى القاموس النوء النجم مال للغروب او سقوط النجم فى المغرب مع الفجر وطلوع آخر يقابله من ساعته فى المشرق انتهى فظهر ان التأثير من الله تعالى فى الاشياء فيجيب على المؤمن أن يعتقده منه تعالى لا من الافلاك والنجم والدهر ونحوهما وفى هدية المهديين لو صاحت الهامة او طير آخر فقال رجل يموت المريض يكفر ولو خرج الى السفر ورجع فقال ارجع لصياح العقعق كفر عند بعضهم وقيل لا ولو قال عند صياح الطير غله كران مى خواهد شد، فقد اختلف المشايخ فى كفره وجه الكفر ظاهر لانه ادعى الغيب انتهى والناس يتشاءمون بأصوات بعض الطيور كالهامة واليوم (كما قال الشيخ سعدى)

بلبلا مرده بهار بيار خبرى بدببوم باز كذار

فان يكن هناك اعتقاد التأثير منها فذلك كفر والا فمجرد التشاؤم لايوجب الكفر خصوصا اذا كان القول بطريق الاستدلال من الامارات والأليق بحال المؤمن حمل مثل ذلك على التنبيهات الالهية فان لله فى كل شىء حكمة لا القطع على المقدورات والجزم فيما لايبلغ علمه كنهه فان الله يحيى ويميت ويوقظ وينيم بأسباب وبغيرها