التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٣٩
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ والذين كذبوا بآياتنا } اى القرآن { صم } لا يسمعونها سمع تدبر وفهم فلذلك يسمعونها اساطير الاولين ولا يعدونها من الآيات ويقترحون غيرها. وهو جمع اصم والمقصود تشبيه حالهم بحال الاصم لكن حذف حرف التشبيه للمبالغة { وبكم } لا يقدرون على ان ينطقوا بالحق ولذلك لا يستجيبون دعوتك. وهو جمع ابكم { فى الظلمات } اى ظلمات الكفر خبر ثالث للمبتدأ { من يشأ الله } اضلاله اى ان يخلق فيه الضلال { يضلله } اى يخلقه فيه لكن لا ابتداء بطريق الجبر من غير ان يكون له دخل ما فى ذلك بل عند صرف اختياره الى كسبه وتحصيله { ومن يشأ } هدايته { يجعله على صراط مستقيم } لا يضل من ذهب اليه ولا يزل من ثبت قدمه عليه
وفى الآيات امور. الاول ان غير الانسان من الامم ايضا وفى الحديث
"لولا ان الكلاب امة لامرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم" .
وذلك لان الكلب الاسود شيطان لكونه اعقر الكلاب واخبثها واقلها نفعا واكثرها نعاسا ومن هذا. قال احمد بن حنبل لا يخل الصيد به والاشارة ان ما يدب فى ارض البشرية ويتحرك كالسمع والبصر واللسان والاعضاء كلها والنفس وصفاتها وكذا ما يطير بجانحى الشريعة والطريقة كالقلب والروح وصفاتها امم امثالكم فى السؤال عن افعالهم واحوالهم يدل عليه قوله تعالى { { إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا } [الإِسراء: 36].
والثانى ان الحشر عام كما قال ابو هريرة رضى الله عنه يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شئ فيأخذ للجماء من القرناء كما فى الحديث
"لتؤدن الحقوق الى اهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء" .
اى يقتص للشاة التى لا قرن لها من التى لها قرن. قال ابن ملك وفيه دلالة على حشر الوحوش كما قال تعالى { { وإذا الوحوش حُشرت } [التكوير: 5].
لكن القصاص فيها قصاص مقابلة لا قصاص تكليف انتهى. ثم يقال للبهائم والوحوش والطيور كونى ترابا فتكون ترابا مثل تراب ارض ذلك العالم وعند ذلك يتمنى الكافر ويقول
{ { يا ليتنى كنت ترابا } [النبأ: 40].
قال الحدادى والمراد بهذا الافناء للبهائم بعد ان احياها انه افناء لا يكون فيه الم. والثالث ان الذين ختم الله على قلوبهم فهم كالاصم والابكم الاصليين ومن خاصة الابكم ان يكون اصم: كما قال فى المثنوى

دائما هر كر اصلى كنك بود ناطق آنكس شدكه زماد رشود
جون سليمان سوى مرغان سبا يك صفيرى كردبست آن جمله را
جزمكر مرغى كه بدبى جان وبر يا جوما هى كنك بوداز اصل كر
تى غلظ كفتم كه كركر سرنهد بيش وحى كبريا سمعش دهد

فقلوب الخلق بيد الله تعالى يصرفها كيف يشاء ـ "روى ـ ان كفار مكة اجتمعوا على قتل النبى عليه السلام فبينما هم كذلك اذ دخل عليهم ابليس فقال لماذا اجتمعتم فاخبروه بالقصة فقال لابى جهل يا ابا الحكم لو انك حملت صنمك وآلهك الذى تعبده ووضعته بين يدى محمد وسجدت له ربما يسمع محمد منه شيئاً وكان صنمه مرصعا بالجوهر والياقوت فحمل ابو جهل صنمه ووضعه بين يدى النبى عليه السلام وسجد له. وقال الهى نعبدك ونتقرب اليك هذا محمد شتمنا بسببك ونطمع منك ان تنصرنا وتشتم محمدا فاخذه الصنم يتحرك ويتكلم ويشتم فدخل فى قلب النبى عليه السلام ورجع الى بيت خديجة فلم يلبث ان دق الباب فاذا شاب دخل وبيده سيف فسلم وقال مرنى يا رسول الله حتى امتثل امرك فقال عليه السلام من انت قال انا من الجن قال كم تبلغ قوتك قال اقدر ان اقلع جبلى حراء وابى قبيس وارميهما فى البحر قال من اين اقبلت الساعة قال كنت فى جزيرة البحر السابع اذ اتانى جبرائيل فقال ادرك فلانا الشيطان دخل فى الصنم وشتم النبى عليه السلام فاقتله بهذا السيف فادركته فى الارض الرابعة فقتلته فقال له عليه السلام ارجع فانى استعين بربى من عدوى وقال الشاب لى اليك حاجه هى ان ترجع الى مكان كنت فيه امس فانهم يستخبرون ذلك الصنم ثانيا فرجع فى الغد ومعه ابو بكر الصديق فجاء ابو جهل مع صنمه ففعل كما فعل بالامس فاخذ الصنم يتحرك ويقول لا الله الا الله محمد رسول الله وانا صنم لا انفع ولا اضر ويل لمن عبدنى من دون الله فلما سمعوا ذلك قام ابو جهل وكسر صنمه وقال ان محمدا سحر الاصنام" فظهر ان الله تعالى يقول الحق من ألسنة المظاهر ولكن لا يسمع المنافق والكافر.