التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٤
-الحديد

روح البيان في تفسير القرآن

{ هو الذى خلق السموات والارض } بقدرته الكاملة وحكمته البالغة { فى ستة ايام } من ايام الآخرة او من ايام الدنيا قال ابن عطية هو الاصوب اولها الاحد وآخرها الجمعة، تاملاكئة مشاهده كنند حدوث انهارا جيزى بس ازجيزى وسنت تدريج وتأنى درهركار حاصل آيد، كذا وقع الاختلاف فى الاربعين التى خمر الله فيها طينة آدم هل هى بأيام الدنيا او بأيام الآخرة وفيه اشارة الى مراتب الصفات الست وهى الحياة والعلم والقدرة والارادة والسمع والبصر اى هو الذى تجلى للاشياء كلها بذاته الموصوفة بالصفات الست اذ تجلى الوجود لايكون الا من لوازمه ولو احقه كما قال تعالى { وان من شىء الا يسبح بحمده } والتسبيح يستلزم الحياة وما يترتب عليها من العلم بالتسبيح وبالمسبح ومن القدرة على التسبيح والارادة بتخصيص المسبح ومن السمع اذ كل مسبح لابد له من استماع تسبيحه ومن البصر اذ لابد لكل مسبح أن يشاهد المسبح فى بعض مراتب الشهود كما فى التاويلات النجمية { ثم استوى } اى استولى { على العرش } المحيط بجميع الاجسام رحمانيته لان استوى متى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء واذا عدى بالى اقتضى معنى الانتهاء اليه اما بالذات او بالتدبير قال بعض الكبار هو محمول على التمثيل وقد سبق بيانه مرارا (قال الكاشفى) بس قصد كرد بتدبير عرش واجرآء امور متعلقه بد وبر وفق ارادت.
وفى التأويلات النجمية يعنى استتم وتمكن تجليه على عرش استعدادات المظاهر السماوية الروحانية والمظاهر الارضية الجسمانية ماتجلى لعرش استعداد شىء الا بحسب قابليته وقبوله لا زآئد ولا ناقص (كما قال العارف)

يكى مومى اوزين كم نبايد همى وكر بيش باشد نشايد همى

{ يعلم مايلج فى الارض } كالكنوز والدفائن والموتى والبذور وكا لغيث ينفد فى موضع وينبع فى الآخر ولو لوج الدخول فى مضيق وفى المناسبات الدخول فى الساتر لجملة الداخل { ومايخرج منها } كالجواهر من الذهب والفضة والنحاس وغيرها والزروع و الحيوانات والماء وكالكنوز والموتى يوم القيامة وفى التأويلات النجمية يعنى يعلم بعلمه المحيط مايدخل فى ارض البشرية من بذور النباتات النفسانية مثل مخالفات الشرع وموافقات الطبع وزروع الاحوال القلبية من مخالفات الطبع وموافقات الشرع والواردات القلبية والالهامات الغيبية وزروع الاذواق والوجدانيات من التجليات الرحمانية التنزلات الربانية لترتب الاعمال على النيات كما قال عليه السلام "انما الاعمال بالنيات" وقال ايضا "لكل امرىء مانوى" اذ النية بمرتبة البذر والعمل بمرتبة الزرع والقلب والنفس والروح بمنزلة الارض المستعدة لكل نوع من البذر وقال بعضهم يعلم مايلج فى ارض قلب المؤمن من الاخلاص والتوحيد وفى ارض قلب الكافر من الشك والشرك ومايخرج منها بحسب حالهما { وما ينزل من السماء } كالكتب والملائكة والاقضية والصواعق والامطار والثلوج { ومايعرج فيها } كالملائكة الذين يكتبون الاعمال والدعوات والاعمال والارواح السعيدة والابخرة والادخنة وقال بعضهم وماينزل من السماء على قلوب اوليائه من الالطاف والكشوف وفنون الأحوال العزيزة ومايعرج من أنفاس الأولياء المشتاقين اذا تصاعدت حسراتهم وعلت زفراتهم { وهومعكم اينما كنتم } فى الارض وهو تمثيل لاحاطة علمه تعالى بهم وتصوير لعدم خروجهم عنه اينما داروا وفى الحديث "أفضل ايمان المرء أن يعلم ان الله معه حيث كان"

