التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ
٩٠
-الأنعام

روح البيان في تفسير القرآن

{ اولئك } الانبياء المتقدم ذكرهم { الذين هدى الله } اى هداهم الله الى الحق والمنهج المستقيم { فبهداهم اقتده } اى فاختص هداهم بالاقتداء ولا تقتد بغيرهم والمراد بهداهم طريقتهم فى الايمان بالله تعالى وتوحيده واصول الدين دون الشرائع القابلة للنسخ فانها بعد النسخ لا تبقى هدى* واحتج العلماء بهذه الآية على انه عليه السلام افضل جميع الانبياء عليهم السلام لان خصال الكمال وصفات الشرف كانت متفرقة فيهم. فداود وسليمان كانا من اصحاب الشكر على النعمة. وايوب كان من اصحاب الصبر على البلية. ويوسف كان جامعا بينهما. وموسى كان صاحب المعجزات القاهرة. وزكريا. ويحيى. وعيسى. والياس كانوا اصحاب الزهد. واسماعيل كان صاحب الصدق فكل منهم قد غلب عليه خصلة معينة فجمع الله كل خصلة فى حبيبه عليه السلام لانه اذا كان مأموراً بالاقتداء لم يقصر فى التحصيل

هرجه بخوبان جهان داده اند قسم تونيكوتر ازان داده اند
هرجه بنازند بدان دلبران جمله تراهست زيادت بران

وفى التأويلات النجمية { { أولئك الذين هداهم الله } [الزمر: 18].
بصفاته الى ذاته { فبهداهم اقتده } لا انهم سلكوا مسلكا غير مسلوك حتى انتهى سير كل واحد منهم الى منتهى قدرٍ له كما اخبرت انى رأيت آدم فى السماء الدنيا ويحيى وعيسى فى السماء الثانية ويوسف فى السماء الثالثة وادريس فى السماء الرابعة وهارون فى السماء الخامسة وموسى فى السماء السادسة وابراهيم فى السماء السابعة فاقتد بهم حتى تسلك مسالكهم الى ان تنتهى الى سدرة المنتهى وهو منتهى مقام الملائكة المقربين ثم يعجر بك الى المحل الادنى والمقام الارفع حتى تخرج من نفسك وتدنو اليه به الى ان تصل الى مقام قاب قوسين او ادنى مقاما لم يصل اليه احد قبلك لا ملك مقرب ولا نبى مرسل { قل } لكفار قريش { لا اسئلكم عليه } اى على القرآن { اجرا } اى جعلا من جهتكم كما لم يسأله من قبلى من الانبياء عليهم السلام وهذا من جملة ما امر بالاقتداء بهم فيه { ان هو } اى ما القرآن { الا ذكرى للعالمين } اى الاعظة وتذكير لهم من جهته سبحانه فلا يختص بقوم دون آخرين وعلى هذا جرى الاولياء من اهل الارشاد اذلا اجر للتعليم والارشاد اذ الاجر من الدنيا ولا يجوز طمع الدنيا لاهل الآخرة ولا لاهل الله تعالى وانما خدمة الدين مجردة عن الاغراض مطلقا.