التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحَآدُّونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُواْ كَمَا كُبِتَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٥
-المجادلة

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الذين يحادون الله ورسوله } اى يعادونهما ويشاقونهما وكذا اولياء الله فان من عادى اولياء الله فقد عادى الله وذلك لان كلا من المتعاديين كما انه يكون فى عدوة وشق غيره عدوه الآخر وشقه كذلك يكون فى حد غير حد الآخر غير ان لورود المحادة فى اثناء ذكر حدود الله دون المعاداة والمشاقة من حسن الموقع مالا غاية ورآءه وبالفارسية مخالفت ميكنند باخدا ورسول او از حدود امر ونهى تجاوز مينمايند، وقال بعضم المحادة مفاعلة من لفظ الحديد والمراد المقابلة بالحديد سوآء كان فى ذلك حديد حقيقة او كان ذلك منازعة شديدة شبيهة بالخصومة بالحديد وقال بعضهم فى معنى الآية يحادون اى يضعون او يختارون حدودا غير حدودهما ففيه وعيد عظيم للملوك والامرآء السوء الذين وضعوا امورا خلاف ماحده الشرع وسموها القانون و نحوه

بادشاهى كه طرح ظلم افكند باى ديوان ملك خويش بكند

{ كبتوا } اى اخزوا يعنى خوار ونكو سار كرده شوند، وفى المفردات الكبت الرد بعنف وتذليل وفى القاموس كبته يكبته صرعه وأخزاه وصرفه وكسره ورد العدو بغيظه واذله قال ابن الشيخ وهو يصلح لان يكون دعاء عليهم واخبارا عما سيكون بالماضى لتحققه اى سيكبتون ويدخل فيهم المنافقون والكافرون جمعيا اما الكافرون فمحادتهم فى الظاهر والباطن واما المنافقون ففى الباطن فقط { كما كبت الذين من قبلهم } من كفار الامم الماضية المعادين للرسل عليهم السلام مثل اقوام نوح وهود وصالح وغيرهم، وكان السرىرحمه الله يقول عجبت من ضعيف عصى قويا فيقال له كيف ذلك ويقول وخلق الانسان ضعيفا { وقد أنزلنا آيات بينات } حال من واو كبتوا اى كبتوا لمحادتهم والحال انا قد أنزلنا آيات واضحات فيمن حاد الله ورسوله ممن قبلهم من الامم وفيما فعلنا بهم او آيات بينات تدل على صدق الرسول وصحة ماجاء به والسؤال بأن الانزال نقل الشىء من الأعلى الى الأسفل وهو انما يتصور فى الاجسام والآيات التى هى من الكلام من الاعراض الغير القارة فكيف يتصور الانزال فيها مجاب عنه بأن المراد منه انزال من يتلقف من الله ويرسل الى عباده تعالى فيسند اليها مجازا لكونها المقصودة منه أو المراد منه الايصال والاعلام على الاستعارة { وللكافرين } بتلك الآيات او بكل مايجب الايمان به { عذاب مهين } يذهب بعزهم وكبرهم من الاهانة بمعنى التحقير والمراد عذاب الكبت الذى هو فى الدنيا فيكون ابتدآء كلام او عذاب الآخر فيكون للعطف بمعنى ان لهم الكبت فى الدنيا ولهم عذاب مهين فى الآخرة فهم معذبون فى الدارين قال بعضهم وصف الله العذاب الملحق بالكافرين اولا بالايلام وثانيا بالاهانة لان الايلام يلحق بهم اولا ثم يهانون به واذا كانت الاهانة مافى الآخرة فالتقديم ظاهر وقد سبق غير هذا وفى الآية اشارة الى أن من يعادون مظاهر الله وهم الاولياء المتحققون بالله المجتمعون باسماء الله ويشاققون مظاهر رسوله وهم العلماء القائمون باحكام الشرآئع حجوا وافحموا بأبلغ الحجج واظهر البراهين من الكرامات الظاهرة ونشر العلوم الباهرة وكيف لا وقد أنزلنا بصحة ولايتهم وآثار وراثتهم آيات بينات فمن سترها بستائر ظلمات انكاره قله عذاب القطعية الفظيعة والاهانة من غير ابانة