التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ
١٠٧
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولو شاء الله } توحيدهم وعدم اشراكهم { ما اشركوا } وهو دليل على انه تعالى لا يريد ايمان الكافر لكن لا بمعنى انه تعالى يمنعه عنه مع توجهه اليه بل بمعنى انه تعالى لا يريده منه لعدم صرف اختياره الجزئى نحو الايمان واصراره على الكفر { وما جعلناك عليهم } متعلق بما بعده وكذا عليهم الآتى { حفيظا } رقيبا مهيمنا من قبلنا تحفظ عليهم اعمالهم { وما انت عليهم بوكيل } من جهتهم تقوم بامورهم وتدبر مصالحهم. قال الحدادى وانما جمع بين حفيظ ووكيل لاختلاف معناهما. فان الحافظ للشئ هو الذى يصونه عما يضره. والوكيل بالشئ هو الذى يجلب الخير اليه فقد ظهر ان عدم قبول الحق من الشقاوة الاصلية ولذا لم يشأ الله سعادتهم وهدايتهم. وعلامة الشقاوة جمود العين وقساوة القلب وحب الدنيا وطول الامل. وعلامة السعادة حب الصالحين والدنو منهم وتلاوة القرآن وسهر الليل ومجالسة العلماء ورقة القلب وعن ابراهيم المهلب السائحرحمه الله قال بينا انا اطوف اذا بجارية متعلقة باستار الكعبة وهى تقول بحبك لى ألا رددت علىّ قلبى فقلت يا جارية من اين تعلمين انه يحبك قالت بالعناية القديمة جيش فى طلبى الجيوش وانفق الاموال حتى اخرجنى من بلاد الشرك وادخلنى فى بلاد التوحيد وعرفنى نفسى بعد جهلى اياها فهل هذا يا ابراهيم الا لعناية او محبة: قال الحافظ

جون حسن عاقبت نه برندى وزاهد يست آن به كه كار خود بعنايت رها كنند

والواجب على العبد ان يسارع الى الاعمال الصالحة فانها من علامات السعادة والتأخير وطول الامل من علامات الشقاوة ـ حكى ـ ان بعض العباد كان يسأل الله تعالى ان يريه ابليس فقيل له اسأل الله العافية فابى الا ذلك فاظهره الله تعالى له فلما رآه العباد قصده بالضرب فقال له ابليس لولا انك تعيش مائة سنة لاهلكتك ولعاقبتك فاغتر بقوله فقال فى نفسه ان عمرى بعيد فافعل ما اريد ثم اتوب فوقع فى الفسق وترك العبادة وهلك وهذه الحكاية تحذرك طول الامل فانه آفة عظيمة: قال الصائب

درسراين غافلان طول امل داتى كه جبست آشيان كردست مارى در كبوتر خانه

واعلم انه ما على الرسول عليه السلام الا التبليغ ودلالة كل قوم الى ما خلق له. فيدعو العوام الى التوحيد. والخواص الى الوحداية. وخواص الخواص الى الوحدة وكذا حال الولى الوارث لكن الوصول الى هذه المقامات انما يكون بهداية الله ومشيئته فليس فى وسع المرشد ان يوصل كل من اراد الى ما اراده فيبقى من يبقى فى الاثنينية ويصل من يصل الى عالم الوحدة والسبب الموصل هو التوحيد فكما ان الكافر لا يكون مؤمنا الا بكلمة التوحيد فكذا المؤمن لا يكون مخلصا الا بتكرارها لان الشرك مطلقا جليا كان او خفيا لا يزول الا بالتوحيد مطلقا فالمؤمن الناقص كما انه لا يلتفت الى المشرك بالشرك الجلى وحاله كذلك المؤمن الكامل لا ينظر الى جانب المشرك بالشرك الخفى ولذا قال تعالى { { لا إله الا هو واعرض عن المشركين } [الأنعام: 106].
لكن الاعراض من حيث الحقيقة لا ينافى الاقبال من حيث الظاهر لاجل الدعوة حتى يلزم الحجة ويحصل الافحام
{ { والله يدعو الى دار السلام } [يونس: 25].
فالسلام على من اتبع الهدى والملام على من اتبع الهوى قال الحافظ:

جه شكر هاست درين شهركه قانع شده اند شاهبازان طريقت بمقام مكسى