التفاسير

< >
عرض

ٱنظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٢٤
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ انظر } يا محمد { كيف كذبوا على انفسهم } بانكار صدور الاشراك عنهم فى الدنيا وتعجب من كذبهم فانه امر عجيب { وضل عنهم ما كانوا يفترون } عطف على كذبوا داخل فى حيز انظر اى كيف زال وذهب وبطل افتراؤهم فانهم كانوا يفترون فى حق الاصنام انها شفعاؤهم عند الله تعالى فبطل ذلك بالكلية يوم القيامة. وفى الآيات امور. الاول اطلاق لفظ الشئ على الله تعالى لكن بمعنى شائ لا بمعنى مشيئ وجوده فهو الشائى المريد. والثانى انه يلزمه التبرى من الشرك عقيب التوحيد. قال المولى الشهير باخى جلبى فى حواشى صدر الشريعة اسلام اليهود والنصارى مشروط بالتبرى من اليهودية والنصرانية بعد الاتيان بكلمتى الشهادة وبدون التبرى لا يكونان مسلمين ولو اتيا بالشهادتين مرارا لانهما فسرا قولهما بانه رسول الله اليكم لكن هذا فى الذين اليوم بين ظهرانى اهل الاسلام أما إذا كان فى دار الحرب وحمل عليه رجل من المسلمين فأتى بالشهادتين او قال دخلت دين الاسلام او فى دين محمد عليه السلام فهذا دليل توبته انتهى. قال فى الدر المختصر فى صفة الايمان ان يقول ما امرنى الله تعالى به قبلته وما نهانى عنه انتهيت عنه فاذا اعتقد ذلك بقلبه واقر بلسانه كان ايمانا صحيحا وكان مؤمنا بالكل انتهى. وايمان المقلد صحيح عند الامام الاعظم الا انه يأثم بترك النظر والاستدلال. وفى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله تعالى عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد. والثالث ان قوله تعالى { { كما يعرفون أبناءهم } [الأَنعام: 20].
يشير الى ان الآباء قد تحقق عندهم انهم مصادر الابناء ومبدأ وجود الابناء منهم فكذلك اهل المعرفة تحقق عندهم ان الله تعالى مصدرهم ومبدأ وجودهم منه: قال الحافظ

در مكتب حقائق وبيش اديب عشق هان اى بسر بكوش كه روزى بدر شوى
خواب وخورت زمرتبه خويش دور كرد آنكه رسى بخويش كه بى خواب وخورشوى

فالوصول الى المبدأ القديم بعد العبور من جسر الوصف الحادث. والرابع ان النافع هو الايمان والتوحيد والصدق والاخلاص دون الشرك والكذب ـ يروى ـ أن المشركين اذا رأوا يوم القيامة مغفرة الله تعالى وتجاوزه عن اهل التوحيد قال بعضهم لبعض تعالوا نكتم الشرك لعلنا ننجو مع اهل التوحيد فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين فيختم على افواههم وتشهد عليهم جوارحهم بالكفر فلا يفلحون. وكذا اهل الرياء من اهل التوحيد يزعمون انهم على اليقين وكمال الاخلاص وافعالهم الصادرة عن جوارحهم تدل على خلاف ذلك فانما خلق الله جهنم لتطهير اهل الشرك مطلقا لكن اهل الكفر مخلدون فافهم المقام. واعلم ان الله تعالى واحد وكل شئ يشهد على وحدته وعلى هذه الوحدة يعرفه ويشاهده اهل المعرفة والمشاهدة فان كثرة الآثار لا تنافى الوحدة كالنواة مع الشجرة: قال الحافظ

تادم وحدت زدى حافظ شوريده حال خامه توحيد كش برورق اين وآن