التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٢٣
-الحشر

روح البيان في تفسير القرآن

{ هو الله الذى لا اله الا هو } كرر هو لابراز الاعتناء بامر التوحيد يعنى اوست خداى كه بهيج وجه نيست خداى سزاى برستش مكروى { الملك } بادشاهى كه جلال ذاتش ازوجه احتياج مصونست وكما صفاتش باستغناء مطلق مقرون فمعناه ذو الملك والسلطان والملك بالضم هو التصرف بالامر والنهى فى الجمهور وذلك يختص بسياسة الناطقين ولهذا يقال ملك الناس ولا يقال ملك الاشياء فقوله تعالى { ملك يوم الدين } تقديره الملك فى يوم الدين كما فى المفردات وعبدالملك هو الذى يملك نفسه وغيره بالتصرف فيه بما شاء الله وامره به فهو أشد الخلق على خليقته قال الامام الغزالى قدس سره مملكة العبد الخاصة به قلبه وقالبه وجنده شهوته وغضبه وهواه ورعيته لسانه وعيناه ويداه وسائر اعضائه فاذا ملكها ولم يطعها فقد نال تملكه درجة الملك فى عالمه (قال الشيخ سعدى)

وجود توشهريست برنيك وبد توسلطان ودستور دانا خرد
هما ناكه دونان كردن فراز درين شهر كبرست وسودا وآز
جو سلطان عنايت كند بابدان كجا ماند آسايش بخردان

فان انظم اليه استغناؤه عن كل الناس واحتاج الناس كلهم اليه وفى حياتهم العاجلة والآجلة فهو الملك فى العالم العرضى وتلك رتبة الانبياء عليهم السلام فانهم استغنوا فى الهداية الى الحياة الآخرة عن كل احد الا عن الله تعالى واحتاج اليهم كل احد ويليهم فى هذا الملك العلماء الذين هم ورثة الانبياء وانما ملكهم بقدر مقدرتهم على ارشاد العباد واستغنائهم عن الاسترشاد وهذا الملك عطية للعبد من الملك الحق الذى لامثنوية فى ملكه والافلا ملك للعبد كما قيل لبعض العارفين الك ملك فقال انا عبد لمولاى فليس لى نملة فمن انا حتى اقول لى شىء هذا كلام من استغرق فى ملاحظة ملكية الله ومالكيته فما حكى ان بعض الآمراء قال لبعض الصلحاء سلنى حاجتك قال أولى تقول هذا ولي عبدان هما سيداك قال من هما قال الشهوة والغضب وفى بعض الرواية الحرص والهوى غلبتهما وغلباك وملكتهما وملكاك فهو اخبار عن لطف الله وتمليكه من ضبط نفسه واستخدامها فيما يرضاه الله نصحا لذلك الأمير ولغيره من السامعين شاهدين او غائبين قال بعضهم لبعض الشيوخ اوصنى فقال كن ملكا فى الدنيا تكن ملكا فى الآخرة معناه اقطع طمعك وشهوتك فى الدنيا فان الملك فى الحرية والاستغناء ومن مقالات أبى يزيد البسطامى قدس سره فى مناجاته الهى ملكى اعظم من ملكك وذلك لان الله تعلى ملك أبا يزيد وهو متناه وأبا يزيد ملك الله وهو باق غير متناه وخاصية اسم الملك صفاء القلب حصول الفناء الاخرة ونحوها فمن واضب عليه وقت الزوال كل يوم مائة مرة صفا قلبه وزال كدره ومن قرأه بعد الفجر مائة واحدى وعشرين مرة اغناه الله من فضله اما باسباب او بغيرها { القدوس } وهو من صيغ المالبغة من القدس وهو النزاهة والطهارة اى البليغ فى النزاهة عما يوجب نقصانا ما وعن كل عيب وهو بالعبرى قديسا ونظيره السبوح وفى تسبيح الملائكة سبوح قدوس رب الملائكة والروح قال الزمخشرى ان الضفادع تقول فى نقيقها سبحان الله الملك القدوس قال ثعلب كل اسم على فعول فهو مفتوح الاول الا السبوح القدوس فان الضم فيهما اكثر وقد يفتحان وقال بعضهم المفتوح قليل فى الصفات كثير فى الاسماء مثل التنور والسمور والسفود وغيرها قال بعض المشايخ حقيقة القدس الاعتلاء عن قبول التغير ومنه الارض المقدسة لانها لاتتغير بملك الكافر كما يتغير غيرها من الارضين واتبع هذا الاسم اسم الملك لما يعرض للملوك من تغير أحوالهم بالجور والظلم والاعتدآء فى الاحكام وفيما يترتب عليها فان ملكه تعالى لايعرض له مايغيره لاستحالة ذلك فى وصفه وقال بعضهم التقديس التطهير وروح القدس جبريل عليه السلام لانه ينزل بالقدس من الله اى مايطهر به نفوسنا من القرءآن والحكمة والفيض الالهى والبيت المقدس هو المطهر من النجاسة اى الشرك او لانه يتطهر فيه من الذنوب وكذلك الارض المقدسة وحظيرة القدس الجنة (قال الكاشفى) قدوس يعنى باك از شوائب مناقص ومعايب ومنزه از طوق آفات ونوايب.