يار باتست هركجا هستى جاى ديكر جه خواها اى اوباش
ياتودر زيرك كليم جواوست بس بر و اى حريف خود راباش

قال موسى عليه السلام اين أجدك يارب قال ياموسى اذا قصدت الى فقد وصلت الى فى التأويلات النجمية وهو معكم لا بالمعية المفهومية للعوام والخواص ايضا

اين معيت مى نكجند در بيان نى زمان دارد خبر زونى مكان

بل بالمعية المذوقة بالذوق الكشفى الشهودى اى انا معكم بحسب مراتب شهوداتكم ان كنتم فى مشهد الفعلى فانا معكم بالتجلى الذاتى ما أتقدم ولا أتأخر عنكم وقال بعض الكبار تلك المعية ليست هى مثل مايتصور بالعقل حسا او ذهنا او خيالا او وهما تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا انما هى معية تفرد الحق سبحانه بعينها وتحققها وعلمها لايعلم سرها الا الله ومن اطلعه عليه من الكمل ويحرم كشفها ترحما على العقول القاصرة عن درك الاسرار الخفية كما قال ابن عباس رضى الله عنهما أبهموا ماأبهم الله وبينوا مابين الله يعنى اذا اقتضى المقام الابهام كما اذا طلب ببيان المبهم على ماهو عليه فى نفسه وعقل الطالب قاصر عن دركه فلا جرم انه حرام لما فيه من هلاكه واما اذا طلب بيان المبهم لا على ماهو عليه فى نفسه بل على وجه يدركه عقله يضرب تأويل يستحسنه الشرع ففيه رخصة شرعية اعتبرها المتأخرون دفعا لانقلاب قلب الطالب وترسيخا على عقيدته حتى تندفع عن صدره الوساوس والهواجس والمراد على هذه اما معية حفظه او معية امره او غيره ذلك مما لا اضطراب فيه لا شرعا ولا عقلا ولا خارجا والاين المذكور فى الآية متناول لجميع الأينات الازلية والابدية من المعنوية والروحانية والمثالية والحسية والدنيوية والبرزخية والنشرية والحشرية والنيرانية والجنانية والغيبية والشادية مطلقا كلية كانت او جزيئة وهذه الاينية كالمعية من المبهمات والمتشابهات وما يعلم تأويلاها الا الله وما يتذكر سرها الا اولو الالباب قال بعضهم فى هذه الآية بشارة للعاشقين حيث هو معهم اينما كانوا وتوفيق للمتوكلين وسكينة للعارفين وبهجة للمحبين ويقين للمراقبين ورعاية للمقبلين واشارة الى سر الوحدة للموحدين قال الحسين رحمه لله ماقارب الحق الأكوان ولا فارقها كيف يفارقها وهو موجودها وحافظها وكيف يقارب القدم الحدوث به قوام الكل وهو بائن عن الكل انتهى { والله بما تعملون بصير } فيجازيكم عليه ثوابا وعقابا وهو عبارة عن احاطته بأعمالهم فتأخيره عن الخلق لما اراد المراد مايدور عليه الجزآء من العلم التابع للمعلوم لا لما قيل من أن الخلق دليل على العلم فبالخلق يستدل على العلم والدليل يتقدم على المدلول وفى الآية ايقاظ للغافلين وتنشيط للمتيقظين ودلالة لهم على الخشية والحياء من رب العالمين واشارة لهم الى ان اعمالهم محفوظة وانهم مجزيون بها ان خيرا فخير وان شرا فشر قال بعض الكبار والله بما تعملون بصير لانه العامل بكم وفيكم ولابد لكل عامل أن يبصر عمله ومايتعلق به