التفاسير

< >
عرض

وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٣
-الصف

روح البيان في تفسير القرآن

{ واخرى } اى ولكم الى هذه النعم العظيمة نعمة اخرى عاجلة فأخرى مبتدأ حذف خبره والجملة عطف على يغفر لكم على المعنى { تحبونها } وترغبون فيها وفيه تعريض بأنهم يؤثرون العاجل على الآجل وتوبيخ على محبته وهو صفة بعد صفة لذلك المحذوف { نصر من الله } بدل او بيان لتلك النعمة الاخرى يعنى نصر من الله على عدوكم قريش وغيرهم { وفتح قريب } اى عاجل عطف على نصر (قال الكاشفى) مراد فتح مكة است يافتح روم وفارس ابن عطا فمرمودن كه نصر توحيد است وفتح نظر بجمال ملك مجيد.
وقد بين انواع الفتوح فى سورة الفتح بمقتضاه فى طريق الجهاد الاصغر وان كان تجارة رابحة الا ان اصحابها لم يتخصلوا بعد من الاعواض والاغراض فللسالك الى طريق الجهاد الاكبر تجارة أخرى فوق تلك التجارة اربح من الاولى هى نصر من الله بالتأييد الملكوتى والكشف النورى وفتح قريب الوصول الى مقام القلب ومطالعة تجليات الصفات وحصول مقام الرضى وانما سماه تجارة لان صفاتهم الظلمانية تبدل هناك بصفات الله النورانية وانما قال تحبونها لان المحبة الحقيقية لاتكون الا بعد الوصول الى مقام القلب ومن دخل مقام المحبة بالوصول الى هذا المقام فقد دخل فى اول مقام لخواص فالمعتبر من المنازل منزل المحبة واهله عبيد خلص لايتوقعون الاجرة بعملهم بخلاف من تنزل عن منزلة المحبة فانهم اجرآء يعملون للاجرة قال بعض العارفين من عبدالله رجاء للثواب وخوفا من العقاب فمعبوده فى الحقيقة هو الثواب والعقاب والحق واسطة فالعبادة لاجل تنعم النفس فى الجنة والخلاص من النار معلول ولهذا قال المولى جلال الدين الرومى قدس سره

هشت جنت هفت دوزخ بيش من هست بيدا همجوبت بيش شمن

(وقال بعضهم)

طاعت ازبهر جزا شرك خفيست ياخدا جوباش ويا عقبى طلب

واعلم ان من جاهد فانما يجاهد لنفسه لانه يتخلص من الحجاب فيصل الى الملك الوهاب { وبشر المؤمنين } عطف على محذوف مثل قل { ياأيها الذين آمنوا } وبشرهم يا أكمل الرسل بأنواع البشارة الدنيوية والاخروية فلهم من الله فضل واحسان فى الدارين وكان فى هذا دلالة على صدق النبى لانه اخبر عما يحصل ويقع فى المستقبل من الايام على مااخبره.
وفى التأويلات النجمية يشير الى تواتر النعم وتواليها وفتح مكة القلب بعد النصر بخراب بلدة النفس وبشر المؤمنين المحبين الطالبين بالنصر على النفس فتح مكة القلب انتهى وفيه اشارة الى ان بلدة النفس انما تخرب بعد التأييد الملكوتى وامداد جنود الروح بان تغلب القوى الروحانية على القوى النفسانية كما يغلب اهل الاسلام على اهل الحرب فيخلصون القلعة من ايدى الكفار ويزيلون آثار الكفر و الشرك بجعل الكنائس مساجد وبيوت الاصنام معابد ومساكن الكفار مقار المؤمنين المخلصين والله المعين على الفتح المطلق كل حين