وقال الامام الغزالىرحمه الله هو المنزه عن كل وصف يدركه حس او يتصوره خيال او يسبق اليه وهم او يختلج به ضمير أو يفضى به تفكر ولست أقول منزه عن العيوب والنقائض فان ذلك يكاد يقرب من ترك الأدب فليس من الأدب ان يقول القائل ملك البلد ليس بحائك ولا حجام ولا حذآء فان نفى الوجود يكاد يوهم امكان الوجود وفى ذلك الايهام نقص بل أقول القدوس هو المنزه عن كل وصف من اوصاف الكمال الذى يظنه اكثر الخلق كما لا قال الزروقىرحمه الله كل تنزيه توجه الخلق به الى الخالق فهو عائد اليهم لان الحق سبحانه فى جلاله لا يقبل ما يحتاج للتنزيه منه لاتصافه بعلى الصفات وكريم الاسماء وجميل الافعال على الاطلاق فليس لنا من تقدسه الا معرفة انه القدوس فافهم وعبد القدوس هو الذى قدسه الله عن الاحتجاب فلا يسع قلبه غير الله وهو الذى يسع قلبه الحق كما قال لايسعنى ارضى وسمائى ويسعنى قلب عبدى ومن وسع الحق قدس عن الغير اذا لايبقى عند تجلى الحق شىء غيره فلا يسع القدوس الا القلب المقدس عن الاكوان قال بعضهم حظ العارف منه أن يتحقق انه لايحق الوصول الا بعد العروج من عالم الشهادة الى عالم الغيب وتنزيه السر عن المتخيلات والمحسوسات والتطواف حول العلوم الالهية والمعارف الزكية عن تعلقات الحس والخيال وتطهير القصد عن أن يحوم حول الحظوظ الحيوانية واللذآئذ الجسمانية فيقبل بشرا شره على الله سبحانه شوقا الى لقائه مقصور الهم على معارفه ومطالعة جماله حتى يصل الى جناب العز وينزل بحبوحة القدس وخاصية هذا الاسم انه اذا كتب سبوح قدوس رب الملائكة والروح على خبز اثر صلاة الجمعة واكله يفتح الله له العبادة ويسلمه من الآفات وذلك بعد ذكر عدد ماوقع عليه وفى الأربعين الادريسية ياقدوس الطاهر من كل آفة فلا شىء يعادله من خلقه قال السهر وردى من قرأه كل يوم الف مرة فى خلوة اربعين يوما شمله بما يريد وظهرت له قوة التأثير فى العالم { السلام } ذو السلامة من كل آفة ونقص وبالفارسية سالم از عيوب وعلل ومبرا از ضعف وعجز وخلل وهو مصدر بمعنى السلامة وصف به للمبالغة لكونه سليما من النقائض او فى اعطائه السلامة فيكون بمعنى التسليم كالكلام بمعنى التكليم فما ورد من قوله أنت السلام معناه أنت الذى سلم من كل عيب وبرىء من كل نقص وقوله ومنك السلام اى الذى يعطى السلامة فيسلم العاجز من المكاره ويخلصه من الشدآئد فى الدارين ويستر ذنوب المؤمنين وعيوبهم فيسلمون من الخزى يوم القيامة او يسلم على المؤمنين فى الجنة لقوله تعالى
{ سلام قولا من رب رحيم } وقوله واليك يرجع السلام اشارة الى ان كل من عليها فان ويبقى وجه ربك وقوله وحينا ربنا بالسلام طلب السلامة منه فى الحياة الدنيا وفى الآخرة قال الامام الغزالىرحمه الله الذى يسلم ذاته من العيب وصفاته من النقص وافعاله من الشر يعنى ليس فى فعله شر محض بل فى ضمنه خير اعظم منه فالمقضى بالاصالة هو الخير وهو والقدوس من الاسماء الذاتية الا أن يكون بمعنى المسلم قال الراغب السلام والسلامة التعرى من الآفات الظاهرة والباطنة قيل وصف الله بالسلام من حيث لا تلحقه العيوب والآفات التى تلحق الخلق انتهى وعبد السلام هو الذى تجلى له اسم السلام فسلمه من كل نقص وآفة وعيب فكل عبد سلم من الغش والحقد والحسد وارادة الشر قلبه وسلم من الآثام والمحظورات جوارحه وسلم من الانتكاس والانعكاس صفاته فهو الذى يأتى الله بقلب سليم وهو السلام من العباد القريب فى وصفه من السلام المطلق