التفاسير

< >
عرض

وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
١٠
-المنافقون

روح البيان في تفسير القرآن

{ وأنفقوا ممارزقناكم } اى بعض ما أعطيناكم تفضلا من غير أن يكون حصوله من جهتكم ادخال للآخرة يعنى حقوق واجب را اخراج نماييد، فالمراد هو الانفاق الواجب نظرا الى ظاهر الامر كما فى الكشاف ولعل التعميم اولى وانسب بالمقام { من قبل أن يأتى احدكم الموت } بأن يشاهد دلائله ويعاين اماراته ومخايله وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام بما تقدم والتشويق الى ما تأخر ولم يقل من قبل ان يأتيكم الموت فتقولوا اشارة الى ان الموت يأتيهم واحدا بعد واحد حتى يحيط بالكل { فيقول } عند تيقنه بحلوله { رب } اى آفريد كار من { لولا اخرتنى } هلا امهلتنى فلولا للتحضيض وقيل لا زآئدة للتأكيد ولو للتمنى بمعنى لو أخرتنى { الى اجل قريب } اى امد قصير وساعة اخرى قليلة وقال ابو الليث ياسيدى ردنى الى الدنيا وابقنى زمانا غير طويل وفى عين المعانى مثل ما اجلت لى فى الدنيا { فأصدق } تاتصدق كنم وزكاة ادا نمايم، وهو بقطع الهمزة لانها للتكلم وهمزته مقطوعة وبتشديد الصاد لان اصله أتصدق من التصدق فأدغمت التاء فى الصاد وبالنصب لانه مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء فى جواب التمنى فى قوله { لولا اخرتنى } { واكن من الصالحين } بالجزم عطفا على محل فأصدق كأنه قيل ان أخرتنى اصدق واكن وفيه اشارة ا لى ان التصدق من اسباب الصلاح والطاعة كما ان تركه من اسباب الفساد والفسق والفرق بين التصدق والهداية ان التصدق للمحتاج بطريق الترحم والهداية للحبيب لاجل المودة ولذا كان عليه السلام يقبل الهدية لا الصدقة فرضا كنت او نفلا وعن ابن عباس رضى الله عنهما من كان له مال يجب فيه الزكاة فلم يزكه او مال يبلغه الى بيت الله فلم يحج يسأل عند الموت الرجعة فقال رجل اتق الله ياابن عباس انما سألت الكفار الرجعة قال ابن عباس رضى الله عنما انى اقرأ عليك هذا القرءآن فقال { ياأيها الذين آمنوا } الى قوله { فأصدق واكن من الصالحين } فقال الرجل ياابن عباس وما يوجب الزكاة قال مائتا درهم فصاعدا قال فما يوجب الحج قال الزاد والراحلة فالآية فى المؤمنين واهل القبلة لكن لاتخلو عن تعريض بالكفار وان تمنى الرجوع الى الدنيا لايختص بالكافر بل كل قاصر مفرط يتمنى ذلك قال بعض العلماء فى الآية دلالة على وجوب تعجيل الزكاة لان اتيان الموت محتمل فى كل ساعة وكذا غيرها من الطاعات اذا جاء وقتها لعل الاولى استحبابه فى اغلب الاوقات ولذا اختار بعض المجتهدين اول الوقت عملا بقوله عليه السلام "اول الوقت رضوان الله" اى لان فيه المسارعة الى رضى الله والاهتمام بالعمل اذ لايدرى المرء أن يدرك آخر الوقت