التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٩
-المنافقون

روح البيان في تفسير القرآن

{ ياأيها الذين آمنوا } ايمانا صادقا { لاتلهكم اموالكم ولا اولادكم عن ذكر الله } فى الصحاح لهيت عن الشىء بالكسر ألهى لهيا ولهيانا اذا سلوت وتركت ذكره واضربت عنه وفى القاموس لها كدعا سلا وغفل وترك ذكره كتلهى وألهاء اى شغله ولهوت بالشىء بالفتح ألهو لهوا اذا لبعت به والمعنى لايشغلنكم الاهتمام بتدبير امورها والاعتناء بمصالحها والتمتع بها عن الاشتغال بذكره تعالى من الصلاة وسائر العبادات المذكرة للمعبود ففى ذكر الله مجاز اطلق المسبب وأريد السبب قال بعضهم الذكر بالقلب خوف الله وباللسان قرآءة القرءآن والتسبيح والتهليل والتمجيد والتكبير وتعلم علم الدين وتعليمه وغيرها وبالابدان الصلاة وسائر الطاعات والمراد نهيهم عن التلهى بها اى عن ترك ذكر الله بسبب الاشتغال بها وتوجيه النهى اليها للمبالغة بالتجوز بالسبب عن المسبب كقوله تعالى { فلا يكن فى صدرك حرج } وقد ثبت ان المجاز ابلغ وقال بعضهم هو كناية لان الانتقال من لاتلهكم الى معنى قولنا لاتلهوا انتقال من اللازم الى الملزوم وقد كان المنافقون بخلاء باموالهم ولذا قالوا لاتنفقوا على من عند رسول الله ومتعززين بأولادهم وعشائرهم مشغولين بهم وباموالهم عن الله وطاعته وتعاون رسوله فنهى المؤمنون أن يكونوا مثلهم فى ذلك { ومن يفعل ذلك } اى التلهى بالدنيا والاشتغال بما سواه عنه ولو فى اقل حين { فاولئك هم الخاسرون } اى الكاملون فى الخسران حيث باعوا العظيم الباقى بالحقير الفانى (قال الكاشفى) مقتضاى ايمان آنست كه دوستى خداى تعالى غالب بود بردوستى همه اشيا تاحدى كه اكر تمام نوال دنيا ومجمع نعم آخرت بروى عرض كنند بنظر در هيج كدام ننكرد

جشم دل ازنعيم دو عالم به بسته ايم مقصود ماز دنيى وعقبى تويى وبس

وفى الحديث "ماطعلت الشمس الا بجنبيها ملكان يناديان ويسمعان الخلائق غير الثقلين ياايها الناس هلموا الى ربكم ماقل وكفى خير مما كثر والهى" وفى الآية اشارة الى كمل ارباب الايمان الحقيقى الشهودى يقول الله لهم لاتشغلكم رؤية أموال اعمالكم الصالحة من الصلاة والزكاة والحج والصوم ولا اولاد الاحوال التى هى نتيجة الاعمال من المشاهدات والمكاشفات والمواهب الروحانية والعطايا الربانية عن ذكر ذاته وصفاته واسمائه وظهوره فى صورة الاعمال والاحوال ومن يفعل ذلك فانما يشغل بالخلق ويحتجب بالنعمة عن المنعم فاولئك هم الخاسرون خسروا رأس مال التجارة وما ربحوا الا الخسران وهو حجاب عن المشهود الحقيقى قال بعضهم فى الآية بيان ان من لم يبلغ درجة التمكين فى المعرفة لايجوز له الدخول فى الدنيا من الاهل والمال الولد فانها شواغل قلوب الذاكرين عن ذكر الله ومن كان مستقيما فى المعرفة وقرب المذكور فذكره قائم بذكر الله اياه فيكون محفوظا من الخطرات المذمومة والشاغلات الحاجبة واما الضعفاء فلا يخرجون من بحر هموم الدينا فاذا باشرت قلوبهم الحظوظ والشهوات لايكون ذكرهم صافيا عن كدورات الخطرات وقال سهل قدس سره لايشغلكم اموالكم ولا اولادكم عن ادآء الفرآئض فى اول مواقيتها فان من شغله عن ذكر الله وخدمته عرض من عروض الدنيا فهو من الخاسرين