الحق الذى لامثنوية فى صفاته وأعنى بالانتكاس فى صفاته أن يكون عقله أسير شهوته وغضبه اذ الحق عكسه هو أن تكون الشهوة والغضب اسيرى العقل وطوعه فاذا انعكس فقد انتكس ولا سلامة حيث يصير الأمير مأمورا والملك عبدا ولن يوصف بالسلام والاسلام الا من سلم المسلمون من لسانه ويده وخاصية هذا الاسم صرف المصائب والآلام حتى انه اذا قرىء على مريض مائة واحدى عشرة مرة برىء بفضل الله مالم يحضر اجله او يخفف عنه { المؤمن } اى الموحد نفسه بقوله { شهد الله انه لا اله الا هو } قاله الزجاج او واهب الأمن وهو طمأنينة النفس وزوال الخوف قال ابن عباس رضى الله عنهما هو الذى آمن الناس من ظلمه وآمن من آمن من عذابه وهو من الايمان الذى هو ضد التخويف كما فى قوله تعالى { وآمنهم من خوف } وعنه ايضا انه قال اذا كان يوم القايمة اخرج أهل التوحيد من النار واول من يخرج من وافق اسمه اسم نبى حتى اذا لم يبق فيها من يوافق اسمه اسم نبى قال الله لباقه أنتم المسلمون وانا السلام وأنتم المؤمنون وانا المؤمن فيخرجهم من النار ببركة هذين الاسمين (قال الكاشفى) ايمن كننده مؤمنان ازعقوبت نيران با داعى خلق بايمان وامان يامصدق رسل باظهار معجزه وبرهان، قال الامام الغزالىرحمه الله المؤمن المطلق هو الذى لايتصور امن وامان الا ويكون مستفادا من جهته وهو الله تعالى وليس يخفى ان الاعمى يخاف أن يناله هلاك من حيث لايرى فعينه البصيرة تفيد امنا منه والأقطع يخاف آفة لاتندفع الا باليد واليد السليمة أمان منها وهكذا جميع الحواس والاطراف ولمؤمن خالقها ومصورها ومقومها ولو قدرنا انسانا وحده مطلوبا من جهة اعدآئه وهو ملقى فى مضيق لاتتحرك عليه اعضاؤه لضعفه وان تحركت فلا سلاح معه وان كان معه سلاح لم يقاوم اعدآءه وحده وان كانت له جنود لم يأمن ان تنكسر جنوده ولا يجد حصنا يأوى اليه فجاء من عالج ضعفه فقواه وامده بجنود واسلحة وبنى حوله حصنا فقد افاده امنا وامانا فبالحرى أن يسمى مؤمنا فى حقه والعبد ضعيف فى اصل فطرته وهو عرضة الامراض والجوع والعطش من باطنه وعرضة الآفات المحرقة والمغرقة والجارحة والكاسرة من ظاهره ولم يؤمنه من هذه المخاوف الا الذى اعد الادوية دافعة لامراضه والاطعمة مزيلة لجوعه والأشربة مميطة لعطشه والاعضاء دافعة عن بدنه والحواس جواسيس منذرة بما يقرب من مهلكاته ثم خوفه الأعظم من هلاك الآخرة ولايحصنه منها الا كلمة التوحيد والله هاديه اليها ومرغبه فيها حيث قال لااله الا الله حصنى فمن دخله أمن من عذابى فلا امن فى العالم الا وهومستفاد من اسباب هو منفرد بخلقها والهداية الى استعمالها وعبد المؤمن هو الذى آمنه الله من العقاب وآمنه الناس على ذواتهم وأموالهم واعراضهم من المصطلحات فحظ العبد من هذا الوصف أن يأمن الخلق كلهم جانبه بل يرجو كل خائف الاعتضاد به فى دفع الهلاك عن نفسه فى دينه ودنياه كما قال عليه السلام "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليؤمن جاره بوائقه" وفى ترجمة وصايا الفتوحات واكر خواهى كه از هيجكس نترسى هيج كس را مترسان تا ازهمه آمن باشى جون همه كسى ازتو آمن باشند شيخ اكبر قدس سره الاطهر فرموده كه در عنفوان شباب كه هنوز بدين طريق رجوع نكرده بودم در صحبت والده وجمعى در سفر بودم ناكاه ديدم كله كور خردر مرعى ومن برصيد ايشان عظيم حريص بودم وكو دكان من باره دور بودند در نفس من اين فكر افتادكه ايشانرا نر نجانم ودل بران نهادم وخاطررا برترك