التفاسير

< >
عرض

لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ
١٢
-الحشر

روح البيان في تفسير القرآن

{ لئن اخرجوا } قهرا واذلالا { لايخرجون معهم } الخ تكذيب لهم فى كل واحد من اقوالهم على التفصيل بعد تكذيبهم فى الكل على الاجمال { ولئن قوتلوا لاينصرونهم } وكانا الامر كذلك فان ابن أبى واصحابه ارسلوا الى بنى النضير وذلك سرا ثم اخلفوهم يعنى ان ابن أبى ارسل اليهم لاتخرجوا من دياركم واقيموا فى حصونكم فان معى ألفين من قومى وغيرهم من العرب يدخلون حصنكم ويموتون عن آخرهم قبل أن يوصل اليكم وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان فطمع بنوا النضير فيما قاله اللعين وهو جالس فى بيته حتى قال احد سادات بنى النضير وهو سلام بن مشكم لحيى بن أخطب الذى كان هو المتولى لامر بنى النضير والله ياحيى ان قول ابن ابى الباطل وليس بشىء وانما يريد أن يورطك فى الهلكة حتى تحارب محمدا فيجلس فى بيته ويتركك فقال حيى نأبى الا عداواة محمد والا قتاله فقال سلام فهو والله جلاؤنا من ارضنا وذهاب أموالنا وشرفنا وسبى ذرارينا مع قتل مقاتلينا فكان ماكان كما سبق فى اول السورة وفيه حجة بينة لصحة النبوة واعجاز القرءآن اما الاول فلانه أخبر عما سيقع فوقع كما اخبر وذلك لان نزول الآية مقدم على الواقعة وعليه يدل النظم فان كلمة ان للاستقبال واما الثانى فمن حيث الاخبار عن الغيب { ولئن نصروهم } على الفرض والتقدير { ليولن الادبار } فرارا وانهزاما جمع دبر ودبر الشىء خلاف القبل اى الخلف وتولية الادبار كناية عن الانهزام الملزوم لتولية الادبار قال فى تاج المصادر التولية روى فراكردن وبشت بكردانيدن. وهى من الاضداد { ثم لاينصرون } اى المنافقون بعد ذلك اى يهلكهم الله ولاينفعهم نفاقهم لظهور كفرهم بنصرهم اليهود او لينهزمن اليهود ثم لاتنفعهم نصرة المنافقين وفى الآية تنبيه على ان من عصى الله ورسوله وخالف الامر فهو مقهور فى الدنيا والآخرة وان كان سلطانا ذا منعة وما يقع احيانا من الفرصة فاستدرج وغايته الى الخذلان

صعوه كوبا عقاب سازد جنك دهد از خون خود برش رارنك

واشارة الى ان الهوى وصفاته كالمنافقين والنفس الكافرة واتباعها كاليهود وبينهما اخوة وهى الظلمة الذاتية والصفاتية وبين حقائقهما وحقائق الروح والسر والقلب تنافر كتنافر النور والظلمة فالهوى وصفاته يقولون للنفس وصفاتها لان اخرجكم الروح والسر والقلب من ديار وجوداتكم وأنانياتكم بسبب غلبة انوارهم على ظلمات وجوداتكم لنخرجن معكم ولاتخالفكم وان قوتلتم بسيف الرياضة ورمح المجاهدة نقويكم بالقوى الشهوانية الحيوانية البهيمية السبعية وهم لايقدرون على شىء بغير اذن الله فهم كاذبون فى قولهم ولايخرج الهوى وصفاته معهم لان الهوى والنفس وان كانا متحدين بالذات لكنهما مختلفان بالصفات كاختلاف زيد وعمرو فى الصفات واتحادهما فى الذات وهو الانسانية وارتفاع احدهما لايستلزم ارتفاع الآخر والهوى بسبب غلبة روحانية القالب عليه يميل الى الروح تارة وبسبب غلطته ايضا يميل الى النفس اخرى فلا ينصر النفس دآئما ولئن نصرها بنفخ نار الظلمة فى حطب وجودها لينهزم بسبب سطوات اشعة انوار الروح والسر والقلب انهزام النور من الظلمة ونفار الليل من النهار ألا ان حزب الله هم الغالبون