التفاسير

< >
عرض

مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
٢٢
-الحديد

روح البيان في تفسير القرآن

{ ما أصاب من مصيبة فى الأرض } ما نافية والمصيبة اصلها فى الرمية يقال أصاب السهم اذا وصل الى المرمى بالصواب ثم اختص بالنائبة اى ماحدث من حادثة كائنة فى الارض كجدب وعاهة فى الزروع والثمار { ولا فى أنفسكم } كمرض وآفة وموت ولد وخوف عدو وجوع { الا فى كتاب } اى الا مكتوبة مثبتة فىعلم الله او فى اللوح المحفوظ { من قبل أن نبرأها } نخلق الانفس او المصائب او الارض فان البرء فى اللغة هو الخلق والبارىء الخالق وذكر الربيع بن صالح الاسلمى قال دخلت على سعيد بن جبير حين جيىء به الى الحجاج حين أراد قتله فبكى رجل من قومه فقال سعيد مايبكيك قال ماأصابك قال فلا تبك قد كان فى علم الله أن يكون هذا ألم تسمع قول الله تعالى { ما أصاب من مصيبة فى الارض ولا فى أنفسكم الا فى كتاب من قبل أن نبرأها }.
قال فى الروضة رؤى الحجاج فى المنام بعد وفاته فقيل مافعل الله بك فقال قتلنى بكل قتيل قتلة وبسعيد بن جبير سبعين قتلة وفى الآية دليل على ان جميع الحوادث الارضية قبل دخولها فى الوجود وكذا جميع اعمال الخلق بتفاصيلها مكتوبة فى اللوح المحفوظ ليستدل الملائكة بذلك المكتوب على كونه تعالى عالما بجمع الاشياء قبل وجودها وليعرفوا حلمه فانه تعالى مع علمه انهم يقومون على المعاصى خلقهم ورزقهم وأملهم وليحذروا من امثال تلك المعاصى وليشكروا الله على توفيقه اياهم للطاعات وعصمته اياهم من المعاصى وفيها دليل ايضا على انه تعالى يعلم الاشياء قبل وقوعها لان اثباتها فى الكتاب محال ولو سأل سائل ان الله تعالى هل يعلم عدد أنفاس اهل الجنة يقال له ان الله يعلم انه لاعدد لأنفاسهم { ان ذلك } اى اثباتها فى كتاب مع كثرتها { على الله } متعلق بقوله { يسير } لاستغنائه فيه عن العدة والمدة وان كان عسيرا على العباد قال الجنيد قدس سره من عرف الله بالربوبية وافتقر اليه فى اقامة العبودية وشهد بسره ماكشف الله له من آثار القدرة بقوله ماأصاب الخ فسمع هذا من ربه وشهد بقلبه وقع فى الروح والراحة وانشرح صدره وهان عليه مايصيبه فان قلت كان الله قادرا علىأن يوصل العباد اليه بلا تعب ولا مصيبة فيكف اوقعهم فى المحن والبلايا قلت أراد أن يعرفهم بامتحان القهر حقائق الربوبية وغرآئب الطرق اليه حتى يصلوا اليه من طريق الجلال والجمال ففى الآية توطين للنفوس على الرضى بالقضاء والصبر على البلاء وحمل لها على شهود المبتلى فى عين البلاء فان به يسهل التحمل والا فمن كان غافلا عن مبدأ اللطف والقهر فهو غافل فى اللطف والقهر ولذا تعظم عليه المصيبة بخلاف حال أهل الحضور فانهم يلتذون بالبلاء التذاذهم بالعافية بل ولذة البلاء فوق لذة العافية

ازدست تومشت بردهائم خوردن خوشتركه بدست خويش تانم خوردن

ومن امثال العرب ضرب الحبيب زبيب اى لذيذ