تعرض وايذاى ايشان تكين كردم وحصانى كه بروى سوار يودم بجانب ايشان ميل ميكرد سر او محكم كردم ونيزه بدست من بود جون بديشان رسيدم ودرميانه ايشان در آدم وقت بودكه سنان نيزه ببعضى ميرسيد واودر جرا كردن خود بود والله هيج يكى سر بر نداشت تامن از ميان ايشان كذشتم بعد ازان كود كان وغلامان رسيدند وآن جماعات حمر وحش از ايشان رميدند ومتفرق شدند ومن سبب آن نمى دانستم تا وقنى كه بطريق الله رجوع كردم ومرا در معامله نظر افتاد دانستم كه آن امان كه در نفس من بود در نفوس ايشان سرايت كرد واحق العباد بأسم المومن من كان سببا لأمن الحق من عذاب الله بالهداية الى طريق الله والارشاد الى سبيل النجاة وهذه حرفة الانبياء والعلماء ولذلك قال عليه السلام "انكم تتهافتون فى النار تهافت الفراش وانا آخذ بحجزكم" لعلك تقول الخوف من الله على الحقيقة فلا مخوف الا هو فهو الذى خوف عباده وهو الذى خلق اسباب الخوف فكيف ينسب اليه الأمن فجوابك ان الخوف مه والأمن منه وهو خالق سبب الأمن والخوف جميعا وكونه مخوفا لايمنع كونه مؤمنا كما ان كونه مذلا لم يمنع كونه معزا بل هو المعز والمذل وكونه خافضا لم يمنع كونه رافعا بل هو الرافع الخافض فكذلك هو المؤمن المخيف لكن المؤمن ورد التوقيف به خاصة دون المخوف وخاصية هذا الاسم وجود التأمين وحصول الصدق والتصديق وقوة الايمان فى العموم لذاكره ومن ذلك أن يذكره الخائف ستا وثلاثين مرة فانه يأمن على نفسه وماله ويزاد فى ذلك بحسب القوة والضعف { المهيمن } قال بعض المشايخ هذا الاسم من اسمائه التى علت بعلو معناها عن مجارى الاشتقاق فلا يعلم تأويله الا الله تعالى وقال بعضهم هو المبالغ فى الحفظ والصيانة عن المضار من قولهم هيمن الطائر اذا نشر جناحه على فرخه حماية له وفى الارشاد الرقيب الحافظ لكل شىء وقال الزروقى هو لغة الشاهد ومنه قوله تعالى { ومهيمنا عليه } يعنى شاهدا عالما وقال بعضهم مفيعل من الامن ضد الخوف واصله مؤأمن بهمزتين فقلبت الهمزة الثانية ياء لكراهة اجتماعهما فصار مؤيمن ثم سيرت الاولى هاء كما قالوا فى أراق الماء هراقه فيكون فى معنى المؤمن (حكى) ان ابن قتيبة لما قال فى المهيمن انه مصغر من مؤمن والاصل مؤيمن فأبدلت الهمزة هاء قيل له هذا يقرب من الكفر فليتق الله قائله وذلك لان فيه ترك التعظيم وقال الامام الغزالىرحمه الله معنى المهيمن فى حق الله انه القائم على خلقه باعمالهم وارزاقهم وآجالهم وانما قيامه عليهم باطلاعه واستيلائه وحفظه وكل مشرف على كنه الامر مستول عليه حافظ له فهو مهيمن عليه والاشراف يرجع الى العلم والاستيلاء الى كمال القدرة والحفظ الى الفعل فالجامع بين هذه المعانى اسمه المهيمن ولن يجمع ذلك على الاطلاق والكمال الا الله تعالى ولذلك قيل انه من اسماء الله تعالى فى الكتب القديمة وعبدالمهيمن هو الذى شاهد كون الحق رقيبا شهيدا على كل شىء فهو يرقب نفسه وغيره بايفاء حق كل ذى حق عليه لكونه مظهر الاسم المهيمن يعنى حظ العارف منه أن يراقب قلبه ويحفظ قواه وجوارحه ويأخذ حذره من الشيطان ويقوم بمراقبة عباد الله وحفظهم فمن عرف انه المهيمن خضع تحت جلاله وراقبه فى كل احواله واستحيى من اطلاعه عليه فقام بمقام المراقبة لديه (حكى) ان ابراهيم بن أدهمرحمه الله كان يصلى قاعدا فجلس ومد رجليه فهتف به هاتف هكذا تجالس الملوك وان الحريرى كان لايمد رجليه فى الخلوة فقيل له ليس يراك احد فقال حفظ الأدب مع الله احق.
