التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ
١٩
-الحشر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولاتكونوا } أيها المؤمنون { كالذين } اى كاليهود والمنافقين فالمراد بالموصول المعهودين بمعونة المقام او الجنس كائنا من كان من الكفار امواتا او احياء{ نسوا الله } فيه حذف المضاف اى نسوا حقوقه تعالى وما قدروه حق قدره ولم يراعوا مواجب اموره ونواهيه حق رعايتها { فأنساهم } بسبب ذلك { أنفسهم } اى جعلهم ناسين لها فلم يسمعوا ماينفعها ولم يفعلوا مايخلصها فالمضى على اصله او أراهم يوم القيامة من الاهوال ماأنساهم أنفسهم فالمضى باعتبار التحقق قال الراغب النسيان ترك الانسان ضبط ما استودع اما لضعف قلبه وما عن غفلة او عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره وكل نسيان من الانسان ذمه الله به فهو ماكان اصله من تعمد وماعذر فيه نحو ماروى عن النبى عليه السلام رفع عن امتى الخطأ والنيسان فهو مالم يكن سببه منه فقوله { فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا } هو ما كان سببه عن تعمد منهم وتركه على طريق الاهانة واذا نسب ذلك الى الله فهو تركه اياهم استهانة بهم ومجازاة لما تركوه كما قال فى اللباب قد يطلق النسيان على الترك ومنه نسوا الله فنسيهم اى تركوا طاعة الله ترك الناسى فتركهم الله وقال بعض المفسرين ان قيل النسيان يكن بعد الذكر وهو ضد الذكر لانه السهو الحاصل بعد حصول العلم فهل كان الكفار يذكرون حق الله ويعترفون بربويته حتى ينسوا بعد أجيب بأنهم اعترفوا وقالو بلى يوم الميثاق ثم نسوا ذلك بعدما خلقوا والمؤمنون اعترفوا بها بعد الخلق كما اعترفوا قبله بهداية الله وراعوا حقها قل او كثر جل او صغر (سئل ذو النون المصرى قدس سره) عن سر ميثاق ألست بربكم هل تذكره فقال كأنه الآن فى اذنى، ودرنفخات مذكورست كه على سهل اصفهانى راكتند كه روز بلى راياد دارى كفت جون ندارم كويى دى بود شيخ الاسلام خواجه انصارى فرمودكه درين سخن نقص است صوفى رادى وفردا جه بود آن روز را هنوز شب درنيامده وصوفى درهمان روزست، ويدل عليه قوله الآن انه على ماكان عليه ثم ان قوله تعالى { ولا تكونوا } الخ تنبيه على ان الانسان بمعرفته لنفسه يعرف الله فنسيانه هو من نسيانه لنفسه كما قال فى فتح الرحمن لفظ هذه الآية يدل على انه من عرف نفسه ولم ينسها عرف ربه وقد قال على رضى الله عنه اعرف نفسك تعرف ربك وقال سهلرحمه الله نسوا الله عند الذنوب فأنساهم الله أنفسهم عند الاعتذار وطلب التوبة ومن لطائف العرفى

مالب آلوده بهر توبه بكشاييم ليك بانك عصيان ميزند ناقوس استغفار ما

{ اولئك } الناسون المخذولون بالانساء { هم الفاسقون } الكاملون فى الفسوق والخروج عن طريق الطاعة وهم للحصر فأفاد ان فسقهم كان بحيث ان فسق الغير كأنه ليس بفسق بالنسبة اليه فالمراد هنا الكافرون لكن على المؤمن الغافل عن رعاية حق ربوبية الله ومراعاة حظ نفسه من السعادة الابدية والقربة من الحضرة الاحدية خوف شديد وخطر عظيم وفيه اشارة الى ان الذين نسوا الله هم الخارجون عن شهود الحق فى جميع المظاهر الجمالية والجلالية وحضوره الداخلون فى مقام شهود أنفسهم فمن اشتغل بقضاء حظوظ نفسه نسى طيب العيش مع الله وكان من الغافلين عن اللذات الحقيقية ومن فنى عن شهوات نفسه بقى مع تجليات ربه.