التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠
-الجمعة

روح البيان في تفسير القرآن

{ فاذا قضيت الصلاة } التى نوديتم لها اى اديت وفرغ منها { فانتشروا فى الارض } لاقامة مصالحكم والتصرف فى حوآئجكم اى تفرقوا فيها بأن يذهب كل منكم الى موضع فيه حاجة من الحوآئج المشروعة التى لابد من تحصيلها للمعيشة فان قلت مامعنى هذا الامر فانه لو لبث فى المسجد الى الليل يجوز بل هو مستحب فالجواب ان هذا امر الرخصة لا امر العزيمة اى لاجناح عليكم فى الانتشار بعدما اديتم حق الصلاة { وابتغوا من فضل الله } اى الربح يعنى اطلبوا لأنفسكم واهليكم من الرزق الحلال بأى وجه يتيسر لكم من التجارة وغيرها من المكاسب المشروعة دل هذا المعنى سبب قوله { واذا رأوا تجارة } الخ كما سيأتى فالامر للاطلاق بعد الحظر اى للاباحة لا للايجاب كقوله { واذا حللتم فاصطادوا } وذكر الامام السرخسى ان الامر للايجاب لما روى انه عليه السلام قال "طلب الكسب بعد الصلاة هو الفريضة بعد الفريضة" وتلا قوله تعالى { فاذا قضيت الصلاة } وقل انه للندب فعن سعيد بن جبير اذا انصرفت من الجمعة فساوم بشىء وان لم تشتره وعن ابن عباس رضى الله عنهما لم يؤمروا بطلب شىء من الدنيا انما هو عبادة المرضى وحضور الجنائز وزيارة اخ فى الله وعن الحسن وسعيد بن المسيب طلب العلم (قال الكاشفى) وكفته اند انتشارهم در زمين مسجداست جهت رفتن بمجلس علما ومذكران، وقيل صلاة التطوع والظاهر ا ن مثل هذا ارشاد للناس الى ماهو الاولى ولاشك فى اولوية المكاسب الاخروية مع ان طلب الكفاف من الحلال عبادة وربما يكون فرضا ان الاضطرار { واذكروا الله } بالجنان واللسان جمعيا { كثيرا } اى ذكرا كثيرا او زمانا كثيرا ولاتخصوا ذكره تعالى بالصلاة.
يقول الفقير انما امر تعالى بالذكر الكثير لان اللسان هو العالم الاصغر المقابل للعالم الاكبر وكل مافى العالم الاكبر فانه يذكر الله تعالى بذكر مخصوص له فوجب على اهل العالم الاصغر أن يذكروا الله تعالى بعدد أذكار اهل العالم الاكبر حتى تتقابل المرءآتان وينطبق الاجمال والتفصيل فان قلت فهل فى وسع الانسان أن يذكر الله تعالى بهذه المرتبة من الكثرة قلت نعم اذا كان من مرتبة السر بالشهود التام والحضور الكامل كما قال ابو يزيد البسطامى قدس سره الذكر الكثير ليس بالعدد لكنه بالحضور انتهى وقد يقيم الله القليل مقام الكثير كما رى ان عثمان رضى الله عنه صعد المنبر فقال الحمد لله فارتج عليه فقال ان أبا بكر وعمر رضى الله عنها كانا يعدان لهذا المقام مقالا وانكم الى امام فعال احوج منكم الى امام قوال وستأتيكم الخطب ثم نزل ومنه قال امامنا الاعظم ابو حنيفةرحمه الله ان اقتصر الخطيب على مقدار مايسمى ذكر الله كقوله الحمد لله سبحان الله جاز وذلك لان الله تعالى سمى الخطبة ذكرا له على انا نقول قوله عثمان ان ابا بكر وعمر الخ كلام ان كلام من باب الخطبة لاشتماله على معنى جليل فهو يجامع قول صاحبيه والشافعى لابد من كلام يسمى خطبة وهذا مما لا يتنبه له احد والحمد لله على الهامه وقال سعيد بن جبير رضى الله عنه الذكر طاعة الله فمن أطاع الله فقد ذكر ومن لم يطعه فليس بذاكر وان كان كثير التسبيح والذكر بهذا المعنى يتحقق فى جميع الاحوال قال تعالى
{ رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله } والذكر الذى امر بالسعى اليه اولا هو ذكر خاص لايجامع التجارة اصلا اذا المراد منه الخطبة والصلاة امر به اولا ثم قال اذا فرغتم منه فلا تتركوا طاعته فى جميع ما تأتونه وتذرونه { لعلكم تفلحون } كى تفوزوا بخير الدارين، الحاصل ذكروى موجب جميعت ظاهر وباطن وسبب نجات دنيا وآخرتست

از ذكر خدا مباش يكدم غافل كز ذكر بود خير دو عالم حاصل
ذكراست كه اهل شوق رادرهمه حال آسايش جان باشد وآرامش دل

وفى التأويلات النجمية اذا حصلت لكم يااهل كمال الايمان الذوقى العيانى صلاة الوصلة والجمعية والبقاء والفناء فسيروا فى ارض البشرية بالاستمتاع بالشهوات المباحة والاسترواح بالروآئح الفائحة والمراتعة فى المراتع الارضية وابتغوا من فضل الله من التجارات المعنوية الرابحة واذكروا نعم الله عليكم الظاهرة من الفناء من ناسوتيتكم الظلمانية والباطنة من البقاء بلاهوتيته النوارنية لعلكم تفوزون بهذه النعم الظاهرة والباطنة بارشاد الطالبين الصادقين المتوجهين الى الله بالروح الصافى والقلب الوافى قال فى الاشباه والنظائر اختص يوم الجمعة باحكام لزوم صلاة الجمعة واشتراط الجماعة لها وكونها ثلاثة سوى الامام والخطبة لها وكونها قبلها شرط وقرآءة السورة المخصوصة لها وتحريم السفر قبلها بشرطه واستنان الغسل لها والطيب ولبس الاحسن وتقليم الاظفار وحلق الشعر ولكن بعدها افضل والبخور فى المسجد والتبكير لها والاشتغال بالعبادة الى خروج الخطيب ولايسن الابراد بها ويكره افراده بالصوم وافراد ليلته بالقيام وقرآءة الكهف فيه ونفى كراهة النافلة وقت الاستوآء على قول أبى يوسف المصحح المعتمد وهو خير ايام الاسبوع ويوم عيد وفيه ساعة اجابة وتجتمع فيه الارواح وتزار فيه القبور ويأم الميت فيه من عذاب القبر ومن مات فيه اوفى ليلته امن من فتنة القبر وعذابه ولا تسجر فيه جهنم وفيه خلق آدم وفيه اخرج من الجنة وفيه تقوم الساعة وفيه يزور اهل الجنة ربهم سبحانه وتعالى انتهى واذا وقعت الوقفة بعرفة يوم الجمعة ضوعف الحج سبعين لان حج الوداع كان كذلك ذكره فى عقد الدرر واللآلى