يقول الفقير يقرب من هذا ما وقع لى عند الكعبة فانى بعدما طفت بالبيت استندت الى مقام ابراهيم حباله فقيل لى من قبل الله تعالى ماهذا البعد فى عين القرب فعلمت ان ذلك من ترك الأدب فى مجالسة الله معى فلم ازل ألازم باب الكعبة فى الصف الاول مدة مجاورتى بمكة وخاصية هذا الاسم الاشراف على البواطن والاسرار ومن قرأة مائة مرة بعد الغسل والصلاة فى خلوة بجمع خاطر نال ماأراد ومن نسبته المعنوية علام الغيوب عند التأمل وفى الاربعين الادريسية ياعلام الغيوب فلا يفوت شىء من علمه ولا يؤوده قال السهرودى من داوم عليه قوى حفظه وذهب نسيانه { العزيز } غالب در حكم يابخشنده عزت، قال بعضهم من عز اذا غلب فمرجعه القدرة المتعالية عن المعارضة والممانعة اومن عز عزازة اذا قل فالمراد عديم المثل كقوله تعالى
{ ليس كمثله شىء } وقال الامام الغزالىرحمه الله العزيز هو الخطير الذى يقل وجود مثله وتشتد الحاجة اليه ويصعب الوصول اليه فما لم يجمع هذه المعانى الثلاثة لم يطلق عليه العزيز فكم من شىء يقل وجوده ولكن اذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيرا وكم من شىء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولكن اذا لم يصعب الوصول اليه لم يسم عزيزا كالشمس مثلا فانها لانظير لها والارض كذلك والنفع عظيم فى كل واحدة منهما الحاجة شديدة اليهما ولكن لاتوصفان بالعزة لانه لايصعب الوصول الى مشاتهما فلابد من اجتماع المعانى الثلاثة ثم فى كل واحد من المعانى الثلاثة كمال ونقصان فالكمال فى قلة الوجود أن يرجع الى الواحد اذ لا اقل من الواحد ويكون بحيث يستحيل وجود مثله وليس هذا الا الله تعالى فان الشمس وان كانت واحدة فى الوجود فليست واحدة فى الامكان فيمكن وجود مثلها والكمال فى النفاسة وشدة الحاجة أن يحتاج اليه كل شىء فى كل شىء حتى فى وجوده وبقائه وصفاته وليس ذلك الكمال الا لله تعالى وعبد العزيز هو الذى اعز الله بتجلى عزته فلا يلغبه شىء من أيدى الحدثان والاكوان وهو يغلب كل شىء قال الغزالى رحمه العزيز من العباد من يحتاج اليه عباد الله فى مهام امورهم وهى الحياة الاخروية والسعادة الابدية وذلك مما يقل لامحالة وجوده ويصعب ادراكه وهذه رتبة الانبياء عليهم السلام ويشاركهم فى العز من يتفرد بالقرب منهم اى من درجتهم فى عصرهم كالخلفاء وورثتهم من العلماء وعزة كل واحد بقدر علو رتبه عن سهولة النيل والمشاركة وبقدر غنائه فى ارشاد الخلق وقال بعضهم حظ العبد من هذا الاسم أن يعز نفسه فلا يستهينها بالمطامع الدنية ولايدنيها بالسؤال من الناس والافتقار اليهم قيل انما يعرف عزيزا من اعز امر الله بطاعته فاما من استهان باوامره فمن المحال أن يكون متحققا بعزته وقال الشيخ ابو العباس المرسىرحمه الله ولله مارأيت العز الا فى رفع الهمة عن المخلوقين فمن عرف انه العزيز لايعتقد لمخلوق جلالا دون جلال الله تعالى فالعزيز بين الناس فى المشهور من جعله الله ذا قدر ومنزلة بنوع شرف باق او فان فمنهم من يكون عزيزا بطاعة الله تعالى ومنهم من يكون بالجاه ومنهم من يكون عزيزا بالعلم والمعرفة والكمال ومنهم من يكون بالسطوة والشوكة والمال ثم منهم من يكون عزيزا فى الدارين ومنهم من يكون فى