التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٠
-المجادلة

روح البيان في تفسير القرآن

{ انما النجوى } المعهودة التى هى التناجى بالاثم والعدوان بقرينة ليحزن { من الشيطان } لامن غيره فانه المزين لها والحامل عليها فكأنها منه { ليحزن الذين آمنوا } خبر آخر من الحزن بالضم بعده السكون متعد من الباب الاول لا من الحزن بفتحتين لازما من الرابع كقوله تعالى { ياعباد لاخوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون } فيكون الموصول مفعوله وفى القاموس الحزن بالضم ويحرك الهم والجمع احزان وحزن كفرح وحزنه الامر حزنان بالضم وأحزنه جعله حزينا وحزنه جعل فيه حزنا وقال الراغب الحزن والحزن خشونة فى الارض وخشونة فى النفس لما يحصل فيها من الغم ويضاده الفرح ولاعتبار الخشونة بالغم قيل خشنت بصدره اذا احزنته والمعنى انما هى ليجعل الشيطان المؤمنين محزنين بتوهمهم انها فى نكبة أصابتهم فى سيرتهم يعنى ان غزاتهم غلبوا وان أقاربهم قتلوا متألمين بذلك فاترين فى تدبير الغزو الى غير ذلك مايشوش قلوب المؤمنين وفى الحديث "اذا كنتم ثلاث فلا يتناج اثنان دون صاحبهما فان ذلك يحزنه" { وليس } اى الشيطان او التناجى { بضارهم } بالذى يضر المؤمنين { الا باذن الله } اى بمشيئته وارادته اى ما أراده من حزن او وسوسة كما روى ان فاطمة رضى الله عنها رأت كأن الحسن والحسين رضى الله عنهما أكلا من أطيب جزور بعثه رسول الله اليهما فماتا فلما غدت سألته عليه السلام وسأل هو جبريل ملك الرؤيا فقال لاعلم لى به فعلم انه من الشيطان وفى الكشاف الا باذن الله اى بمشيئته وهو أن يقضى الموت على أقاربهم او الغلبة على الغزاة قال فى الاسئلة المقحمة اين ضرر الحزن قلت ان الحزن اذا سلمت عاقبته لايكون حزنا فى الحقيقة وهذه نكتة اصولية اذ الضرر اذا كانت عاقبته الثواب لايكون ضررا فى الحقيقة والنفع اذا كانت عاقبته العذاب لايكون نفعا فى الحقيقة { وعلى الله } خاصة { فليتوكل المؤمنون } ليفوضوا امورهم اليه وليثقوا به ولا يبالوا بنجواهم فانه تعالى يعصمهم من شرها وضررها، ذكر بما سخن خصم تندخوى مكوى كه اهل مجلس مارا ازان حسابى نيست وفى الآية اشارة الى أن الشيطان يناجى النفس الامارة ويزين لها المعارضات ونحوها ليقع القلب والروح فى الحزن والاضطراب وضيق الصدر ويتقاعد ان من شؤم المعارضة عن السير والطير فى عالم الملكوت ويحرمان من مناجاة الله والطبيعة والشيطان لانها ظلمانية وان كل موافقة فهى فى القلب والروح والسر لانها نورانية الا أن يغلب عليها ظلمة اهل الظلمة وتختفى انوارها تحت تلك الظلمة اختفاء نور الشمس تحت ظلمة السحاب الكثيف فليكن العبد على المعالجة دآئما لكن ينبغى له التوكل التام فان المؤثر فى كل شىء هو الله تعالى