التفاسير

< >
عرض

قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦
-الجمعة

روح البيان في تفسير القرآن

{ قل يا أيها الذين هادوا } من هاد يهود اذا تهود أى تهودوا والتهود جهود شدن ودين جهود داشتن وبالفارسية ايشان كه جهود شديد وازراه راست بكشتيد، فان المهاداة الممايلة ولذا قال بعض المفسرين اى مالوا عن الاسلام والحق الى اليهودية وهى من الاديان الباطلة كما سبق قال الراغب الهود الرجوع برفق وصار فى التعارف التوبة قال بعضهم يهود فى الاصل من قولهم انا هدنا اليك اى تبنا وكان اسم مدح ثم صار بعد نسخ شريعتهم لازما لهم وان لم يكن فيه معنى المدح كما ان النصارى فى الاصل من قولهم نحن انصار الله ثم صار لازما لهم بعد نسخ شريعتهم ثم ان الله تعالى خاطب الكفار فى اكثر المواضع بالواسطة ومنها هذه الآية لانهم ادخلوا الواسطة بينهم وبين الله تعالى وهى الاصنام واما المؤمنون فان الله تعالى خاطبهم فى اغلب المواضع بلا واسطة مثل ياايها الذين آمنوا لانهم اسقطوا الوسائط فأسقط الله بينه وبينهم الوسائط { ان زعمتم } الزعم هو القول بلا دليل والقول بأن الشىء على صفة كذا قولا غير مستند الى وثوق نحو زعمتك كريما وفى القاموس الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد واكثر مايقال فيما يشك فيه انتهى.
فبطل ماقال بعضهم من ان الزعم بالضم بمعنى اعتقاد الباطل وبالفتح بمعنى قول الباطل قال الراغب الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب ولهذا جاء فى القرءآن فى كل موضع ذم القائلون به وقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعتقاد فى قولهم انه مظنة للكذب { انكم اولياء الله } جمع ولى بمعنى الحبيب { من دون الناس } صفة اولياء اى من دون الاميين وغيرهم ممن ليس من بنى اسرآئيل وقال بعضهم من دون المؤمنين من العرب والعجم يريد بذلك ما كانوا يقولون نحن ابناء الله واحباؤه ويدعون ان الدار الآخرة لهم عند الله خالصة وقالوا لن يدخل الجنة الا من كان هودا فأمر رسول الله عليه السلام بأن يقول لهم اظهارا لكذبهم ان زعمتم ذلك { فتمنوا الموت } اى فتمنوا من الله أن يميتكم من دار البلية الى دار الكرامة وقولوا اللهم أمتنا والتمنى تقدير شىء فى النفس وتصويره فيها وبالفارسية آرزوا خواستن، قال بعضهم الفرق بين التمنى والاشتهاء ان التمنى اعم من الاشتهاء لانه يكون فى الممتنعات دون الاشتهاء { ان كنتم صادقين } جوابه محذوف لدلالة ماقبله عليه اى ان كنتم صادقين فى زعمكم واثقين بأنه حق فتمنوا الموت فان من أيقن انه من اهل الجنة احب أن يتخلص اليها من هذه الدار التى هى قرارة اكدار ولا يصل اليها احد الا بالموت قال البقلى جرب الله المدعين فى محبته بالموت وافرز الصادقين من بينهم لما غلب عليهم من شوق الله وحب الموت فتبين صدق الصادقين ههنا من كذب الكاذبين اذ الصادق يختار اللحوق اليه والكاذب يفر منه قال عليه السلام
"من احب لقاء الله احب الله لقاءه ومن أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه" قال الجنيد قدس سره المحب يكون مشتاقا الى مولاه ووفاته احب اليه من البقاء اذ علم ان فيه الرجوع الى مولاه فهو يتمنى الموت ابدا