الدنيا لافى العقبى ومنهم من يكون على العكس فكم من ذليل عند الناس عزيز عند الله وكم من عزيز عند الناس ذليل عند الله والعزيز عند المولى هو الاصل والاولى قال فى ابكار الافكار غير رسول لله عليه السلام اسم العزيز لان العزة لله وشعار العبد الذلة والاستكانة وخاصية هذا الاسم وجود الغنى والعز صورة او حقيقة او معنى فمن ذكره اربعين يوما فى كل يوم اربعين مرة اعانه الله واعزه فلم يحوجه الى أحد من خلقه وفى الاربعين الادريسية ياعزيز المنيع الغالب على امره فلا شىء يعادله قال السهر وردىرحمه الله من قرأه سبعة ايام متواليات كل يوم الفا اهلك خصمه وان ذكره فى وجه العسكر سبعين مرة ويشير اليهم بيده فانهم ينهزمون { الجبار } الذى جبر خلقه على ماأراد اى قهرهم واكرههم عليه او جبر أحوالهم اى اصلحها فعلى هذا يكون الجبار من الثلاثى لامن الافعال وجبر بمعنى اجبر لغة تميم وكثير من الحجازيين واستدل بورود الجبار من يقول ان امثلة مبالغة تأتى من المزيد عن الثلاثى فانه من اجبره على كذا اى قهره وقال الفرآء لم اسمع فعال من افعل الا فى جبار ودراك فانهما من اجبر وأدرك قال الراغب اصل الجبر اصلاح الشىء بضرب من القهر وقد يقال فى اصلاح المجرد نحو قول على رضى الله عنه ياجابر كل كسير ومسهل كل عسير والاجبار فى الاصل حمل الغير على أن يجبر الامور لكن تعورف فى الاكراه المجرد وسمى الذين يدعون ان الله تعالى يكره العباد على المعاصى فى تعارف المتكلمين مجبرة وفى قول المتقدمين جبرية والجبار فى صفة الانسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من المعالى لايستحقها وهذا لايقال الا على طريقة الذم وفى وصف الله لانه الذى يجبر الناس بفائض نعمه او يقهرهم على مايريده من مرض وموت وبعث ونحوها وهو لايقهر الاعلى ماتقتضى الحكمة أن يقهر عليه فالجبار المطلق هو الذى ينفذ مشيئته على سبيل الاجبار فى كل أحد ولا ينفذ فيه مشيئة احد (روى) ان فى بعض الكتب الالهية عبدى تريد وأريد ولايكون الا ماأريد فان رضيت بما أريد كفيتك ماتريد وان لم ترض بما أريد أبقيتك فيما تريد ثم لايكون الا ماأريد وعبد الجبار هو الذى يجبر كسر كل شىء ونقصه لان الحق جبر حاله وجعله بتجلى هذا الاسم جابر الحال كل شىء مستعليا عليه من علم انه الجبار دق فى عينه كل جبار كان راجعا اليه فى كل امر بوصف الافتقار بجبر المكسور من اعماله وترك الناقص من آماله فتم له الاسلام والاستسلام وارتفعت همته عن الاكوان فيكون جبارا على نفسه جابرا لكسر عباده وقال بعضهم حظ العارف من هذا الاسم أن يقبل على النفس ويجبر نقائصها باستكمال الفضائل ويحملها على ملازمة التقوى والمواظبة على الطاعة ويكسر منها الهوى والشهوات بأنواع الرياضات ويرتفع عما سوى الحق غير ملتفت الى الخلق فيتحلى بحلى السكينة والوقار بحيث لايزلزله تعاور الحواديث ولا يؤثر فيه تعاقب النوافل بل يقوى على التأثير فى الانفس والآفاق بالارشاد والاصلاح وقال الامام الغزالىرحمه الله الجبار من العباد من ارتفع عن الاتباع ونال درجة الاستتباع وتفرد بعلو رتبته بحيث يجبر الخلق بهيئته وصورته على الاقتدآء وبمتابعته فى سمته وسيرته فيفيد الخلق ولا يستفيد يؤثر ولا يتأثر ويستتبع