التفاسير

< >
عرض

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَلَهُ ٱلْحَمْدُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
١
-التغابن

روح البيان في تفسير القرآن

{ يسبح لله ما فى السموات } من الروحانيات { وما فى الارض } من الجسمانيات اى ينزهه سبحانه جميع ما فيهما من المخلوقات عما لا يليق بجناب كبريائه تنزيها مستمرا والمراد ان تسبيح الاشارة الذى هو الدلالة فتعم ما كل حى وجماد أو تسبيح العبارة الذى هو أن يقول سبحان الله فتعمهما ايضا عند اهل الله وعن بعضهم سمعت تسبيح الحيتان فى البحر المحيط يقلن سبحان الملك القدوس رب الاقوات والارزاق والحيوانات والنباتات ولولا حياة كل شئ من رطب ويابس ما اخبر عليه السلام انه يشهد للمؤذن وكم بين الله ورسوله مما جميع الملخوقات عليه من العلم بالله والطاعة له والقيام بحقه فآمن بعضهم وصدق وقيل ما اضافه الله الى نفسه وما أضاف اليه رسوله وتوقف بعضهم فلم يؤمنوا ولم يسمعوا وتأولوا الامر بخلاف ما هو عليه وقصدهم بذلك أن يكونوا من المؤمنين وهم فى الحقيقة من المكذبين لترجحيهم حسهم على الايمان بما عرفه لهم ربهم لما لم يشاهدوا ذلك مشاهدة عين وعن بعض العارفين فى الاية اى يسبح وجودك بغير اختيارك وأنت غافل عن تسبيح وجودك له وذلك ان وجودك قائم فى كل لمحة بوجوده يحتاج الى الكينونة بتكوينه اياه ابن قلبك ولسانك اذا اشتغل بذكر غيرنا وفى الحقيقة لم يتحرك الوجود الا بأمره ومشيئته وتلك الحركة اجابة داعى القدم فى جميع مراده وذلك محض التقديس ولكن لا يعرفه الا العارف بالوحدانية { له الملك } الدائم الذى لا يزول وهو كمال القدرة ونفاذ التصرف وبالفارسية مروراست بادشاهى كه ارض وسما وما بينهما بيافريد { وله الحمد } اى حمد الحامدين وهو الثناء بذكر الاوصاف الجميلة والافعال الجزيلة وتقديم الجار والمجرور للدلالة على تأكيد الاختصاص وازاحة الشبهة بالكلية فان اللام مشعر بأصل الاختصاص قدم او اخرأى له الملك وله الحمد لا لغيره أذ هو المبدئ لكل شئ وهو القائم به والمهيمن عليه المتصرف فيه كيف يشاء وهو المولىلاصول النعم وفروعها ولوا انه انعم بها على عباده لما قدر أحد على ادنى شئ فالمؤمنون يحمدونه على نعمه وله الحمد فى الاولى والآخرة واما ملك غيره فاسترعاء من جنابه وتسليط منه وحمد غيره اعتداد بأن نعمة الله جرت على يده فللبشر ملك وحمد من حيث الصورة لا من حيث الحقيقة

باغير او اضافت شاهى بود جنان بريك دوجوب باره زشطرنج نام شاه

{ وهو على كل شئ قدير } لان نسبة ذاته المقتضية للقدرة الى الكل سوآء فهو القادر على الايجاد والاعدام والاسقام والابرآء والاعزاز والاذلال والتبييض والتسويد ونحو ذلك من الامور الغير المتناهية قال بعضهم قدرة الله تصلح للخلق وقدرة العبد تصلح للكسب فالعبد لا يوصف بالقدرة على الخلق والحق لا يوصف بالقدرة على الكسب فمن عرف انه تعالى قادر خشى من سطوات عقوبته عند مخالفته وامل لطائف نعمته ورحمته عند سؤال حاجته لا بوسيلة طاعته بل بكرمه ومنته وفى التأويلات النجمية ينزه ذاته المسبحة المقدسة عن الامثال والاضداد والاشكال والانداد ما فى السموات القوى الروحانية وما فى ارض القوى الجسمانية له ملك الوجود المطلق وله الحمد على نعمة ظهوره فى الوجود المقيد وهويته المطلقة قادرة على ظهورها بالاطلاق والتقييد وهى فى عينها منزهة عنهما وهما نسبتان اعتباريتان.