التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٠
-الحشر

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين جاؤا من بعدهم } هم الذين هاجروا بعد ماقوى الاسلام فالمراد جاؤا الى المدينة او التابعون باحسان وهم الذين بعد الفريقين الى يوم القيامة ولذلك قيل ان الآية قد استوعبت جميع المؤمنين فالمراد حينئذ جاؤا الى فضاء الوجود وفى الحديث "مثل امتى مثل المطر لايدرى اوله خير ام آخره" يعنى در منفعت وراحت همجون باران بهار انند بارانرانندكه اول آن بهترست ياآخر نفعى است عامر او عامه خلق را حال امت من همجنين است همان درويشان آخر الزمان آن شكستكان سرافكنده وهمين عزيزان وبزركوران صحابههمه برادرانند ودر مقام منفعت وراحت همه يكدست ويكسانند هم كالقطر حيث ماوقع نفع بر مثال بارانند ياران هركجاكه رسد نفع رساند هم در بوستان هم در خارستان هم بريحان وهم بر ام غيلان همجنين اهل اسلام درراحت يكديكر ورأفت بريكديكر يكسانند ويك نشانند { يقولون } خبر للموصول والجملة مسوقة لمدحهم بمحتبهم لمن تقدمهم من المؤمنين ومراعاتهم لحقوق الآخرة فى الدين والسبق بالايمان اى يدعون لهم قائلين { ربنا اغفر لنا } مافرط منا { ولاخواننا } أى فى الدين الذى هو اعز واشرف عندهم من النسب { الذين سبقونا بالايمان } وصفوهم بذلك اعترافا بفضلهم

جو خواهى كه نامت بود جاودان مكن نام نيك بزركان نهان

قدموا انفسهم فى طلب المغفرة لما فى المشهور من ان العبد لابد أن يكون مغفورا له حتى يستجاب دعاؤه لغيره وفيه حكم بعدم قبول دعاء العاصين قبل أن يغفر لهم وليس كذلك كما دلت عليه الاخبار فلعل الوجه ان تقديم النفس كونها اقرب النفوس مع ان فى الاستغفار اقرارا بالذنب فالاحسن للعبد أن يرى اولا ذنب نفسه كذا فى بعض التفاسير يقول الفقير نفس المرء أقرب اليه من نفس غيره فكل جلب او دفع فهو انما يطلبه اولا لنفسه لاعطاء حق الاقدم واما غيره فهو بعده ومتأخر عنه وايضا ان ذنب نفسه مقطوع بالنسبة اليه واما ذنب غيره فمحتمل فلعل الله قد غفر له وهو لايدرى وايضا تقديمهم فى مثل هذا المقام لايخلوا عن سوء أدب وسوء ظن فى حق السلف { ولاتجعل فى قلوبنا غلا } اى حقدا وهو ذميمة فاحشة فورد المؤمن ليس بحقود يعنى كينه كش.
قال الراغب الغل والغلول تدرع الخيانة والعداوة لان الغلالة اسم مايلبس بين الشعار والدثار وتستعار للدرع كما تستعار الدرع لها { للذين آمنوا } على اطلاق صحابة او تابعين وفيه اشارة الى أن الحقد على غيرهم لائق لغيرة الدين وان لم يكن الحسد لائقا (قال الشيخ سعدى)

دلم خانه مهريارست وبس از ان مى نكنجد درو كين كس

{ ربنا انك رؤف رحيم } اى مبالغ فى الرأفة والرحمة فحقيق بأن يجيب دعاءنا وفى الآية دليل على ان الترحم والاستغفار واجب على المؤمنين الآخرين للسابقين منهم لاسيما لآبائهم ولمعلمهم امور الدين قالت عائشة رضى الله عنها امروا أن يستغفروا لهم فسبوهم وفى الحديث "لاتذهب هذه الامة حتى يلعن آخرها اولها" وعن عطاء قال قال عليه السلام "من حفظنى فى اصحابى كنت له يوم القيامة حافظا ومن شتم اصحابى فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين" فالرافضة والخوارج ونحوهم شر الخلائق خارجون من اقسام المؤمنين لان الله تعالى رتبهم على ثلاثة منازل المهاجرين والانصار والتابعين الموصوفين بما ذكر الله فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجا من اقسامهم قال حجة الاسلام الغزالىرحمه الله يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين رضى الله عنه وحكاياته وماجرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فانه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم اعلام الدين وماوقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة فلعل ذلك الخطأ فى الاجتهاد لا لطلب الرياسة او الدنيا كما لايخفى وقال فى شرح الترغيب والترهيب المسمى بفتح القريب والحذر ثم الحذر من التعرض لما شجر بين الصحابة فانهم كلهم عدول خير القرون مجتهدون مصيبهم له اجران ومخطئهم له أجر واحد وقال الشيخ عز الدين بن عبدالسلام فى فصل آفات اللسان الخوض فى الباطل هو الكلام فى المعاصى كحكاية أحوال الوقاع ومجالس الخمور وتجبر الظلمة وحكاية مذاهب أهل الاهوآء وكذا حكاية ماجرى بين الصحابة رضى الله عنهم

اى دل از من اكر بجويى بند رو باصحاب مصطفى دل بند
همه ايشان آمده ذيشان خواهشى كن شفاعتى زيشان

وقال بعض أهل الاشارة ربنا اغفر لنا اى استر ظلمة وجودنا بنور وجودك واستر وجودات اخواننا الذين سبقونا بالايمان وهم الروح والسر والقلب السابقون فى السلوك من قرية النفس الى مدينة الروح المؤمنين بأن الفناء الوجودى الامكانى يستلزم الوجود الواجبى الحقانى ولاتجعل فى قلوبنا شك الاثنينية والغيرية للذين آمنوا باخوانية المؤمنين لقوله تعالى { انما المؤمنون اخوة } انك رؤف بمن شاهد الكثرة قائمة بالوحدة رحيم بمن شاهد الوحدة ظاهرة بالكثرة وفى تكرير ربنا اظهار لكمال الضراعة وفى الأثر "من حزبه أمر فقال خمس مرات ربنا انجاه الله مما يخاف" قال الامام الرازى اعلم ان العقل يدل على تقديم ذكر الله فى الدعاء لان ذكر الله تعالى بالثناء والتعظيم بالنسبة الى جوهر الروح كالاكسير الاعظم بالنسبة الى النحاس فكما ان ذرة من الاكسير اذا وقعت على عالم النحاس انقلب الكل ذهبا ابريزا فكذا اذا وقعت ذرة من اكسير معرفة جلال الله تعالى على جوهر الروح قوى صفاء وكمل اشراقا ومتى صار كذلك كانت قوته أقوى وتأثيره اكمل وكان حضور الشىء المطلوب عنده اقوى واكمل وهذا هو السبب فى تقديم الدعاء بالثناء انتهى والوارد فى القرءآن من الدعاء مذكور غالبا بلفظ الرب فان على العبد أن يذكر اولا ايجاد الله واخراجه من العدم الى الوجود الذى هو أصل المواهب ويتفكر فى تربية الله اياه ساعة فساعة واما دعوات رسول الله عليه السلام فاكثرها الابتداء بقوله اللهم لانه مظهر الاسم الجامع وقد كان يجمع بينهما ويقول اللهم ربنا كما جمع عيسى عليه السلام وقال اللهم ربنا انزل علينا مائدة من السماء والله سميع الدعاء وقابل الرجاء