ولا يتبع ولا يشاهده احد الى ويفنى عن ملاحظة نفسه ويصير مستوفى الهم غير ملتفت الى ذاته ولا يطمع احد فى استدراجه واستتباعه وانما حظى بهذا الوصف سيد الاولين والآخرين عليه السلام حيث قال "لو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه الا اتباعى وانا سيد ولد آدم ولا فخر" وخاصية هذا الاسم الحفظ من ظلم الجبابرة والمعتدين فى السفر والاقامة يذكر بعد قرآءة المسبعات عشر صباحا ومساء احدى وعشرين مرة ذكره الزروقى فى شرح الاسماء الحسنى { المتكبر } الذى تكبر عن كل مايوجب حاجة او نقصانا او البليغ الكبرياء والعظمة يعنى ان صيغة التفعل للتكلف بما لم يكن فاذا قيل تكبر وتسخى دل على انه يرى ويظهر الكبر والسخاء وليس بكبير ولا سخى والتكلف بما لم يكن كان مستحيلا فى حق الله تعالى حمل على لازمه وهو أن يكون ماقام به من الفعل على اتم مايكون واكمله من غير أن يكون هناك تكلف واعتمال حقيقة ومنه ترحمت على ابراهيم بمعنى رحمته كمال الرحمة واتممتها عليه فاذا قيل انه تعالى متكبر كان المعنى انه البالغ فى الكبر أقصى المراتب (روى) عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال رأيت رسول الله عليه السلام قائما على هذا المنبر يعنى منبر رسول الله فى المدينة وهو يحكى عن ربه تعالى فقال "ان الله عز وجل اذا كان يوم القيامة جمع السموات والارضين فى قبضته تبارك وتعالى ثم قال هكذا وشد قبضته ثم بسطها ثم يقول انا الله انا الرحمن انا الرحيم انا الملك انا القدوس انا السلام انا المؤمن انا المهيمن انا العزيز انا الجبار انا المتكبر انا الذى بدأت الدنيا ولم تك شيأ انا الذى اعدتها اين الملوك اين الجبابرة"

قهار بى منازع وغفار بى ملال ديان بى معادل وسلطان بى سباه
باغيير او ضافت شاهى بود جنان بريك وجوب باره زشطرنج نام شاه

قال الراغب التكبر يقال على وجهين احدهما أن تكون الافعال الحسنة كثيرة فى الحقيقة وزآئدة على محاسن غيره وعلى هذا وصف الله بالمتكبر وهو ممدوح والثانى أن يكون متكلفا لذلك متشبعا وذلك فى وصف عامة الناس والموصوف به مذموم وفى الحديث "الكبرياء ردآئى والعظمة ازارى فمن نازعنى فى شىء منهما قصمته" قال بعضهم الفرق بين المتكبر والمستكبر ان المتكبر عام لاظهار الكبر الحق كما فى اوصاف الحق تعالى ولاظهار الكبر الباطل كما فى قوله سأصرف عن آياتى الذين يتكبرون فى الارض بغير الحق والكبر ظن الانسان انه اكبر من غيره والتكبر اظهاره ذلك كما فى العوارف والاستكبار اظهار الكبرياء باطلا كما فى قوله تعالى فى حق ابليس استكبر وغير ذلك كما تجده فى موارد استعمالاته فى القرءآن والحديث وقال فى الاسئلة المقحمة مامعنى المتكبر من اسماء الله فان التكبر مذموم فى حق الخلق والجواب معناه هو المتعظم عما لايليق به سبحانه وهو من الكبرياء لامن التكبر ومعناه المبالغة فى العظمة والكبرياء فى الله وهو الامتناع عن الانقياد فلهذا كان مذموما فى حق الخلق وهو صفة مدح فى حق الله تعالى انتهى فان قلت ماتقول فى قوله عليه السلام حين قال له عمه ابو طالب مااطوعك ربك يامحمد "وأنت ياعم لو أطعته أطاعك" قلت هذه الاطاعة والانقياد للمطيع لا للخارج عن امره فلا ينافى عدم انقياده لغيره فهو المتكبر للمتكبر كما انه المطيع للمطيع قال بعضهم المتكبر هو الذى يرى غيره حقيرا بالاضافة الى ذاته فينظر الى الغير نظر المالك الى عبده وهو على الاطلاق لا يتصور الا الله تعالى فانه المتفرد بالعظمة والكبرياء بالنسبة الى كل شىء من كل وجه ولذلك لايطلق علىغيره تعالى الا فى معرض الذم لما انه يفيد التكلف فى اظهار مالا يكون قال عليه السلام "تحاجت النار والجنة فقالت هذه يدخلنى الجبارون المتكبرون وقالت هذه يدخلنى الضعفاء والمساكين فقال لهذه أنت عذابى اعذب بك من أشاء وقال لهذه أنت رحمتى أرحم بك من اشاء ولكل واحدة منكما ملؤها" من عرف علوه تعالى وكبرياءه لازم طريق التواضع وسلك سبيل التذلل قيل الفقير فى خلقه احسن منه فى جديد غيره فلا شىء احسن على الخدم من لباس التواضع بحضرة السادة قال بعض الحكماء مااعز الله عبدا بمثل مايدل على ذل نفسه ما اذله بمثل مايدل على عز نفسه (حكى) ان بعضهم قال رأيت رجلا فى الطواف وبين يديه خادمان يطردان الناس ثم بعد ذلك رأيته يتكفف على جسر فسألته عن ذلك فقال انى تكبرت فى موضع يتواضع الناس فيه فوضعنى الله فى موضع يترفع فيه الناس وعبد المتكبر هو الذى فنى تكبره بتذللـه للحق حتى قام كبرياء الله مقام كبره فيتكبر بالحق على ما سواه فلا يتذلل للغير قال الامام العزالى قدس سره المتكبر من العباد هو الزاهد ومعنى زهد العارف ان يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويتكبر فى كل شىء سوى الله تعالى فيكون مستحقرا للدنيا والآخرة مرتفعا عن أن يشغله كلتاهما عن الحق وزهد العارف معاملة ومعاوضة فهو انما يشترى بمتاع الدنيا متاع الآخرة فيترك الشىء عاجلا طمعا فى اضعافه آجلا وانما هو سلم ومبايعة ومن استعبدته شهوته المطعم والمنكح فهو حقير وانما المتكبر من يستحقر كل شهوة وحظ بتصور أن تشاركه فيها البهائم وخاصية هذا الاسم الجلالة ظهور الخير والبركة حتى ان من ذكره ليلة دخوله بزوجته عند دخوله عليها وقرأه قبل جماعها عشرا رزق منها ولدا صالحا ذكرا وفى الاربعين الادريسية ياجليل المتكبر على كل شىء فالعدل امره والصدق وعده قال السهر وردىرحمه الله مداومه بلا فترة يجل قدره ويعز أمره ولايقدر أحد على معارضته بوجه ولا بحال { سبحان الله عما يشركون } تنزيه له تعالى عما يشركون به تعالى او عن اشراكهم به اثر تعداد صفات لايمكن أن يشاركه تعالى فى شىء منها شىء ما اصلا اى سبحوا الله تسبيحا ونزهوه تنزيها عما يشركه الكفار به من المخلوقات فالله تعالى اورده لاظهر كمال كبريائه او للعجب من اثبات الشريك بعد ماعينوا آثار اتصافه بجلال الكبرياء وكمال العظمة.
وفى التأويلات النجمية قوله سبحانه { هو الله الذى لا اله الا هو الملك } الخ يشير الى وحدانية ذاته وفردانية صفاته وتصرفه فى الاشياء على مقتضى حكمته الازلية والى نزاهته عن النقائص الامكانية ووصف الامن بين العدم المحض بسبب التحقق بالوجود المطلق والى حفظ الاشياء فى عين شيئيته واعزازه اولياءه وقهره واذلاله اعدآءه والى كمال كبريائه بظهوره فى جميع المظاهر والى نزاهة ذاته عما يشركون معنى فى ذاته وفى صفاته وفى عرآئس البقلى سبحان الله عما يشركون اليه بالنواظر والخواطر انتهى